هكذا قدم دونالد ترامب سفيره لدى لبنان "رجل أعمال بارز وخبير مالي، يتمتع بسيرة مهنية رائعة في مجال الخدمات المصرفية، وريادة الأعمال والتجارة الدولية". هنا تكتمل صورة الترويكا الأميركية لادارة لبنان: مورغان أورتاغوس لادارته سياسياً، جاسبر جيفرز لادارته عسكرياً، مايكل عيسى لادارته مالياً واقتصادياً.
فارق كبير بين السفير المعين والسفيرة ليزا جونسون في المسار المهني. ديبلوماسية محترفة، بكالوريوس في العلوم السياسية والاقتصادية من جامعة ستانفورد، ماجستير في الشؤون الدولية من جامعة كولومبيا، ماجستيرفي علوم استراتيجية الأمن القومي من كلية الحرب الوطنية، اضافة الى نيلها 7 جوائز للأداء الرفيع في الخدمة الخارجية. الآن لبنان تحت الادارة الأميركية المباشرة.
لسنا الكوكتيل الطائفي فقط، الكوكتيل الأممي أيضاً. الأميركيون على أرضنا، السعوديون و"الاسرائيليون"، كذلك الأتراك والقطريون والفرنسيون والفلسطينيون والسوريون (وعندنا سفير دولة عربية عاشق للشاشات على طريقة عبد السلام النابلسي). كان يقال اننا بحاجة الى عصا سحرية لسوقنا كما الماعز، الآن العصا الغليظة...
لمن اليد الطولى في لبنان؟ السؤال فرضه تحليق الـ"ام. كا" فوق رؤوسنا. وكنا قد قلنا ان الطائرات "الاسرائيلية" تحلق في الأجواء اللبنانية منذ الخمسينات من القرن الفائت. هل يمكن أن يحدث ذلك (ويحدث الآن) في أي بلد آخر في العالم؟ أراض مستباحة، أجواء مستباحة، كائنات بشرية مستباحة.
لكننا جزء من الحالة العربية. أكثر من مرة قلنا كثبان رملية وتذروها الأزمنة. يسرائيل كاتس قال لأحمد الشرع، أثناء تفقده قمة جبل الشيخ الذي كان اللبنانيون والسوريون يفاخرون بأنه رمز لكبريائهم، "كل صباح عندما يفتح الجولاني عينيه في القصر الرئاسي، سيرى الجيش "الاسرائيلي" يراقبه من مرتفعات جبل الشيخ، ويتذكر اننا هنا، وفي جميع المناطق الأمنية في جنوب سورية لحماية سكان الجولان والجليل من اي تهديد منه ومن أصدقائه الجهاديين".
انه النفاق "الاسرائيلي". متى هؤلاء الجهاديون وجهوا رصاصة الى الدولة العبرية؟ بجحافلهم الجرارة يغزون اللاذقية وبانياس وطرطوس لتحريرها من الرجال والنساء والأطفال. هذا هو ذلك النوع (التوراتي) من الاسلام السياسي، ليس فقط ضد أي ثقافة أخرى، ضد أي وجود آخر.
في لبنان، ثمة رجال في السلطة ينددون، ويسعون لوقف الهيستيريا "الاسرائيلية". في سورية قطعاً لا كلمة واحدة ضد "اسرائيل"، التي لا يعجبها عرض رجب اردوغان أن يكون الجنوب السوري لها، دمشق هي هدفهم. سفر اشعيا قال "وتزول دمشق من بين المدن وتصبح ركاماً من الأنقاض". "حاخام" لحكم المدينة ربما أقل همجية من أولئك الفقهاء الآتين من الكهوف، بالفتاوى التي تعود بسورية على الأقل الى العصر الحجري.
