اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


القراءة العامة للمرحلة الاولى من الانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان، تؤكد حقيقة يجمع عليها كل الاطراف والقوى السياسية، هي نجاح العهد في بداية ولايته في اجراء هذا الاستحقاق البلدي الانمائي والديموقراطي بمرونة وسلاسة، من دون حصول اي اشكالات تذكر، رغم حماوة العملية الانتخابية التي شهدتها بلدات عديدة في مختلف المناطق .

ويشكل هذا الانجاز رسالة مهمة للعهد الى الداخل والخارج، بان لبنان وضع على سكة التعافي، كما عبر رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون امس .

ووفقا لما سجل في انتخابات جبل لبنان ، يشهد الجميع للجهود ولحسن سير العملية الانتخابية، باشراف مباشر وناشط من قبل وزير الداخلية العميد احمد الحجار، وللجيش والقوى الامنية التي مارست دورها كاملا بكل اقتدار، في سلامة وتأمين هذه الانتخابات من حوادث تذكر .

وعلى صعيد قراءة نتائج هذه الانتخابات، يؤكد مصدر سياسي ان المبالغة في الاعتماد عليها، لتقدير احجام القوى والاحزاب مسألة في غير محلها، نظرا الى تداخل العامل السياسي والعائلي فيها بشكل كبير. كما ان تجاوز هذه النتائج وعدم التدقيق في ارقامها، هو ايضا امر في غير محله .

وبغض النظر عن الاختلاف بين عوامل وعناصر الانتخابات البلدية والنيابية ، فإن نتائج انتخابات جبل لبنان تعكس حقيقة حجم القوى السياسية بنسبة لا تقل عن الخمسين في المئة، يمكن اخذها بعين الاعتبار لوضعها في حسابات معركة الانتخابات النيابية في ايار من العام المقبل .

من ربح ومن خسر في انتخابات جبل لبنان ؟ يرى مصدر نيابي ان العامل العائلي أدى دورا كبيرا في هذه الانتخابات ، لكن هذا لا يعني ان العامل السياسي لم يؤد دورا مهما وموازيا في المعارك التي جرت، لا سيما في العديد من البلدات الكبرى والمتوسطة وحتى الصغرى.

ويتوقف المصدر عند المفاجآت التي سجلت على صعيد نتائج الانتخابات في العديد من البلدات على عكس التوقعات .ويلاحظ انه فور اقفال الصناديق وبدء ظهور النتائج، سارعت الاحزاب والقوى السياسية الى تبني الفوز في هذه البلدة او تلك، على عكس ما كانت تلجأ اليه قبل العملية الانتخابية بوقوفها خلف العائلات لاستدراك اي خسارة محتملة، وبالتالي النأي بنفسها عن مثل هذه النتيجة .

وفي القراءة العامة لنتائج جبل لبنان يمكن استخلاص ما يأتي :

١-  تمكن حزب "القوات اللبنانية" من تأكيد حجمه الذي حققه في الانتخابات النيابية في الشارع المسيحي في هذه المنطقة. ونجح في الاعتماد على التحالف مع القوى العائلية السياسية، في اقتناص الفوز في بلدات كبرى مثل جونيه التي انخرط في لائحة قوية، ضمت تحالفا واسعا من النائبين فريد هيكل الخازن ونعمة فرام والنائب السابق منصور البون وحزب "الكتائب"، في وجه لائحة شبابية فتية مدعومة من "التيار الوطني الحر" ورئيس البلدية جوان حبيش . كما اعتمد هذا الاسلوب في الجديدة وانطلياس وضبية في المتن .

وتمكن حزب "القوات" من الاحتفاظ ببلدية جبيل، من خلال الاعتماد على شعبية احد نوابه زياد حواط، والتحالف مع "الكتائب" وفعاليات عائلية في المدينة .

واشتغلت "القوات" اعلاميا على تظهير هذه النجاحات ببراعة، لتخفي الانتكاسات التي اصيبت بها في بلدات عديدة مثل العقيبة في كسروان ، والمنصورية والزلقا في المتن ، ودير القمر في الشوف .

ومما لا شك فيه ان نجاح "التيار الوطني الحر" في الفوز بعدد وافر من البلدات في جبيل وكسروان والمتن والشوف وبعبدا، نغص على "القوات" الاحتفال بالفوز الذي كانت تنشده،  واحدث نوعا من خيبة الامل عند المتحمسين من المحازبين والمناصرين، الذين كانوا يعتقدون الحاق الهزيمة بالتيار .

ويعلق احد النواب من خارج الاصطفافات المسيحية على النتيجة بالقول " يبدو ان "القوات اللبنانية" المنتشية بحجمها وشعبيتها ، لا سيما في ضوء كل ما جرى، قد بالغت في تقدير قوتها الانتخابية في العديد من المناطق، الامر الذي ساهم في وقوعها في حسابات خاطئة ،ادت الى خسارتها مع حلفائها في بلدات عديدة ".

٢-  خرج "التيار الوطني الحر" من هذه الانتخابات " راضيا سالما غانما " ، رغم خسارته بلدية جونيه بسبب عدم تمكنه من نسج تحالف وازن لتشكيل لائحة قوية، ونجاح "القوات" باستثمار تحالف قوي واسع مع نعمة فرام وفريد هيكل الخازن ومنصور البون و"الكتائب".

