اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


بالتزامن مع ما يحصل منذ اكثر من اسبوع على الساحل السوري، من اشتباكات ضارية وعمليات إعدام على الهوية للمدنيين التابعين للطائفة العلوية، من ضمنهم نساء واطفال خصوصاً في طرطوس وحماة وحمص وريف اللاذقية، على ايدي قوات الامن التابعين للسلطة السورية الجديدة، الامر الذي أدى الى عملية نزوح كبيرة الى شمال لبنان.

 كما انّ الاجراءات الامنية المشدّدة والمضايقات التي تقوم بها قوات الامن السورية في بلدة معلولا بريف دمشق، أدت أيضاً الى هجرة غير مسبوقة للمسيحيين اكثريتهم الى خارج البلاد، بعد تصاعد وتيرة الخوف من حملات تهديد لسكان البلدة، التي سبق ان عاشت أجواء الخوف والرعب بعد سيطرة "جبهة النصرة" عليها في العام 2013 خلال الحرب السورية، ومن ثم شهدت عملية خطف راهبات دير القديسة تقلا على يد مسلحي" النصرة وتحرير القلمون" استمرت لأشهر.

الى ذلك، افيد بأنّ معلولا باتت شبه فارغة من المسيحيين، بعد الاجراءات الامنية المشدّدة والمضايقات التي يقوم بها عناصر"هيئة تحرير الشام" التابعة للسلطة الحالية، ما شكّل ضربة سياسية قوية للرئيس السوري أحمد الشرع، نسبة الى المعنى الديني والتراثي الذي ينطبق على بلدة معلولا، أقدم  المناطق المسيحية في العالم، التي تضم أديرة وكنائس يعود تاريخها الى العصور الأولى للمسيحية، أبرزها دير مار تقلا ودير مار سركيس وباخوس، واللافت انّ سكانها ما زالوا يتكلمون اللغة الآرامية اي لغة السيد المسيح.

إشارة الى انّ معلولا عانت الكثير على مدى فترات من الحرب السورية، جرّاء تدنيسها من قبل الارهابييّن الذين عاثوا فساداً في بلدة القداسة، تحت خطابات دينية فاسدة وطائفية، ومنذ أيام عادت الى جراحها على مدى أنظار العالم الصامت، امام كل ما يجري من قتل وتنكيل وإجرام وتهجير مفتعل، ما يطرح تساؤلات حول صمت المجتمع الدولي والكنيسة بشكل خاص، حيال ما يحدث من تدنيس لأرضها، وما سيتبع ذلك من سياسة ممنهجة لإفراع المناطق الدينية وقلب المعادلة الديموغرافية.

في السياق، كان لافتاً يوم أمس تعليق النائب السابق إميل رحمه على حسابه عبر منصّة "إكس" حيث كتب:"معلولا بلا مسيحيين جريمة لا تُغتفر، ووصمة عار لا تُمحى الى أبد الابدين، لانها عاصمة المسيح الناطقة بلغته، والسلطة السورية الجديدة امام الامتحان، والا ستكون علامة من علامات آخر الازمنة".

في غضون ذلك، ثمة سؤال يتكرّر حيال ما يحدث في بعض الدول العربية، لماذا يتم دائماً الزج بالمسيحيّين في صراعات المنطقة؟ وفي هذا الاطار يشير مصدر كنسي لـ" الديار" الى انّ الوجود المسيحي بات مهدداً اليوم اكثر من اي وقــت مضى، اذ يعيش المسيحيون في الشرق حالة خوف على مستقبلهم فيدفعون دائماً الثمن، خصوصاً ان المسيحييّن إعتادوا العيش بسلام، مما أتاح الفرصة للمتطرفين لتنفيذ مهامهم، واستهداف المخالفين لهم في العقيدة، بعمليات القتل أو الترحيل القسري من أماكنهم".

 ودعا المصدر المجتمعات الدولية الى التحرك بدل إطلاق الشعارات فقط، خصوصاً ان المسيحية العربية تواجه اليوم خطراً وجودياً في سورية وفلسطين والعراق وغيرها من الدول، ورأى بأن هجرة المسيحيين مشهد يتكرّر كل فترة،  فإذا به يصبح اليوم مصدر قلق، لأن الأرض التي نشأت عليها المسيحية تفرغ شيئا فشيئاً من مؤمنيها، ومن هنا يجب العمل للحدّ من نزيف هذه الهجرة، لان عنوان "الوجود المسيحي في الشرق" يطرح سؤالاً يتردّد بقوة حول مستقبل هذا الوجود، بفعل انعدام الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي الناجم عن تنامي التيّارات الأصولية.

 

الأكثر قراءة

لبنان تحت المجهر الدولي... قرارات حاسمة في الأفق حرب الساحل السوري تنعكس توترا في طرابلس ــ عكار ــ الهرمل ــ القصير