اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

«لقاء تاريخي» و«بنّاء» بين ترامب وزيلينسكي... باتجاه وقف دائم للنار


فتح البابا فرنسيس في جنازته الباب جدياً أمام السلام بين روسيا وأوكرانيا! فهو جمع ما كان يصعب جمعه مؤخراً في جو من الهدوء والحوار والتلاقي بين كبار المسؤولين في العالم، في غياب لافت للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

اجتماعات عديدة حصلت قبل وبعد جنازة الأب الأقدس. وهي لم تكن على أجندة أي من الرؤساء المشاركين في جنازته.

دفن البابا فرنسيس «منتج» و»يُبنى عليه»! فاللقاء «المفاجأة»، وغير المخطط له، بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب وبين الرئيس الاوكراني فلودومور زيلينسكي «Tête à tête» قبل دقائق من بداية الجنازة الرسمية، وعلى بعد أمتار من جثمان البابا فرنسيس المسجى في ساحة الفاتيكان، تحول الى لقاء «تاريخي» بحسب توصيف الرئيس الأوكراني زيلينسكي!

فقد فتح الرئيس زيلينسكي، خلال هذا اللقاء، الباب أمام احتمال التوصل الى وقف جدي للنار على الجبهة مع روسيا، والباب لبدء محادثات سلام معها، من دون شروط مسبقة! اللقاء مع الرئيس الأميركي ترامب بدأ بانضمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «على الواقف»، وفي غياب رئيسة الحكومة الايطالية جورجيا ميلوني.

وقد كان الرئيس ترامب قد عبّر صراحةً في الآونة الأخيرة أنه أقرب الى الرئيس فلاديمير بوتين منه الى الرئيس زيلينسكي.

ترامب كان قد اتهم، ويتهم، زيلينسكي أنه هو «المسؤول» عن الحرب، وهو المسؤول عن استمرارها! ويعتبر ترامب أيضاً أوكرانيا ضعيفة ويجب أن تستسلم في النهاية. وذلك، بعكس موقف الرئيس الأميركي السابق جو بايدن. فترامب يعتبر أنه ليس هناك توازن في القوة العسكرية بين أوكرانيا وروسيا.


المحادثات في روسيا على وقع قصف كييف والخلاف على القرم!

كورسك عادت روسية! وهذا انتصار روسي عسكري «تاريخي» بحسب الكرملين! فالهجوم الروسي المفاجأة حقق انتصاراً كبيراً باستعادة الأراضي الروسية. أوكرانيا تصر من جهتها أنها ما تزال تسيطر على بعض النقاط فيها.

موسكو كانت قد قصفت كييف بقوة في الفترة الأخيرة. وأوقعت بها خسائر كبرى في الأرواح.

في موسكو، اللقاء الرابع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وموفد الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف كان مثمراً أيضاً. فالرئيس بوتين قد قال أيضاً من جهته لويتكوف استعداده للحوار من دون شروط مسبقة!

وأهمية هذه اللقاءات هي في أنها تحضر لأرضية السلام. وهي قد تسهم في لقاء مباشر بين الرئيسين بوتين وزيلينسكي، وإن كان الأمر يبدو صعباً.

ترامب يريد عودة السلام بقوة. ويريد الحد من الخسائر البشرية. ويريد الذهاب الى اتفاقات اقتصادية كبيرة مع روسيا. حتى ولو كانت بعض النقاط ما تزال عالقة، وأبرزها جزيرة القرم! فالقرم تعتبرها روسيا أنها روسية، في حين تريد أوكرانيا استردادها. وهو أمر يعتبر مستحيلاً في الظروف الحالية، سياسياً أو عسكرياً!

«لقاء شخصي»، أي غير رسمي، هكذا وصف البيت الأبيض لقاء ترامب مع زيلينسكي. وهو إن لم يكن أرسى السلام بعد، إلا أنه يبدو أنه أكثر من محطة عادية. وهو أقرب الى محطة الوصول! وهو يؤدي حكماً الى تقارب جديد، والى تحسين العلاقة بين الرجلين بهدف محاولة إرسال رسالة إيجابية للرئيس بوتين.

لم يعلق الرئيس بوتين بعد على اللقاء، أو على نتائج اللقاء، بين ترامب وزيلينسكي. ولكنه بالتأكيد سيتمسك بمواقفه الأساسية التي يعرفها الجميع! فروسيا، بالتأكيد، لا تريد الحلف الأطلسي على حدودها. وهي لذلك ما تزال تصر على رفض انضمام أوكرانيا اليه، بمعزل عن جدية، أو عدم جدية، دور الحلف في الحروب الأخيرة في العالم!


حركة أوروبية غير مخطط لها!

لقاء ترامب زيلينسكي جاء، قبل أن يلتقي الرئيس ماكرون أيضاً بعد الجنازة، ومن خارج البرنامج، الرئيس زيلينسكي، في حديقة السفارة الفرنسية في روما. في حين كان الرئيس ماكرون قد أعلن قبل التوجه الى دفن البابا فرنسيس عدم إقامة أي حوار سياسي خلال رحلته الى الفاتيكان. وقد انضم رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر الى اللقاء، بحسب المصادر الفرنسية.

ألمانيا من جهتها، تغيب بعض الشيء. إذ تحضر لاستقبال مستشارها الجديد فريديريك ميرز، الذي سيخلف أولاف شولتز. في حين أن الإتحاد الأوروبي يحاول التحرك لحجز مقعد له على خارطة الأحداث! وكان من المتوقع أن تلتقي رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بكل من الرئيس ترامب والرئيس زيلينسكي على هامش دفن البابا فرنسيس!

الرئيس الأميركي ترامب يعود الى نيويورك لكي يلعب الغولف، وكأنه يعتبر أنه قد خطا خطوة جدية باتجاه السلام.

وفي طريق العودة الى الولايات المتحدة عبّر الرئيس ترامب عن مواقف مخالف للأجواء السائدة! فتحدث على تويتر عن شكوكه في نوايا بوتين وتلميحه بفرض عقوبات جديدة على روسيا! ومع ذلك، فإن الأجواء الإيجابية للديبلوماسية تبقى هي الغالبة!

أما البابا فرنسيس، محب الفقراء والسلام، والذي سعى دائماً الى السلام. ونجح بفتح باب السلام في جنازته ودفنه، فهو يستطيع الآن أن يرقد بسلام ويعود الى منزل الآب!

* كاتب وخبير في الشؤون الدولية


الأكثر قراءة

الرئيس عون الشيخ نعيم و... يلتقيان