"سأعمل على إقرار مشروع قانون اللامركزية الإدارية الموسعة بما يخفف من معاناة المواطنين ويعزز الانماء المستدام والشامل" عهد قطعه الرئيس العماد جوزاف عون إضافة إلى أكثر من 23 تعهدا قطعها في خطاب القسم، التي إن طبقت قهي تصب في مصلحة الوطن والمواطن.
اللامركزية هي إحدى الأدوات الأساسية لإنعاش المناطق وتأمين الخدمات للسكان، فقد تكون المركزية الشديدة التي يعاني منها لبنان منذ عقود وتحديدا في الإدارة والخدمات، إحد الانعكاسات السلبية التي جعلت من مناطق الأطراف مهمشة ينهشها الحرمان والإهمال، حيث تلعب المركزية الإدارية دوراً أساسياً في تكثيف الموارد في العاصمة بيروت، وتشكل ضرباً للتنمية المتوازنة، وهي أحد مصادر الظلم الذي تتعرض له الأطراف، بحيث تغذي التمييز المناطقي وتسمح بتنامي الفروقات الطبقية المتطرفة.
وتشير اللامركزية في سلسلة الكتل إلى نقل التحكم واتخاذ القرارات من كيان مركزي (فرد أو مؤسسة أو مجموعة منها) إلى شبكة موزعة. تسعى الشبكات اللامركزية إلى تقليل مستوى الثقة التي يجب على المشاركين وضعها في بعضهم، وردع قدرتهم على ممارسة السلطة أو التحكم في بعضهم بطرق تؤدي إلى تدهور وظائف الشبكة.
الخبير في الحوكمة والسياسات العامة وممثل المنظمة الدولية للتقريرعن الديمقراطية في لبنان، الدكتور أندريه سليمان أكد أن "تطبيق اللامركزية الإدارية ضرورة لإصلاح النظام الإداري في لبنان وخصوصاً أن هناك إجماعا شعبيا على ضرورتها" وأضاف "اللامركزيّة تعمل على تحديد الأدوار والمسؤوليات بوضوح للسلطات المحلية، ما يتيح لها إدارة الخدمات وتحقيق التنمية المحلية بمعزل عن التعطيل الحكومي أو الأزمات السياسية على المستوى الوطني، إضافة إلى أن تطبيق اللامركزيّة، فإن مراكز القرار تتوزع ويصبح لكل منطقة إدارتها الخدماتية والتنموية، مما ينعكس إيجابا على القرى والمناطق النائية، وبخاصة على القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة والاقتصاد غير المديني".
مصادر مطلعة أكدت أن الحاجة الى تطبيق اللامركزية اليوم هي "حاجة يومية في تدبير شؤون الناس ضمن مناطق سكنهم وعيشهم، ولا سيما في ظل الظروف الضاغطة، إن كان على صعيد الكهرباء أو الماء أو غيرهما من مقومات الحياة".
يذكر أن اللامركزية الإدارية الموسعة ليست بجديدة فهي ذكرت كإصلاح أساسي في "وثيقة الوفاق الوطني" المعروفة باتفاق الطائف عام 1989، إلا أن الحكومات المتعاقبة منذ ذلك التاريخ إلى اليوم لم تقم باي خطوة جدية من أجل تطبيق اللامركزية، فبعد انقضاء أكثر من عقدين على إقراره ما زال مشروع اللامركزية الإدارية حبراً على ورق "يلفّ ويدور" حول نفسه، دون أي تقدم.
وشدد سليمان على أهمية تطبيق اللامركزية كونها "وردت في اتّفاق الطائف، إضافة إلى أن هناك قانونا متكاملا وضع العام 2014 وامتدت مناقشته في المجلس النيابي حتى العام 2019، ما يعني وجود تراكم من الدراسات والجهود حول هذا الموضوع".
الجدير بالذكر أن أخر المحاولات الجدية نحو إقرار مشروع اللامركزية الإدارية أو محاولة البحث فيه، كانت في عهد الرئيس ميشال سليمان عام 2012، حين أصدر حينها رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي قراراً حمل الرقم (166) شكّل بموجبه لجنة لإعداد مشروع قانون لتطبيق اللامركزية الإدارية برئاسة وزير الداخلية والبلديات السابق زياد بارود.
تعتبر اللامركزية في وقتنا الحاضر، من الأُسس التي تقوم عليها الدول الديمقراطية الحديثة ونظاماً إدارياً لتسيير شؤون المواطن بعيداً عن البيروقراطية ، فمن خلالها تتوزع الوظيفة الإدارية.بين الجهاز المركزي والوحدات الإدارية الأخرى عبر مجالس منتخبة، هذا ما أكد عليه المحامي الدكتور سلام عبد الصمد مضيفاً " من الملح اليوم تطبيق اللامركزية الإدارية لما لذلك من انعكاسات ايجابية على الوطن والمواطن، ولاسيما في الظروف الاقتصادية والمالية التي يمر بها لبنان".
تجدر الإشارة إلى أن المركزية الإدارية هي تركيز وتكاثف السلطة في مركز معين (دولة، فئة، أشخاص) حيث تدار كافة الشؤون الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من هذا المركز الذي يكون هرميا بالضرورة، ولا يمكن للمستويات الإدارية الأخرى أن تتصرف إلا بناءً على أوامر وتعليمات المركز، حيث صلاحيات اتخاذ القرار محصورة في أشخاص أو مؤسسات محدودة تمارس المركزية في الدول عن طريق جهاز رئاسي وحكومي مضبوط بشكل صارم، وأي قرار مهماً كان بسيطاً يخضع لرقابة وموافقة المركز حصراً، أما الدستور هو الآلة القانونية التي تشرع هذه الممارسات.
