الكلمة الأولى التي تلفظ بها رئيس الأركان المعيّن ايال زامير "القتال". الكلمة الأخيرة التي تلفظ بها رئيس الأركان المنصرف هرتسي هاليفي "القتال". القتال كمصطلح توراتي، يعني هنا "القتل". كتبنا عن اسبارطة على حدودنا. واقعاً انها جهنم على حدودنا، بل وعلى صدورنا...
لا بندقية ترفع في وجه "اسرائيل". لا حجر يلقى عليها. هكذا تحولت غزة الى ركام، وهكذا قتلوا التراب في جنوب لبنان، لتنهال السكاكين على أهل التراب من كل حدب وصوب. الجيش السوري وقد تحوّل الى أنقاض. وها أن مندوب "اسرائيل" لدى الأمم المتحدة داني دانون يتساءل عن "سبب اقتناء الجيش المصري معدات حديثة، رغم عدم مواجهة البلاد أي تهديدات"، اذ اعتبر أن ذلك يدعو الى القلق، اضاف "لقد تعلمنا درسنا... علينا أن ننتظر ما يحدث هناك... وأن نستعد لكل سيناريو".
ولكن متى لم تلتزم السلطات المصرية، وبصورة مطلقة، بأحكام اتفاقية كمب ديفيد، والى حد "خنق" الدور الجيوسياسي لمصر ان في ليبا التي تتفكك، أو في السودان الذي يحترق، وصولاً الى غزة، الابنة الكبرى لمصر، والتي شهدت مذبحة القرن. وها أن دونالد ترامب يريد ترحيل أهالي القطاع الى كل من مصر والأردن. من يتجرأ على رفع الوشاح الأحمر في وجه الثور الأميركي ؟
دول عربية منزوعة السلاح حول الدولة العبرية. وزير المالية بسلئيل سموتريتش يرى ان "الله معنا"، كذلك العالم ، كذلك العرب. في هذه الحال، لماذا لا تقام "اسرائيل العظمى" لا "اسرائيل الكبرى"، ومن المحيط الى الخليج. البداية من تفريغ غزة والضفة من الفلسطينيين. اقامة مستوطنة على الجانب السوري من جبل حرمون، وتوسيع المنطقة العازلة في سوريا حتى درعا والسويداء، وربما حتى دمشق، ناهيك عن التموضع على سلسلة من التلال في الجنوب اللبناني، لتكون نقطة الانطلاق من شمال الليطاني الى شمال الأولي.
تصوروا أن يصل بنا الحال الى الرهان على دونالد ترامب في لجم أولئك الذئاب، ليس شغفاً بنا نحن الكائنات ما دون البشرية، وانما لاستئناف دومينو التطبيع، حينذاك تفتح كل الأبواب أمام شايلوك "الاسرائيلي" بامكاناته الأخطبوطية الهائلة. قناة "فوكس نيوز" تحدثت عن دور آخر لأميركا في الشرق الأوسط يستدعي بالضرورة، دوراً آخر "لاسرائيل" في تفريغ المنطقة العربية والأجيال العربية، حتى من مقتضيات البقاء.
من يعرف اين هي الدولة اللبنانية الآن ؟ واين هي الدولة السورية؟ واين هي الدولة الفلسطينية الآن ؟ اما الضياع أو الارتهان. دومينيك دو فيلبان، رئيس الوزراء الفرنسي السابق، سأل "اذا كان الأميركيون يفعلون بحلفائهم ما يفعلون، ماذا عساهم يفعلون بأعدائهم"؟ محاولة دفنهم وهم أحياء!
باحثون أميركيون يشتكون من "استراتيجية نهش الكلاب" التي ينتهجها دونالد ترامب، دون بلورة رؤية أوركسترالية للعالم. ضربة هنا وضربة هناك. شي جين بينغ، الآتي من الأساطير الآسيوية، أكثر استيعاباً لجدلية التاريخ، ايضاً لجدلية الجغرافيا في العالم. الجنرال جيمس ماتيس، وزير الدفاع في ولاية ترامب الأولى، لا يستبعد "أن نرى التنين في شوارع لوس انجلس". رأى أن التقدم الصاعق للصينيين في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي سيكون بمثابة "اللغة الفلسفية للقرن" ، يؤذن بالزلزال الصيني. في هذه الحال، لن تتغير خارطة الشرق الأوسط وحدها، بل خارطة العالم.
