اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


أكثر ما يحتاج اليه لبنان قبل بدء عملية "الإصلاح والإنقاذ" من قبل الدولة اللبنانية تحرير الأراضي الجنوبية المحتلّة، والنقاط الحدودية التي استُحدثت واحتُلّت أخيراً، وتثبيت الحدود البريّة لمنع استمرار الأطماع "الإسرائيلية" في السيطرة على أجزاء من الأراضي اللبنانية. فمشهد دخول نحو 250 مستوطناً يهودياً متشدّداً الى تلّة العبّاد يوم الجمعة الفائت في 7 آذار الجاري بحجّة الصلاة أمام قبر الحاخام راب آشي، كما يزعمون، الذي يقع عند أطراف بلدة حولا جنوب لبنان بغطاء من عناصر الجيش "الإسرائيلي المحتلّ الرابض هناك، وتحت أنظار لجنة المراقبة "الخماسية"، يُعطي انطباعاً سيئاً لما يمكن أن تشهده المنطقة الحدودية في المرحلة المقبلة، من المزيد من الانتهاكات "الإسرائيلية" الفادحة والتعديات السافرة على السيادة اللبنانية.

فالأمر يستدعي حملة ديبلوماسية مكثّفة، على ما تقول أوساط ديبلوماسية عليمة، بهدف وقف هذه الانتهاكات التي يقوم بها "الإسرائيليون" تحت مسمّيات دينية أو سواها، وطلب تطبيق القرارات الدولية لجهة الانسحاب الكامل للقوّات "الإسرائيلية" من جنوب لبنان وإنهاء مسألة تثبيت الحدود البريّة. فالمعلومات تتحدّث عن إمكان ترتيب زيارات منظّمة ومنسّقة خلال الأسابيع المقبلة الى هذا الموقع الذي يقول اليهود إنّه قبر الحاخام آشي، في حين يقول الجنوبيون إنّه قبر الولي الشيخ العباد. وتذكر بعض الروايات أنّه كان يحتوي على ثلاثة قبور تعود للنسّاك أو العباد الذين كانوا يصلّون في تلك الفترة على تلك التلّة فسُميت بـ "تلّة العبّاد"، أو ربما تعود الى بنات النبي يعقوب، بحسب بعض الروايات التاريخية، وقد بنى "الإسرائيليون" فوقها قبر الحاخام آشي في العام 1949.

ولكن بعد تحرير الجنوب من الإحتلال "الإسرائيلي" في العام 2000، ورسم الخط الأزرق من قبل الأميركي تيري رود لارسن، على ما أضافت، الذي هو خط الإنسحاب وليس خط الحدود الدولية، أصبح من ضمن النقاط التي يتحفّظ عليها لبنان. فقد مرّ الخط الأزرق فوق القبر وقسمه الى قسمين، أحدهما في الأراضي اللبنانية، والثاني في الأراضي الفلسطينية المحتلّة. وبين عامي 2000 و2006، كان "الإسرائيليون" المتشدّدون يزورونه خلسة من الجهة "الإسرائيلية"، وتوقّفوا عن ذلك بعد صدور القرار 1701 الذي وضع حدّاً للأعمال العدائية بعد حرب تمّوز- آب 2006. وعلى مرّ السنوات، إستحدث الإحتلال سياجاً شائكاً فوق القسم المحتلّ من القبر. غير أنّه بعد الحرب الأخيرة، وقرار وقف إطلاق النار، استولى عليه بالكامل وأزال السياج الفاصل. وعاد المستوطنون الى الموقع، ورمّموه على مرأى من "اليونيفيل" التي لديها مركزاً بالقرب منه، ومن لجنة المراقبة المشرفة على تنفيذ الاتفاق المذكور، وبات بإمكانهم زيارة الموقع من الجهتين من دون اي عوائق. ولم يمنعهم أي أحد من تغيير المعالم الجغرافية في المنطقة الجنوبية رغم أنّ هذا يُعتبر انتهاكاً سافراً للسيادة اللبنانية.

وبعد الزيارة الأخيرة لهؤلاء المتشدّدين، أصدر الجيش اللبناني بياناً  أفاد فيه بأنّ دخول المستوطنين لزيارة ضريح يهودي في الأراضي اللبنانية "يندرج في سياق مواصلة العدو "الإسرائيلي" اعتداءاته وخروقاته لسيادة لبنان ما يُمثّل انتهاكاً سافراً للسيادة الوطنية"، و"هو أحد وجوه تمادي العدو في خرق القوانين والقرارات الدولية والاتفاقيات ذات الصلة ولا سيما القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار". وإذ يُتابع الجيش هذا الخرق مع "اليونيفيل" ولجنة المراقبة، كما جرت متابعته سياسياً من قبل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، تقول الأوساط الديبلوماسية، إنّ لا شيء يمنع لبنان اليوم من المطالبة بتثبيت الحدود البريّة مع "إسرائيل".

فإنهاء مثل هذه الانتهاكات، التي قد تتكرّر في الأسابيع المقبلة، تحت ذرائع مختلفة، لن يحصل من خلال الشكاوى الى مجلس الأمن الدولي، أو الى لجنة المراقبة التي تدخل "إسرائيل" ضمنها، على ما أكّدت الأوساط، إنّما من خلال الإسراع في طلب لبنان الرسمي تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، وتثبيت الحدود البريّة بين لبنان و "إسرائيل" وتطبيق الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية. فالذرائع التي كانت تحول دون الترسيم أو التثبيت البرّي، لم تعد قائمة اليوم، وابرزها:

1"-  بات للبنان رئيس للجمهورية بإمكانه عقد أو مواكبة أي اتفاقية دولية والتوقيع عليها.

2"-  أصبح للبنان كذلك حكومة فعلية فاعلة وذات صلاحيات، ما يجعلها تستطيع العمل مع قيادة الجيش على تثبيت حقوق لبنان الحدودية، لا سيما في المناطق والمواقع التي تحاول "إسرائيل" البقاء فيها، بهدف السيطرة عليها لاحقاً.

3"-  تغيّر النظام في سورية، من شأنه أن يُسهّل مسألة “لبنانية” مزارع شبعا التي لا تزال القوّات "الإسرائيلية" تحتلّها بحجّة أنّها سورية.

4"-  نيّة الولايات المتحدة الأميركية بإحلال السلام في الشرق الأوسط، مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، وتعيينه نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس خلفاً للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين. الأمر الذي من شأنه أن يساهم في بدء المفاوضات غير المباشرة مع "الإسرائيليين" لتثبيت الحدود البريّة في أسرع وقت ممكن.

الأكثر قراءة

انجاز التعيينات الامنية الخميس... «تسوية» شقير وعبدالله أنقذتها؟ بري للخماسية: «وطني معاقب» واوتاغوس: مفاوضات الحدود قريبا الحجار يكسر الجمود... والبيطار على مشارف قرارات حاسمة!