اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يعتبر الفُصال العظمي أحد أكثر أمراض المفاصل المزمنة شيوعا، وهو يصيب بشكل خاص كبار السن، ولكن يمكن أن يظهر أيضا في أعمار أصغر نتيجة لعوامل متعددة. يتمثل هذا المرض في تآكل تدريجي للغضروف المفصلي، وهو النسيج الذي يغطي نهايات العظام داخل المفصل، مما يؤدي إلى احتكاك العظام بعضها ببعض، ويسبب ألما وتيبسا وتورما في المفصل المصاب. وتُعدّ الركبة من أكثر المفاصل عرضة لهذا النوع من الالتهاب، بسبب الوزن الكبير الذي تتحمله والحركة المستمرة التي تؤديها.

تبدأ أعراض الفُصال العظمي في الركبة تدريجيًا، وغالبًا ما يشعر المصاب بألم خفيف عند المشي أو صعود الدرج. ومع مرور الوقت، يزداد الألم حدة، ويصبح دائمًا حتى في وضعية الراحة، مصحوبًا بصعوبة في ثني الركبة أو مدّها بشكل طبيعي. كما قد تظهر أصوات "طقطقة" عند تحريك المفصل، إلى جانب انتفاخ واضح وتيبس صباحي يستمر لعدة دقائق بعد الاستيقاظ.

هذا ويؤثر الفُصال العظمي في الركبة بشكل مباشر في جودة حياة المريض، إذ يُقيد الحركة، ويُحد من القدرة على ممارسة الأنشطة اليومية مثل الجلوس، الوقوف لفترات طويلة، المشي لمسافات قصيرة أو حتى النوم دون ألم. كما يُحدث تغيرات في شكل الساقين نتيجة لتآكل الغضروف، مما يؤدي إلى انحناء المفصل أو انحراف المحور الطبيعي للساق، الأمر الذي يزيد الضغط على أجزاء معينة من الركبة، ويُسرّع من تفاقم الحالة.

وتتعدد أسباب الإصابة بالفُصال العظمي في الركبة، ومنها التقدم في السن، والسمنة، والعوامل الوراثية، وإصابات الركبة السابقة، أو الإفراط في استخدام المفصل بسبب النشاط الرياضي المفرط أو المهن التي تتطلب وقوفًا طويلًا أو حمل أثقال. وتؤدي السمنة دورًا محوريًا، حيث يزيد كل كيلوغرام زائد من الوزن من الضغط على مفصل الركبة، ويُضاعف خطر الإصابة.

من الناحية العلاجية، يتفاوت التدخل وفقًا لدرجة تآكل المفصل وشدة الأعراض التي يعاني منها المريض. في المراحل المبكرة من الفُصال العظمي، يمكن التخفيف من الأعراض وتحسين وظيفة الركبة بشكل كبير من خلال اتباع نمط حياة صحي. ينصح بفقدان الوزن، إذ إن الوزن الزائد يضع ضغطًا إضافيًا على مفصل الركبة ويساهم في تدهور الحالة. كما يُعد الحفاظ على وزن مثالي خطوة مهمة للمساعدة في تخفيف الألم وتحسين القدرة على الحركة.

بالإضافة إلى ذلك، تعد ممارسة التمارين الخفيفة جزءًا أساسيًا من العلاج، حيث تساهم في تقوية عضلات الفخذ والساقين، مما يقلل من الضغط الواقع على مفصل الركبة. يمكن للتمارين مثل السباحة، التي تقلل من تأثير الوزن على المفصل، وتمارين المقاومة التي تقوي العضلات دون التأثير الكبير في المفصل، أن تساعد بشكل كبير في تخفيف الأعراض. يُفضّل أن يتم الإشراف على هذه التمارين من قبل مختص في العلاج الفيزيائي لضمان أدائها بشكل صحيح وآمن.

أما بالنسبة للأدوية، فتُستخدم الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية ومسكنات الألم لتخفيف الأعراض والتخفيف من الالتهابات التي تحدث في المفصل. في بعض الحالات، قد يلجأ الأطباء إلى حقن داخل المفصل مثل الكورتيزون، الذي يساعد في تقليل الالتهاب والألم، أو حمض الهيالورونيك، الذي يساعد في تحسين حركة المفصل وزيادة تزييته، مما يقلل من الاحتكاك ويحسن الراحة للمريض.

لكن في الحالات المتقدمة التي يُصبح فيها العلاج التحفظي غير كافٍ لتخفيف الأعراض أو تحسين الوظائف، قد يتطلب الأمر التدخل الجراحي. في بعض الحالات، قد يُجري الأطباء جراحة تنظير المفصل، التي تُعدّ إجراءً بسيطًا نسبياً لتنظيف المفصل وإزالة الأجزاء المتضررة من الغضروف. أما في الحالات التي يصل فيها التآكل إلى مرحلة متقدمة، حيث يتضرر المفصل بشكل كبير، فقد يُنصح بالاستعانة بجراحة استبدال الركبة، حيث يتم استبدال المفصل التالف بمفصل صناعي. هذه الجراحة تُعيد القدرة على الحركة بشكل كبير وتُحسن نوعية الحياة بشكل ملحوظ، وتُساعد المريض على استئناف نشاطاته اليومية.

 

الأكثر قراءة

لماذا آثر نصرالله أن يستشهد ؟