اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تعتبر حاسة الشم من الحواس الخمس الأساسية التي تلعب دورًا كبيرًا في جودة حياة الإنسان، ليس فقط على مستوى التذوق والاستمتاع بالنكهات، بل أيضًا في الكشف عن الروائح الخطرة كالدخان أو الغاز. لكن فقدان هذه الحاسة، سواء كان جزئيًا أو كليًا، قد يكون مؤشرًا لحالة صحية عابرة أو علامة مبكرة على أمراض خطيرة تتطلب تدخّلًا طبيًا عاجلًا.

يتراوح فقدان الشم بين المؤقت والدائم، وغالبًا ما يكون مرتبطًا بعدة عوامل. من أبرز الأسباب الشائعة الالتهابات الفيروسية التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي، مثل نزلات البرد والإنفلونزا. وقد برزت عدوى فيروس كورونا كواحدة من أشهر أسباب فقدان الشم في السنوات الأخيرة، حتى بات يُعدّ أحد الأعراض المميزة له.

كما تؤدي التهابات الجيوب الأنفية المزمنة، والحساسيات الأنفية، وانحراف الحاجز الأنفي، أو وجود لحميات (السلائل الأنفية)، إلى انسداد الممرات الهوائية، مما يعوق وصول جزيئات الرائحة إلى الأعصاب المسؤولة عن الشم.

من جهة أخرى، يمكن أن يكون فقدان الشم ناتجًا عن إصابات في الرأس تؤثر على الأعصاب أو مراكز الشم في الدماغ، أو نتيجة لاستخدام بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب أو أدوية ارتفاع ضغط الدم. وفي بعض الحالات، يظهر السبب في مشاكل عصبية أعمق مثل مرض باركنسون أو ألزهايمر، مما يجعل فقدان الشم مؤشرًا مبكرًا ومهمًا لهذه الاضطرابات.

هذا وتتعدد الفئات المعرضة لفقدان حاسة الشم، إلا أن كبار السن يتصدرون القائمة. فالشيخوخة تؤثر بشكل طبيعي على وظائف الأعصاب، ما يؤدي إلى تراجع حدة الشم مع الوقت. كما تُعد الفئة التي تعاني من مشكلات تنفسية مزمنة أو تحسّسات أنفية في خطر أكبر.

بالإضافة إلى ذلك، فإن المرضى الذين خضعوا لعلاج إشعاعي في منطقة الرأس أو الرقبة، أو من يعانون من أمراض مناعية مزمنة، أو أولئك الذين أُصيبوا بكوفيد-19، يُصنفون ضمن الفئات التي يجب مراقبتها عن كثب.

لا يقتصر فقدان حاسة الشم على البعد الفيزيولوجي، بل يتعداه إلى تأثيرات نفسية واجتماعية عميقة. فالمصاب قد يعاني من فقدان الشهية نتيجة ضعف التذوق، ما يؤدي إلى نقص الوزن وسوء التغذية. كما يمكن أن يشعر بالعزلة أو فقدان المتعة في الحياة اليومية، خاصة عند تناول الطعام أو التفاعل مع الروائح المحيطة.

وقد أظهرت دراسات عدة أن فقدان الشم يرتبط بارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق، لا سيما عند من يعانون من حالات مزمنة أو لا رجعة فيها.

في كثير من الحالات، يكون فقدان الشم مؤقتًا ويزول مع العلاج، خاصة عند ارتباطه بالتهابات أو احتقان في الأنف. إلا أن بعض الحالات تستدعي القلق، خصوصًا إذا لم تتحسن خلال أسابيع، أو إذا رافقتها أعراض عصبية مثل ضعف الذاكرة أو اضطرابات الحركة.

فقد أظهرت دراسات أن فقدان الشم قد يكون من أولى العلامات المبكرة للإصابة بمرض باركنسون أو ألزهايمر، حتى قبل ظهور الأعراض الأخرى. كما يمكن أن يكون مرتبطًا بأورام في الدماغ أو إصابات عصبية. لذلك، فإن التشخيص المبكر والمتابعة الدقيقة ضروريان لتحديد السبب الحقيقي والتعامل معه بفعالية.

 

الأكثر قراءة

معركة زحلة حسمت الجمعة... تعليمة جوية وصلت الضاهر: STOP