نصيحة ماتيس هو القبول، وقبل فوات الأوان، بقيادة متعددة الأقطاب للكرة الأرضية. هذا لا يغيّر في المسار السياسي أو في المسار الاستراتيجي للشرق الأوسط. ما الفارق هنا بين أن نكون الأداة الأميركية أو الأداة الصينية؟ هذا ما يخيف الباحثين في "اسرائيل". هؤلاء يتخوفون من حدوث أي تغيير بنيوي في المعادلات الاستراتيجية، ان على مستوى الشرق الأوسط أو على مستوى العالم...
من القاع العثماني الى القاع الأميركي. هذه حال العرب. عروش تنتظر وتهتز عند كل خطوة يقدم عليها دونالد ترامب، الذي قد لا يتردد في الاستنزاف المروع للثروات العربية، ليتوقف الزمن أكثر فأكثر على أرضنا.
كلبنانيين، كنا ننتظر أن يتغير شيء ما فينا، بعدما لاحظنا مدى الهمجية "الاسرائيلية" في القتل والتدمير. دائماً بالاستناد الى التأويل الميكانيكي للنص التوراتي، دون التفريق بين اللبناني واللبناني. لا تغيير حتى في قواعد الاشتباك (السياسي)، وانما عودة الى حفر الخنادق، لقطع الطريق على أي خطوة في اتجاه بناء دولة تتفاعل مع ديناميات القرن، لا أن تبقى بالتصدع السياسي والطائفي على تخوم القرون الوسطى.
تصوروا، وعواء الذئاب وراء أبوابنا (من فضلكم اقرأوا ما قاله ايال زامير)، ما زلنا في حلبة الصراع ـ صراع الديكة ـ حول الحقائب، لنكتشف الى أي مدى نحن والغون في الزبائنية السياسية، وفي ثقافة التفاهة. لتذهب حقيبة المال لمن تذهب، ولتذهب حقيبة الخارجية لمن تذهب، ما دمنا كلنا في السلة الأميركية (في قعر السلة الأميركية ).
عالم يتغير، وشرق أوسط يتغير. لسنا أكثر من حجارة بائسة وضائعة على رقعة الشطرنج، لنستعيد رأي عالم السياسة الفرنسي موريس دو فرجيه حول "أزمة الوعي" لدى بعض المجتمعات التي لا تلبث أن تتحول الى حطام. لكننا نصر على تلك الرقصة الأبدبة مع الحطام...
يتم قراءة الآن
-
ضغوط لإجهاض تفاهم سلام مع «الثنائي» حكومياً؟! حرد أرمني ــ سني... «التيار» مُهمّش و«القوات» ترفع السقف المبعوثة الأميركيّة تحمل الى بيروت نتائج لقاء تـرامب ــ نتانـــياهو
-
متى تفكيك سوريا...؟!
-
الحكومة قريبة ... "من يرضى يتمثل ومن يُعارض يخرج" سلام لسائليه : "حطوا السنة بضهري"... وهذا تصوّره للتمثيل المسيحي "القوات" تترقب... و"الإعتدال الوطني " ينتظر لقاء البعريني مع سلام اليوم
-
ما هي حقيقة التطمينات الأميركيّة لإكمال الإنسحاب الإسرائيلي قبل ١٨ شباط ؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:13
ترامب: - الفلسطينيون ليس لديهم بديل سوى مغادرة غزة
-
22:13
ترامب: لا أدعم بالضرورة استيطان الإسرائيليين في غزة
-
22:13
ترامب: أريد أن أرى الأردن ومصر تستقبلان فلسطينيين من غزة
-
22:05
ترامب: - لدينا الحق في منع بيع النفط الإيراني إلى دول أخرى
-
22:04
ترامب: - مستعد لإجراء محادثات مع الرئيس الإيراني
-
22:00
ترامب: لدينا الحق في منع بيع النفط الإيراني إلى دول أخرى