اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

إذا كان من إيجابية مباشرة وواضحة في المسرحية الجديدة: "ع الأربعين"، فهي الاكتشاف السريع لأول ثنائي تمثيلي كوميدي على الخشبة يجمع بين ميراي بانوسيان الأشهر بشخصية "أم طعان"، والناشطة المسرحية مديرة مسرح مونو جوزيان بولس.

"ع الأربعين" نص ديمتري ملكي إخراج شادي الهبر، من بدايتها حتى تحية الختام محكومة بكاريزما خاصة وقوية تجمع بطلتي العمل: ميراي بانوسيان، وجوزيان بولس، وتظلان في حالة أسر للمشاهدين من دون انقطاع، كأنهما خلقتا لتكونا معاً، تتحادثان أو تتناكفان، أو تتباريان في الأداء العفوي وكم هو لافت أكثر في مرحلة لاحقة أن تستعيد ميراي أبجدية "أم طعان" الشعبية وتحضر جوزيان بـ "فرنسيتها المحببة" لتشكلا أول ديو نسائي متجانس وقريب من القلب يحضر على الخشبة.

في العمل الجديد هما أرملتان: مدام سكاكيني ومدام هراوي، تتجاوران في قاعة عزاء مشتركة نظراً الى كثرة الوفيات، وطوال الوقت هما وحيدتان من دون معزين حتى عبر الهاتف المحمول لا أحد يسأل أو يهتم لأن الناس مشغولة بأمور كثيرة خاصة.

لذا تكون فرصة سانحة لملء الوقت بتبادل الحديث بينهما، وبالتالي استذكار بعض مآثر الراحلين والتي تدخل في باب المبكي المضحك، فما من إشارة إيجابية لكلا الراحلين إلا ويليها سيل من الانتقادات السلبية القاسية، وصولاً إلى اعتبار غيابهما مثل حضورهما غير مؤثر أو نافع أو يغيّر شيئاً في واقعهما.

كيمياء مطلقة بين الممثلتين، مع عفوية مفرطة في التماهي والإيغال في ربط الأمور ببعضها واستنتاج المعنى الحقيقي من الزواج وكيف يمكن حساب الربح والخسارة عندما يُغيّب الموت أحد الزوجين، ليطرح السؤال الموضوعي: ماذا ينقص في هذه الحالة، لنعرف سريعاً من الأرملتين أن الحال على ما هي عليه مع الزوج وبدونه، ليكون الرأي حازماً هنا ما بين الجد والفكاهة: كل مظاهر العزاء مصطنعة.

الشخصيتان لم تستقبلا أحداً من المعزين طوال الوقت، وكاد حوارهما ينقلب إلى كوميديا خالصة من خلال الرقص على إيقاع أغنية شعبية، وهنا كان ممكناً فتح باب للمسرحية على توجهها وجعل الموت آخر هم الأرملتين كما هو الواقع أصلاً وترجمته مشهدياً بشكل مباشر يُبعد السيدتين عن كرسييْهما.

نعم تريد المسرحية القول إن اعتبارات الموت لم تعد مؤثرة عند رهط من الناس وأن ما نشهده من مظاهر حزن لا يعدو كونه مشهداً زائفاً.

ما يعنينا من المسرحية هذا الاكتشاف الثمين العثورعلى رابط قوي بين طاقتين ووجهين وصدق في المشاعر والأحاسيس وصل إلى عموم المشاهدين ليكون وحده أساس نجاح هذا المشروع: ميراي وجوزيان.

الأكثر قراءة

اورتاغوس تصعّد من الدوحة ولبنان يصر على «الحوار» بيروت تستعد لصيف بلا عتمة... وصندوق النقد غير راضٍ