قاب قوسين أو أكثر نصل إلى الرابع عشر من شباط، ليكسو الأحمر واجهات المحلات والمطاعم والمقاهي ويتوج ملكاً على بقية الألوان، ويستعد العشاق في مختلف دول العالم للاحتفال بعيد الحب أو الـ "فالنتاين". بدوره لبنان يحتفل كغيره من البلدان بالحب على طريقته.
ورغم أن عيد الحب يصادف ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، يحتفل اللبناني بهذا اليوم كغيره من بلدان العالم ولكن بشكل محتلف، فالأزمات المتتالية على البلاد وخصوصا بعد عام 2019 بداية الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة المحلية، وجائحة كوفيد 19 والكارثة الكبرى تفجير مرفأ بيروت و أزمة النزوح من دول الجوار، وصولا إلى الحرب المدمرة على البلاد من قبل العدو "الإسرائيلي"، ناهيك بالفراغ في المرافق العامة الذي سبب بانهيار الدولة، فكل ما سبق وغيرها من الازمات لم تتثن أي مناسبة أو قطاع من قطاعات البلاد، مما أدى إلى تراجع الأولويات والاحتفال بعيد الحب.
الجدير بالذكر أن القديس فالنتين"Valentinus" هو قديس روماني من القرن الثالث الميلادي واسمه يعني (القوي أو الصحي)، مشهور بعيد الفالنتين أو عيد الحب أو العشاق، والذي يحتفل باسمه في 14 شباط من كل سنة، والاحتفال بعيد الحب بدأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، حينما حول التجار الأميركيون تقليدا دينيا شعبيا لإحياء ذكرى القديس فالنتين إلى حدث معاصر، فبات عيد "فالنتاين" عبارة عن سهرة صاخبة وعشاء باهظ وقطعة ذهب أو جوال "آخر موديل"، وسباق هدايا نتباهى به عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أما الوردة والمكتوب و"الدبدوب" الأحمر أصبحوا موضة قديمة.
العيد يأتي وسط ظروف قاسية
لكن بعد ارتفاع سعر صرف الدولار الجنوني وانهيار العملة المحلية، أصبح من الصعب على العشاق في لبنان الاحتفال بهذه المناسبة بكل أشكالها، وكأنما اللبناني اللاهث وراء لقمة عيشه المغمسة بالقهر والذل، ممنوع عليه أن يفرح ويحتفل بعيد الحب، شأنه شأن كافة الناس في جميع البلدان، فالعيد هذا العام يأتي وسط ظروف قاسية وصعبة جدا، نتيجة الأوضاع المعيشية المأسوية على مختلف المستويات.
هي ايام تفصل العشاق عن يومهم للاحتفال بعيد الحب، فالكثيرون ينتظرون هذا اليوم للتعبير عن مشاعرهم، فيتلقون الهدايا ويقدمونها، والبعض ينتظر مبادرة ما او يقوم بها، إلا أن البعض لا يعنيه هذا اليوم لا من قريب ولا من بعيد.
شادي هو شاب ثلاثيني يعمل في القطاع العام، أكد بابتسامة ممزوجة بالسخرية، ليقول"لا معنى للاحتفال بعيد الحب وسط هذا النفق المظلم الذي أدخلنا به هؤلاء المتاجرون بالبلاد وسياستهم القائمة على المحاصصة و "النكايات". ويضيف وبريق الأمل يلمع في عينيه "اليوم".
نحن نحيا على أمل أن يستطيع الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام إخراجنا من جهنم إلى الحياة، أليس هذا ما وعدنا وعاهدنا به الرئيس في قسمه؟". وتجاريه زميلته في العمل ناديا التي أكدت أنه "لا دببة ولا باقات ورد وشموع حمراء، حيث أصبح سعرها يناهز راتب موظف، فالأهم تأمين لقمة العيش في ظل الوضع الصعب الذي نعيشه"، مضيفة "لا حاجة للحب إلى الورود والدبب الحمراء، على أمل أن تكون هذه المرحلة قد شارفت على نهايتها، ونعود إلى الوضع الذي كنا عليه قبل الأزمة".
"العيد قد يكون فرصة لرسم الابتسامة، وإعلان التضامن الانساني مع من لا نعرف، وليس فقط مع أولئك الذين نحبهم أو نستند اليهم. فهؤلاء هم أيضا بحاجة إلينا أيضا، واحتضانهم واجب يولد شعورا عظيما بالحب والرضى"، تقول رشا التي قررت مع مجموعة من الأصدقاء أن تترجم الحب بشكل فعلي، بتقديم المساعدات العينية للمحتاجين التي يتم جمعها المتبرعين بهذه المناسبة.