ونجح التيار بالتعويض عن هذه الخسارة، من خلال الفوز ببلدات متوسطة عديدة في كسروان، لا سيما في معركة العقيبة التي خاضها بوجه "القوات" التي ينتمي احد نوابها للبلدة.

ورغم ضعف الحملة الاعلامية بوجه حملة عنيفة وشرسة تعرض لها، نجح التيار في معركة كبيرة بالاحتفاظ ببلدية الحدت، وفاز بعدد وازن من بلدات بعبدا وعاليه ومنها سوق الغرب، التي تعرض رئيس اللائحة المدعومة من التيار لحملة عنيفة بالتهويل في موضوع القرض الحسن .

كما حافظ التيار من خلال تحالفات مدروسة وذكية على وجوده الوازن في المتن، رغم خسارته جمهورا لا بأس به، بخروج النائب ابراهيم كنعان من التيار .

وتتوقف مصادر مطلعة عند الشعار الرئيسي الذي رفعه "التيار الوطني الحر" في حملته الانتخابية المتعلق بقضية النزوح السوري ، مشيرة الى انه كان شعارا مساعدا في استقطاب الاصوات للوائح التيار .

وترى المصادر ان التيار نجح في تكريس حضوره الشعبي كقوة وازنة واساسية في الشارع المسيحي ، وبدا من خلال النتائج انه لم يخسر في هذه الانتخابات، بل حقق مكسبا يؤخذ بعين الاعتبار في المرحلة المقبلة، الا وهو انه امتص الحملة عليه وحقق مكاسب جيدة في بلدات لم يكن يتوقع الفوز فيها .

٣- تمكن الثنائي حركة "امل" وحزب الله من تحقيق فوز كاسح وكامل للوائحه في بعبدا والشوف وجبيل ، عدا عن فوز عدد منها بالتزكية .  واكد بذلك رغم ضغوط الحملة التي واجهها ويواجهها، انه يمتلك قاعدة شعبية قوية وثابتة، لم تتأثر بكل الحملات والضغوط وبنتائج العدوان "الاسرائيلي"، الذي كان من بين اهدافه تدمير جمهور الثنائي الشيعي .

٤- برهن حزب "الكتائب" انه لاعب قوي واساسي في المتن ، مكرسا حضوره الشعبي الذي اكده في الانتخابات النيابية في هذه المنطقة . واستطاع تحسين وضعه على صعيد الانتخابات البلدية بالفوز في بلديات مهمة مثل الجديدة وانطلياس وضبيه، بالاضافة الى بكفيا وبلديات متنية عديدة في الساحل والجبل ، ونجح في نسج تحالفات متنوعة لا سيما مع "القوات" والنائب ابراهيم كنعان وحزب "الطاشناق" في بعض البلدات .

لكن الحزب لم يتمكن من ان يؤمن الفوز برئاسة اتحاد بلديات المتن وانتزاعها من عائلة المر، كما هو ظاهر في النتائج غير الرسمية .

٥- تعامل الحزب "التقدمي الاشتراكي" في الشوف وعاليه وبعبدا مع هذا الاستحقاق، بالتعاون مع العائلات او بالتحالف مع الحزب "الديموقراطي اللبناني" في بعض البلدات، لا سيما في الشويفات بكثير من الحنكة والاريحية، مطمئنا الى شعبيته القوية  في هذه المناطق لا سيما في الساحة الدرزية . وتمكن من الفوز بعدد كبير من البلديات، مكرسا ما حققه في الانتخابات النيابية .

وحرص الحزب على تلافي الدخول في تفاصيل التنافس العائلي البلدي في الكثير من البلدات الدرزية او المختلطة ، مفضلا عدم الوقوف الى جانب هذه العائلة او تلك، لكي يحفظ حساباته ويبعد العداوات التي تؤثر عليه وعلى مرشحيه في الانتخابات النيابية في العام المقبل .

٦- استطاع "التغييريون" لا سيما في عاليه والشوف وبعبدا من دخول الانتخابات البلدية كما فعلوا في النيابية ، وشكلوا لوائح مع العائلات منافسة للوائح الاحزاب والقوى السياسية في العديد من البلدات، وتمكنوا من الفوز بعدد قليل من البلديات، او احداث خروقات في لوائح منافسة .

٧- نجح الحزب "الديموقراطي اللبناني" بالتحالف مع الحزب "التقدمي  الاشتراكي" من الفوز ببلدية الشويفات احدى اكبر البلديات في الجب،ل وببلدات اخرى في عاليه . كما حافظ تيار الوزير السابق وئام وهاب على حضوره الشعبي في الشوف وبلدات في عاليه .

8- سجل الحزب "السوي القومي الاجتماعي" حضوره الشعبي ايضا، لا سيما في المتن وعاليه وبعبدا والشوف ، ونجح بعض اللوائح التي شارك فيها بتحالفات متنوعة لا سيما في المتن، حيث تمكن ايضا من الفوز ببعض البلدات بالتعاون مع العائلات .

الأكثر قراءة

لبنان المحاصر «بالنيران» يختبر الضمانات الأميركيّة؟! نتائج البلديّات مُؤشر للمستقبل... «الكباش» الأقسى مسيحياً الأحزاب المسيحيّة و«الثنائي» نجحوا في إثبات حضورهم جنبلاط ــ إرسلان لتحالف ضدّ «التغييريين»