قد يكون الرهان سريالياً على الخلاف، لا الاختلاف، بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو. الاتفاق بين أحمد الشرع ومظلوم عبدي، قائد "قوات سورية الديموقراطية"، وبعد المفاوضات الأميركية المباشرة مع حركة "حماس"، ضربة على رأس نتنياهو الذي ما زال يراهن على تفكيك سورية. وها أن السويداء، بعد القامشلي، تمضي في ذلك الاتجاه. في كل الأحوال، سورية دولة منزوعة السلاح، وهذه رغبة اردوغان أيضاً، لا طائرات ولا دبابات ولا صواريخ. شاهدتم الجحافل بتلك الآليات التي غالباً ما يستخدمها المهربون وقطاع الطرق. الغريب أن تلك الادارة تطلب من الدول الأخرى التفتيش على مصانع الأسلحة الكيميائية، دون الاعتراض على الأسلحة النووية "الاسرائيلية". حقاً أي نوع من الحكام هؤلاء؟
ترامب وراء الاتجاه الى حل مشكلة الحدود البرية بين لبنان و"اسرائيل". العودة الى خط الهدنة تعني انتفاء الحاجة الى المقاومة. هل تكفي الضمانات الديبلوماسية التي تخضع للتقلبات السياسية والاستراتيجية، لحماية لبنان من الأرمادا "الاسرائيلية" اذا كنا قد لاحظنا ما قاله رئيس الأركان الجديد الجنرال ايال زامير "أنا هنا لأكون في الخندق"؟
تبعاً للصحف الأميركية، ترامب يريد أن يستعيد الملف الايراني من نتنياهو الذي يريد ايران أيضاً مثل سورية دولة منزوعة السلاح. ولكن أين هي الجمهورية الاسلامية الآن؟ الشروط الأميركية، وكما قال سيرغي لافروف، لا تتعلق فقط بالبرنامج النووي، بل تتعداها الى الشروط السياسية، وضع ايران داخل القفص الأميركي. وكنا قد لاحظنا سكوت مسعود بزشكيان بسبب صراعه مع المحافظين، بلهجة عصبية تجاوزهم بقوله للرئيس الأميركي "لن أتفاوض معك حتى تحت التهديد، افعل ما تشاء".
ماذا باستطاعة ترامب أن يفعل؟ حتماً من يوقف الحرب في الشرق الاوروبي لن يفجرها في الشرق الأوسط، وبعدما انكفأت ايران الى داخل حدودها، ليحل محلها الأميركيون في لبنان وفي العراق، والأتراك و "الاسرائيليون" في سورية، ماذا عن اليمن؟ شظايا قبلية وجغرافية وحتى طائفية ولا أفق...
الانكليزي جوزف هيرست يسأل اذا كان الله يفهم الشرق الأوسط، الذي ضاع فيه حتى الأنبياء. نذكّر بوصف برنارد لويس للمنطقة "عربة عتيقة وتجرها آلهة مجنونة"، الأسوأ أن يجرها... أنصاف الآلهة!!
يتم قراءة الآن
-
عسكريّون وأمنيّون للأوقات الصعبة
-
المعادلة «الاسرائيلية»: التطبيع مع الطوائف اذا فشل مع الدولتين اللبنانية والسورية «أم المعارك» على قانون الانتخابات والاتجاه لصوتين تفضيليين الاستعدادات اكتملت في المختارة لإحياء ذكرى 16 اذار
-
قلق متصاعد بين مسيحيي سوريا: هل بدأ زمن الرحيل؟
-
عون إلى فرنسا: باريس تعيد لبنان إلى الواجهة وسط تحديات كبرى تعيينات المجلس العسكري جاهزة... لقاء دارة ميقاتي: تمركز جديد؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
10:44
البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد: على الدولة توفير السلام والعدالة والاستقرار بواسطة مؤسسات الدولة وهذا ما ينتظره الشعب من الحكومة التي اكتسبت ثقة شعبية ودولية ونلتمس اليوم شفاءنا من نزيف قيمنا
-
09:19
أغارت مسيّرة "إسرائيلية" على سيارة في بلدة ميس الجبل جنوبي لبنان ما ادى الى استشهاد شخص
-
08:44
"فايننشال تايمز": الاتحاد الأوروبي يبحث بناء شبكة أقمار صناعية استخبارية بعد شكوك بالتزام واشنطن بأمن أوروبا
-
08:20
وزارة الصحة في صنعاء: الغارات الأميركية استهدفت مناطق سكنية ولا وجود لثكنات عسكرية أو مخازن أسلحة
-
08:11
وزارة الصحة: استشهاد شخص وإصابة في الغارة التي شنها العدو "الإسرائيلي" على بلدة ياطر جنوبي لبنان فجراً
-
07:54
"سي إن إن" عن مسؤول في البنتاغون: الإجراءات الإضافية ضد الحوثيين ستعتمد على تقييم الأضرار الناتجة عن هذه السلسلة من الضربات
