اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُشير مصطلح "جفاف الدماغ" إلى انخفاض في حجم أو مرونة السائل الدماغي الشوكي أو أنسجة الدماغ نفسها، وقد يُستخدم مجازيًا لوصف حالة من التراجع في الوظائف الإدراكية أو الذهنية نتيجة لأسباب صحية متعدّدة. على الرغم من أن "جفاف الدماغ" ليس تشخيصًا طبيًا دقيقًا بحد ذاته، إلا أن بعض الحالات العصبية المرتبطة بتلف خلايا الدماغ أو نقص ترويته قد يُشار إليها بهذا التعبير.

تتعدد الأعراض التي قد تظهر على الشخص الذي يعاني مما يُطلق عليه "جفاف الدماغ"، وتشمل غالبًا تراجع القدرة على التركيز، صعوبات في التذكّر، نسيان الأسماء أو الأحداث، شعور دائم بالإرهاق الذهني، بطء في التفكير أو الاستجابة، إضافة إلى صداع مزمن وشعور بـ"ضبابية" في الوعي. قد يشعر المصاب بأن دماغه "لا يعمل كالسابق"، وهي شكوى شائعة بين كبار السن وبعض المصابين بأمراض مزمنة أو عصبية.

ترتبط هذه الحالة بعدة عوامل ومسبّبات، أبرزها نقص الترطيب، حيث ان عدم شرب كميات كافية من الماء يؤدي إلى انخفاض في حجم السائل الدماغي الشوكي، ما يؤثر في عمل الدماغ. كذلك، سوء التغذية ونقص الفيتامينات الأساسية مثل فيتامين B12 وD، بالإضافة إلى التوتر المزمن وقلة النوم، كلها عوامل تؤثر سلبًا في صحة الدماغ.

من جهة أخرى، فإن أمراض الشيخوخة، مثل ضمور الدماغ الناتج من تقدم العمر أو بعض أنواع الخرف المبكر، قد تُفسّر أيضًا هذه الأعراض. كذلك، يُمكن أن تؤدي الإصابات الدماغية أو السكتات الصغيرة غير المُشخّصة إلى ضعف تدريجي في القدرات الإدراكية.

هذا وتزداد احتمالية ظهور أعراض جفاف الدماغ لدى كبار السن، بسبب التغيرات الطبيعية المرتبطة بتقدم العمر، من بينها تراجع تدفّق الدم إلى الدماغ وفقدان بعض الخلايا العصبية. كما أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة بسبب تأثير هذه الأمراض على الأوعية الدموية الدماغية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأشخاص الذين يتبعون نمط حياة غير صحي، يشمل قلّة الحركة، النوم غير المنتظم، وتناول أطعمة فقيرة بالعناصر الغذائية، يكونون أيضًا في دائرة الخطر. كما تُعتبر الأمراض النفسية، كالاكتئاب والقلق المزمن، من العوامل التي تؤثر في وظائف الدماغ وتؤدي إلى مظاهر شبيهة بـ"الجفاف الذهني".

أما السؤال الذي يشغل بال كثيرين فهو ما إذا كان جفاف الدماغ يمهّد الطريق للإصابة بمرض ألزهايمر. من المهم التوضيح أن جفاف الدماغ ليس سببًا مباشرًا لألزهايمر، لكنه قد يُشكّل عاملًا مساعدًا في تدهور الوظائف الإدراكية، خاصة إذا تُرك دون علاج.

تشير الأبحاث إلى أن التدهور المستمر في وظائف الدماغ نتيجة لنقص التغذية أو الترطيب أو بسبب أمراض وعوامل عصبية مزمنة، قد يُسرّع من ظهور علامات الخرف لدى من لديهم استعداد وراثي للإصابة بألزهايمر. ولذلك، فإن رصد هذه الأعراض في مراحلها المبكرة والتعامل معها بجدية يمكن أن يُقلل من خطر التدهور المعرفي طويل الأمد.

رغم أن "جفاف الدماغ" ليس مصطلحًا طبيًا رسميًا، إلا أن الأعراض المرتبطة به تشير إلى خلل حقيقي في وظائف الدماغ يجب عدم تجاهله. إن الفهم الصحيح لأسبابه، والوعي بعوامل الخطر، والاهتمام بالترطيب الجيد، والنظام الغذائي المتوازن، والنوم الكافي، والمتابعة الطبية المنتظمة، قد تُشكّل جدار حماية حقيقيًا ضد التدهور الذهني والإدراكي.

الوقاية تبدأ من أسلوب الحياة، والعقل السليم يبدأ من الاهتمام اليومي بصحة الدماغ.

الأكثر قراءة

تأسيس «المجلس العسكري المسيحي» في سوريا: «مظلة» الدولة لا تقي