اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


أزعجه كثيراً قوله "لقد وصلت الى قمة جبل الشيخ، وغيّرت الشرق الأوسط"، كاد يعلق "لولانا لعلّق يحيى السنوار جثته على حائط المبكى". في مقالة أخيرة لي سألت "متى يقطع ترامب رأس نتنياهو"؟ الآن، "الاسرائيليون" يطرحون الأسئلة اياها، بعدما قفز الرئيس الأميركي فوق رئيس الحكومة "الاسرائيلية"، وتحدث عن مفاوضات مباشرة مع "حماس".

القناة 14 التي تنطق باسم اليمين "الاسرائيلي" حاولت بكل الوسائل الالتفاف اللغوي حول الحدث. أي غبي بنيامين نتنياهو حين يرى أن دونالد ترامب صورة عن جو بايدن، الذي أدار له نتنياهو ظهره، وألقى كلمة في الكونغرس قال فيها "لولا "اسرائيل" لما كانت أميركا في الشرق الأوسط".

الرئيس الأميركي يفهم العلاقات هكذا "لعبة مصالح"، لا "لعبة ايديولوجيات" ولا "لعبة استراتيجيات". مثلما انتهت مهمة فولودومير زيلينسكي، وكاد يلقي به من النافذة، انتهت مهمة نتنياهو وقد يلقي به في الزنزانة. منعه من مواصلة الحرب في لبنان، وأرغمه على توقيع اتفاق النار في غزة. أكثر من ذلك، نتنياهو أعدّ العدة لعملية عسكرية صاعقة ضد المنشآت النووية الايرانية، ليواجه برفض ترامب الذي لا يرى فيه سوى ذلك الصبي الأحمق، الذي يريد استدراجه الى ما وصفه هنري كيسنجر بـ "المستنقع اللاهوتي"، وبعدما كان الجنرال ديفيد بترايوس قد قال "هناك لا تدري اذا كان التاريخ يمتطي ظهر الشيطان أم أن الشيطان يمتطي ظهر التاريخ".

شخصيتان نرجسيتان لا يمكن أن يلتقيا في غرفة واحدة (غرفة القيادة). ناحوم بارنياع اعتبر أن التفاوض مع "حماس" بمثابة "قرار انهاء الخدمة"، بعدما بات جلياً أن استمرار نتنياهو في السلطة رهن بمواصلة الحروب. ترامب الذي يدرك ما تداعيات المضي في تلك السياسات الهيستيرية، قرأ ما كتبه جوزف ستيغليتز، الحائز نوبل في الاقتصاد ربيع عام 2008، حين تنبأ بالأزمة المالية الكبرى، بعدما تعدت تكلفة الحرب في كل من أفغانستان والعراق الـ 3 تريليونات دولار. آنذاك أبدى الباحث الاقتصادي جون كينيث غالبريث في "وول ستريت جورنال" خشيته من أن "يقع النسر أرضاً ويتحطم"!

"الاسرائيليون" يعلمون أن رؤساء أميركيين فاوضوا "الفيتكونغ" في فيتنام، بالرغم من سقوط عشرات آلاف القتلى الأميركيين، وفاوضوا "طالبان" في أفغانستان، بالرغم من سقوط آلاف الجنود الأميركيين. أما أن يفاوضوا من يقاتل ويقتل "الاسرائيليين" فهذه "لعنة يهوه" تنزل علي دونالد ترامب، الذي مشكلته أنه يعطي الأولوية لـ "أميركا العظمى" على "اسرائيل العظمى". من هنا قول "الحاخام" يهودا غليك "انتظروا سقوط هذا الشرير عن العرش". هل ثمة من رصاصة أخرى توجه الى رأسه ولا تلامس الأذن فقط؟

"اسرائيلياً"، من الأسئلة المطروحة (الأسئلة النارية) "متى يفاوض دونالد ترامب حزب الله"، ولأسباب تتعلق بلبنان وغير لبنان. المعلق العسكري في "هاآرتس" عاموس هرئيل يرى أن الرئيس الأميركي لا يريد تغيير الشرق الأوسط فقط، بل تغيير العالم، وبطريقة لا تمت بصلة الى ما يجول في رؤوس صقور اليمين في الدولة العبرية الذين تحكمهم لوثة "التوراة"، بعدما كان الفيلسوف اليهودي الهولندي باروخ سبينوزا (1632 ـ 1677) قد صاح في وجه الحاخامات "لا تلطخوا وجه الله بالدم".

نتنياهو كان يتوقع أن توجه اليه الطعنة في الصدر من اي جهة أخرى غير دونالد ترامب، الذي سبق وهدد حركة "حماس" بالجحيم. صحيفة "اسرائيل هيوم" قالت "ربما كان علينا أن ننتظر ما هو اشد هولاً"، كما لو أن ونستون تشرشل لم يقل "في الشرق الأوسط عليك أن تتوقع حدوث اللامتوقع ".

هي منطقة قال هيرودوت منذ 2500 عام، انها تقع على خط الزلازل. "اسرائيل" كالآخرين على هذا الخط. ربما هذا ما جعل المؤرخ موريس بن يتساءل اذا كان" يهوه قد اختار لنا هذا المكان للاقامة فيه أم لمعاقبتنا".

الأسئلة المستحيلة باتت اسئلة ممكنة. هكذا من قديم الزمان. الآن سوريا حيث علامات الاستفهام التي لا تحصى. الى متى يستطيع أحمد الشرع، كرئيس لسلطة لا تزال ضبابية الهوية والاتجاه، أن تغض الطرف، بأمر من السلطان العثماني، عن الدبابات "الاسرائيلية" وهي تتقدم أكثر فأكثر نحو دمشق؟

هل نرى دبابات ايال زامير تدخل الى القصر الجمهوري في سوريا، مثلما دخلت دبابات آرييل شارون الى القصر الجمهوري في لبنان؟ الآن، مشكلة الشرع مع تلك المهزلة التي تدعى "فلول النظام". رجاله (رجال الكهوف) يقتحمون بالنيران الأحياء، يقتلون من يقتلون، وينهبون ما ينهبون، للقبض على شخص كان يعمل طباخاً في منزل علي المملوك. على أحد مواقع التواصل اسم الرجل الذي حطمت أعقاب البنادق جمجمته "هذا رجل متخصص في طبخ البابا غنوج لا في طبخ الجثث".

رجب طيب اردوغان يعرف أنه المقصود بالغارات "الاسرائيلية"، لا رجله في سورية. لكننا بتنا نعرف كيف يلعب رأس الثعبان في الظلام. قد يأتي يوم، ولا يجد الاثنان من سبيل لوقف الزحف "الاسرائيلي"، سوى الافادة من تجربة المقاومة في لبنان.

لورنس العرب قال في "أعمدة الحكمة السبعة": "هنا لا تدري من أي باب تدخل ومن أي باب تخرج"، على أمل أن يضيع دونالد ترامب في الشرق الأوسط. لا رهان عليه...

الأكثر قراءة

مذبحة العلويين في سورية مذبحة الشيعة في لبنان؟؟