المشكلة ليست في انسحاب "اسرائيل" من الأراضي اللبنانية. أي انسحاب حين تبقى في أجوائنا، وتقتل من تشاء من أهلنا؟ المشكلة ـ الأساس في انسحاب "اسرائيل" من بعض الرؤوس اللبنانية. سفير عربي في بيروت قال لمرجع سياسي "الآن، بعدما تلاشت أي امكانية لعودة الحرب، بتنا نخشى على لبنان من "اسرائيل"، أكثر مما كنا نخاف عليه منها أثناء الحرب"!
ثمة طائفة رقم 19 في لبنان هي "الطائفة الاسرائيلية"، غير "الطائفة الموسوية" المدرجة في سجلات النفوس. الخوف من الانفجار الداخلي. وهذا هو الحلم التوراتي. في المزمور 5/29 ـ 6 "صوت الرب يدمر أرز لبنان ، يجعل لبنان يقفز قفز العجل". أمام الملأ قال بنيامين نتنياهو أنه يقوم بما قضت به التوراة. فريق دونالد ترامب يعتبر أن التغيير الحقيقي في الشرق الأوسط يعني فتح كل الحدود العربية أمام الدولة العبرية.
الفريق اياه يعتبر أن السلام بين دمشق وأورشليم بات على قاب قوسين. أحد أركان السلطة في سوريا قال ان الحاق لواء الاسكندرون بتركيا بات جزءاً من التاريخ. غداً التوصيف نفسه لالحاق مرتفعات الجولان بـ "اسرائيل"، ما دامت سوريا قد اصبحت ولاية عثمانية، وما دامت الانكشارية بذلك الكوكتيل العجيب من القادة، قد حلت محل "حماة الديار"، وبثقافة قطع الرؤوس وقطع الأصابع بأمر من الله، الذي تحتار أهو حقاً إله المسلمين أم إله الاغريق او إله الرومان.
يقال لنا في الظل "كل ما يحدث الآن تمهيد لزوال الخط الأزرق (والخط الأحمر) بينكم وبين اسرائيل". كما يقال "ثمة في الداخل من أنيطت بهم مهمة التمهيد السياسي والأمني، وحتى التمهيد السيكولوجي، لتلك اللحظة التي يصبح فيها لبنان تحت الوصاية "الاسرائيلية" الكاملة، بعدما أثبت اللبنانيون على مدى ثمانية عقود عجزهم، اما عن صناعة دولة أو عن ادارة دولة".
لم نكن يوماً، وكما رأى فينا يونس الابن "ها الكم أرزة العاجقين الكون". "ها الكم "اسرائيلي" العاجقين الكون". دونالد ترامب ليس الرئيس الأميركي الأول الذي ينظر الينا والى كل العرب، كفتات طائفي أو كفتات قبلي. من يتصور أن هذا الأوقيانوس العربي (500000000 كائن بشري) بامكانات تكاد تكون أسطورية (النفط والغاز على الأقل) لا موطئ له ولا دور له في القرن. هذا لبنان وهذه سوريا وهذا العراق واليمن وليبيا والسودان، بل كل البلدان وكل العروش العربية، ألا تدار بخيوط العنكبوت؟ يا صاحبي... الخيوط الغليظة.
قبل أيام الاعتداء على نصب الرئيس عماد جوزف عون في مسقطه العيشية الفخورة بابنها الذي اصبح قائداً للجيش (الآن... رئيساً للجمهورية). أول أمس في بلدة سنيا، وفي المنطقة ذاتها (قضاء جزين)، انتزاع تمثال للسيدة العذراء. نعلم أن الأيدي الشريرة، مثل الأرواح الشريرة تنتشر في كل مكان. ولكن يبدو أن الأرواح الشريرة طبقات وطبقات. جهة حزبية وجهت للتو أصابع الاتهام الى حزب الله.