وأشار عبد الصمد إلى أن اعتماد اللامركزية الإدارية، لا يعني بأيي شكل من الأشكال كما يروج البعض، أنه فيدرالية أو تقسيم مقتع؛ بل هو خطوة تنظيمية إدارية للدولة، تهدف لراحة المواطن وهي أكثر عدالة في جوانب كثيرة، وتستند إلى الديمقراطية الحديثة والمعتمدة في الكثير من الدول الراقية، ويجب أن تستند ولا سيما في لبنان إلى الكثير من التوعية الوطنية لخلق أجيال، تدين بالولاء والانتماء للوطن وروحية انتماء الوطن بعيدة عن أفكار التقوقع والتعصب والانطوائية، بكل مفاهيمها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها".
يشار إلى أن البيروقراطية الإدارية (Management Bureaucracy): مصطلح يشير إلى وجود نظام إداري معقد يميّزه وجود الكثير من العمليات والإجراءات التي صُممت لاحترام الضوابط المؤسسية والامتثال لها، و تقوم البيروقراطية على العديد من الإجراءات الإدارية المعقدة، وينتج عنها خفض الإنتاجية، زيادة التكاليف على الأعمال، تشجيع الفساد، الإحباط النفسي، انعدام ثقة المواطنيين بحكوماتهم، وصولًا إلى عرقلة الإبتكارات، والتسبب باضطربات سياسية واجتماعية.
وأشار تقرير البنك الدولي إلى أن الدول ذات المستويات العالية في البيروقراطية والفساد، قد تخسر ما بين 5% إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
ولتطبيق اللامركزية الإدارية تأثيرات على النظام اللبناني قد تشمل تعزيز المشاركة المحلية في صنع القرار وإدارة شؤونه، مما يعزز الشفافية والمسؤولية، وتحسين الخدمات المحلية وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين بشكل أفضل، كما وقد تقلل اللامركزية من التوترات السياسية على المستوى الوطني، حيث يمكن للمجتمعات المحلية أن تتخذ القرارات الخاصة بها دون الحاجة إلى التدخل المركزي، إضافة إلى تعزيز التنمية المستدامة من خلال تكامل القرارات على المستوى المحلي مع الاحتياجات والظروف المحلية.
ولكن امام كل هذه التأثيرات والإيجابيات في حال تطبيق اللامركزية في لبنان هناك عقبات تقابلها لا تقل عن التأثيرات وقد تمنع اعتماد اللامركزية في لبنان نذكر منها النظام طائفي في توزيع السلطة، وقد تظهر تحديات في توزيع الموارد بشكل عادل بين المناطق المختلفة، التحديات المالية والاقتصادية، وقد يتطلب تحقيق اللامركزية تحسينا كبيرا في إدارة القطاع العام والتصدي للفساد وغيرها من المعوقات والتحديات.
تحقيق اللامركزية الإدارية يعد مطلبا ثابتا منذ تسعينيات القرن الماضي، فمعظم السياسيين والمعنيين بالإصلاح الإداري في البلاد أبدوا رغبتهم في إصلاح نظام الدولة الإداري والسياسي من خلال تحقيق اللامركزية الإدارية وإعطاء السلطات المحلية مزيدا من الصلاحيات والمسؤوليات في إدارة شؤونها الخاصة وتقديم الخدمات العامة التي تستجيب لحاجات أهالي المناطق وأولياتهم، لكن وللأسف الشديد وضع مشروع اللامركزية في "الجارور" منتظرا عله يبصر النور، فاللامركزية تحتاج حكماً الى سلطة مركزية قوية وفاعلة، معادلة يفترض أن يطبقها أي بلد يريد فعلاً الحفاظ على مؤسساته وكيانه، فلا الأولى تلغي الثانية، ولا الثانية تصادر إمكانيات الأولى، فهل سيخرج المشروع من "الجارور" ويبصر النور في العهد الجديد؟
يتم قراءة الآن
-
سلام يخسر الكباش الاول مع عون : سعيد حاكما للمركزي رئيس الجمهورية يضع النقاط على الحروف قبل لقاء ماكرون ضمانات سعودية لتنفيذ التفاهمات الامنية بين لبنان وسوريا
-
أوراقنا المحترقة في وجه "إسرائيل"
-
ما يُرسم ويُخطط لوجود النازحين في لبنان له علاقة بالوضع الديموغرافي كما في التوظيف السياسي والأمني
-
كيف علق البيت الأبيض على تعيين كريم سعيد حاكماً لمصرف لبنان؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:01
رويترز عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب: سأفرض قريبا رسوما جمركية على قطاع الأدوية، وسأكون مستعدا لإبرام صفقات بشأن الرسوم الجمركية.
-
22:36
وسائل إعلام تابعة للحوثيين: 66 غارة استهدفت صنعاء ومحافظات يمنية منذ فجر اليوم.
-
22:36
تعيين الشيخ أسامة الرفاعي مفتيا عاما في سوريا.
-
22:33
وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين وغربيين: عملية الجيش اللبناني بطيئة بسبب حجم ترسانة حزب الله، وجيش لبنان أزال منصات صواريخ وأسلحة لحزب الله جنوب الليطاني.
-
22:32
وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين وغربيين: مسؤولون بإدارة ترامب محبطون لبطء تنفيذ اتفاق انتشار الجيش اللبناني جنوبا.
-
22:31
الرئيس جوزاف عون عاد والوفد المرافق إلى بيروت قادماً من باريس حيث أجرى محادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