حكاية القديس فالنتين
الجدير بالذكر أنه ليس هناك حكاية حقيقية ثابتة عن هذا القديس حتى الآن، فحكايته تختلف من منطقة إلى أُخرى، لكن الحكاية الأقرب أن فالنتين كان كاهنا مسيحيا، وكان يزوج العشاق المسيحيين فيما بينهم، حيث كان سر الزواج في المسيحية موجودا في ذلك الوقت، ولأن المسيحية كانت ممنوعة في الإمبراطورية الرومانية، فقد كان يعاقب على كل من يمارس أحد أسرار الكنيسة، وبسبب ذلك اعتقلته السلطات الرومانية وحكمت عليه بالإعدام، فاشتهر منذ ذلك الوقت بأنه شهيد الحب والعشاق، لأنه ضحى بحياته لأجل سر الزواج.
ما نعيشه كارثي بالفعل
يصر لبنانيون على الاحتفال بعيد الحب رغم الأزمة الاقتصادية والمالية، فبعضهم اختار تقديم هدايا رمزية تعبر عن المحبة بالإمكانات المتوافرة. ففاديا التي صدمت بالأسعار المرتفعة، قررت أن تقدم لخطيبها هدية من صنع يديها، فحاكت له كنزة من الصوف الأحمر "فأنا لا أملك المال الكافي بعد ان فقدت ما ادخرته في البنك، أجبرنا على تطبيق مقولة الهدية برمزيتها وليس بثمنها، أي وضع وصلنا إليه، ما نعيشه كارثي بالفعل".
"لا شيء يحل مكان الحب"، تقول ثريا مضيفة " لكن رسائل الحب مثل الورد تسعر اليوم بالدولار وبأسعار خيالية، كأن الحب صار حرام علينا في هذا البلد".
وبجولة سريعة على محلات الورود، نلاحظ تفاوت الأسعار بين متجر وآخر، ويرتفع حسب الطلب إلى حد الوصول لـ500 دولار وأكثر، كما العادة بلعبة الاحتكار والاستغلال يوم العيد، حيث يعمد التجار الى الإيحاء بانقطاع الورد كي يرفعوا سعره.
جاد وهو صاحب محل للورود في انطلياس يؤكد أن " شراء الورود أصبح اليوم من الكماليات وللفئة الميسورة من الزبائن، فغالبية الزبائن في عيد العشاق لا يشترون باقة كاملة، وإنما وردة أو وردتين، في حين أن المهاجرين اللبنانيين، هم الأكثر قدرة على الشراء حيث يتصلون ويحوّلون المال المطلوب، لإرسال باقات الورود الى أحبتهم".
الباحث في الشؤون الإحصائية عباس طفيلي أشار إلى "أنه قبل الأزمة، كانت مبيعات الورد في يوم عيد العشاق تصل إلى 1,2 مليون وردة في يوم واحد".
عيد للإنسانية
من جهة أخرى، تحفل مواقع التواصل الاجتماعي بإعلانات عن حفلات غنائية في مختلف المناطق لمطربين في فنادق ومنتجعات سياحية لمناسبة عيد العشاق، لكن غالبيتها تعادل كلفتها على الشخص الواحد ضعف الحد الأدنى للأجور، وبعضها يصل الى 600 دولار للشخص الواحد.
الحب يختصر كل الأعياد وهو عيد للإنسانية، لكن في لبنان كأن الحب أصبح مؤجلاً لزمن آخر بالنسبة إلى العديد من اللبنانيين، في ظل الواقع الأسود المرير، لكن ورغم ذلك سيبقى لبنان واللبنانيين على أمل للخروج من هذا النفق المظلم في الأيام المقبلة، علها تحمل معها الخير، ويعود لبنان إلى الحياة المفعمة بالحب والسلام.
يتم قراءة الآن
-
تعثر ولادة الحكومة... «شياطين» اميركية او عناد داخلي؟ سلام يُجهض توافق عون وبري على «الشيعي» الخامس اورتاغوس في بيروت ومواجهات خطيرة على الحدود الشرقية
-
ترامب يُزلزل الشرق الأوسط
-
صراع قصر اليمامة والبيت الأبيض؟!
-
من يزرع الالغام بوجه العهد؟ عون وسلام يعملان على صيغة غير تقسيمية مقترح ترامب بغزة هدفه التغيير الديمغرافي... ولبنان والاردن الاكثر تضرراً!
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
13:19
أورتاغوس تصل على رأس وفد إلى قيادة اللواء الخامس في البياضة برفقة عدد من ضباط الجيش اللبناني في إطار جولة استطلاعية على الحدود الجنوبية
-
11:39
سقوط شهداء وجرحى من عائلة واحدة جراء إنفجار في أحد المنازل في بلدة طير حرفا الجنوبية
-
11:33
الوكالة الوطنية: الإحتلال "الاسرائيلي" ينفذ أعمال تفجير على مرحلتين في بلدة كفركلا
-
11:22
"الميادين": مدفعية "هيئة تحرير الشام" في ريف القصير تستهدف بلدة جرماش الحدودية
-
11:21
غارة للاحتلال الإسرائيلي استهدفت منطقة تبنا عند أطراف بلدة البيسارية قضاء صيدا
-
10:50
الجنائية الدولية: ندعو الدول الأعضاء والمجتمع المدني وجميع دول العالم إلى الوقوف متحدين من أجل العدالة وحقوق الإنسان الأساسية
![](https://static.addiyar.com/css/images/whatsapp_banner_new.jpg)