لست مخولاً، ولا الجهة الصالحة للدفاع عن الحزب، لكنني كلبناني وكأي لبناني آخر، أملك كل الصلاحيات للدفاع عن لبنان، في وجه من يرقصون حول كومة الحطب، وأعلم ما أخلاقية الحزب وما حاله الآن، بعد الكوارث المتلاحقة، وفي ضوء تلك التحولات الزلزالية التي حدثت في المشهد الجيوسياسي للشرق الأوسط، ناهيك عن سلسلة الصفقات المرتقبة، من أوكرانيا الى سوريا وغيرهما وغيرهما. أي ساذج يظن أن شخصاً من حزب الله يمكن أن يفكر لحظة كما يفكر الذئاب في "اسرائيل"؟
لطالما قلنا أن المسيحيين هم الاساس في ولادة لبنان، وفي انفتاحه على الحداثة بالمفهوم الغربي للحداثة. ولكن لنعد الى مداولات "سايكس ـ بيكو" ليتبين لنا أن دولنا صنعت مثلما تصنع الأواني الفخارية (هكذا لنظل في حماية الأمبراطوريات وكضحايا لهذه الأمبراطوريات)، ليسوا الأساس فقط. أعطوا للبلاد الوهج الفكري والثقافي، وان كان البعض قد مارس ذلك بشيء من الفوقية، وحتى من العنصرية التي كانت عاملاً من العوامل التي اشعلت الحرب الأهلية (اللاأهلية)، حتى اذا شقت الجمهورية الثانية طريقها الى الضوء، بدت رئاسة الجمهورية وقد خلت من الكثير من صلاحياتها، ليبدو اللاتوازن أو اللاموازاة، بين الصلاحيات وبين المسؤوليات.
لا شك أن المسيحيين عاشوا الصدمة، بغياب القادة التاريخيين في تلك اللحظات التاريخية، ليظهر قادة انخرطوا، كلياً، في اللعبة الطائفية، وليحتدم الصراع، أحياناً، الصراع الدموي، حول من يقود الطائفة. الغريب أن المسيحيين الذي عاشوا تفاصيل، وديناميات، الحداثة الغربية، وجدوا الملجأ في قادة احترفوا التأجيج السياسي، والطائفي، وهم الذين كان يفترض أن يضطلعوا بضبط الايقاع بين الحصان السني والحصان الشيعي في افتراقهما المدمر.
نستذكر قول الفنان الفرنسي موريس جار، حين تناهي اليه صوت فيروز "لتكن استراتيجية هذا البلد استراتيجية القلب". لكننا ما زلنا نتأرجح بين أصحاب السكاكين الطويلة وأصحاب الألسنة الطويلة.
انتزعوا تمثال السيدة العذراء، لكن ما من أيدي شريرة أو أرواح شريرة، تستطيع انتزاعها من قلوب المسيحيين، ومن قلوب المسلمين. لتوحدنا السيدة العذراء، ولكن ليس على طريقة الجنرال فرانكو الذي قال لنا أحد ضباطه، أنه كان يقتل في النهار (حتى أنه قتل غارسيا لوركا)، ومساء يجثو باكياً أمام تمثال للسيدة العذراء!!
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
12:35
بوليتيكو: كييف بحاجة إلى العمل بسرعة مع واشنطن لإبرام صفقة المعادن التي طرحها ترامب، وهجمات ترامب اللاذعة على كييف ليست انحيازا لروسيا بل استياء من رد أوكرانيا على صفقة المعادن.
-
12:34
الكرملين: لا بديل للأمم المتحدة حاليا ولا توجد إمكانية لإنشاء بديل لها، وتقدم البنية التحتية العسكرية للناتو باتجاه روسيا يقلقنا وموقفنا من هذه التصرفات معروف، وإدارة ترامب لم تتخذ موقفا مؤيدا لروسيا.
-
12:34
وزارة الدفاع الروسية: سيطرنا على بلدتي نوفوسيلكا وناديجدينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية
-
12:33
القناة 14 "الاسرائيلية": محكمة "إسرائيلية" تفرض أمر حظر نشر لـ3 أسابيع على التحقيقات الجارية بشأن زرع عبوات ناسفة بالحافلات.
-
12:32
يديعوت أحرونوت: الشاباك يعتقل 3 "إسرائيليين" بينهم يهود بشبهة مساعدة مخربين زرعوا عبوات ناسفة في حافلات أمس
-
12:10
مجلس الأمن الروسي: نوعز بتعزيز مراقبة أنشطة البلدان القادرة على تهديد البنية التحتية تحت الماء وفي الموانئ، ودول الناتو تدرس إجراء عمليات عسكرية في قاع البحر وتطور وثائق قانونية لمثل هذه العمليات، وتهديدات مكثفة تتعرض لها البنية التحتية للموانئ الروسية من الناتو.
