اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تشكل عدوى الديدان الشريطية خطرًا صامتًا يتسلل إلى الجسم عبر ممارسات غذائية غير آمنة. تبدأ القصة بلقمة ملوثة، وتتحول سريعًا إلى غزو طفيلي يستقر في الأمعاء، وقد يمتد إلى أعضاء حيوية أخرى. رغم بساطة العوامل المسببة لها، إلا أن إهمال تشخيصها أو تأخير علاجها قد يفتح الباب أمام مضاعفات صحية خطرة، تتراوح بين اضطرابات الهضم وصولًا إلى تلف الجهاز العصبي.

تختلف احتمالية الإصابة بعدوى الديدان الشريطية من شخص إلى آخر، لكن هناك فئات تعتبر أكثر عرضة من غيرها. يُعد الأشخاص الذين يعيشون في مناطق تعاني من ضعف في أنظمة النظافة العامة والصرف الصحي هم الأكثر عرضة، نظرًا الى سهولة انتقال الطفيليات من التربة أو المياه الملوثة. كذلك، يشكّل تناول اللحوم النيئة أو غير المطهية بالكامل، خصوصًا لحم الخنزير أو لحم البقر، خطرًا إضافيًا على الأفراد. كما ترتفع نسب الإصابة بين المسافرين إلى مناطق موبوءة والطهاة والعاملين في تحضير الطعام، إذا لم يتم اتباع معايير النظافة الشخصية بدقة.

تبدأ العدوى عادةً عندما يتناول الإنسان طعامًا أو شرابًا ملوثًا ببيوض أو يرقات الدودة الشريطية. هذه الطفيليات يمكن أن تنتقل من الحيوان إلى الإنسان، لا سيما عندما تكون سلسلة الذبح والتحضير غير مراقبة صحيًا. بعد دخول اليرقة إلى الأمعاء، تبدأ بالنمو وتتحول إلى دودة شريطية مكتملة قد يصل طولها إلى عدة أمتار، وتلتصق بجدار الأمعاء بواسطة رأس مزود بخطاطيف أو ممصات. في بعض الحالات، قد تهاجر البيوض إلى أجزاء أخرى من الجسم مثل الكبد أو الدماغ، مسببة أعراضًا أكثر تعقيدًا وخطورة.

في كثير من الحالات، قد لا تظهر أعراض واضحة على المصاب، ما يجعل اكتشاف العدوى صعبًا ويؤخر التدخل الطبي. ومع ذلك، فإن استمرار وجود الديدان الشريطية في الجهاز الهضمي قد يؤدي إلى اضطرابات في عملية الهضم، آلام في البطن، إسهال متكرر، فقدان في الوزن، وفقر في الدم نتيجة امتصاصها للعناصر الغذائية الأساسية. أما في الحالات الأكثر خطورة، خاصة عندما تصل يرقات الدودة إلى أعضاء أخرى مثل الدماغ أو العين، فقد تسبب نوبات تشنج، صداعًا مزمنًا، مشاكل في الرؤية أو حتى تلفًا عصبيًا دائمًا، وهي حالات تُعرف بـ"داء الكيسات المذنبة".

هذا ويكمن مفتاح الوقاية من عدوى الديدان الشريطية في تعزيز مستوى الوعي الصحي والنظافة العامة، خاصة عند التعامل مع الأغذية. يجب التأكد من طهو اللحوم جيدًا وغسل اليدين بعد استخدام المرحاض وقبل تناول الطعام. كما يُنصح بإجراء فحوصات طبية دورية خاصة في المناطق التي تكثر فيها الإصابات.

أما من حيث العلاج، فيعتمد على الأدوية المضادة للطفيليات مثل "برازيكوانتيل" أو "ألبيندازول"، والتي تُوصف بناءً على نوع الدودة الشريطية ومكان وجودها في الجسم. وفي بعض الحالات المعقدة، قد يتطلب الأمر تدخلًا جراحيًا لإزالة الكيسات المتشكّلة في الأعضاء الحيوية.

إنّ عدوى الديدان الشريطية هي تذكير حي بأن أبسط العادات اليومية، كاختيار نوعية الطعام أو غسل اليدين، قد تكون خط الدفاع الأول ضد أمراض خطرة. ورغم ما تسببه من أذى جسدي محتمل، فإن هذه العدوى قابلة للوقاية والعلاج إذا ما جرى التعامل معها بالوعي اللازم والانتباه المستمر.

الأكثر قراءة

متى المفاوضات بين أميركا وحزب الله؟