اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُعدّ فيتامين "د" من العناصر الأساسية التي تلعب دوراً محورياً في صحة الإنسان، حيث يؤثر على العديد من الوظائف الحيوية في الجسم. وعلى الرغم من أهميته البالغة، يُصنّف نقص فيتامين "د" ضمن المشكلات الصحية العالمية الصامتة، إذ تشير دراسات حديثة إلى ارتباط هذا النقص بزيادة خطر الوفاة المبكرة، خصوصاً لدى بعض الفئات.

فيتامين "د" هو في الواقع هرمون يفرزه الجسم عند التعرض لأشعة الشمس، وله تأثير مباشر على امتصاص الكالسيوم والفوسفور، وهما عنصران ضروريان لصحة العظام والأسنان. كما يشارك في دعم جهاز المناعة، وتنظيم ضغط الدم، وتحسين الحالة النفسية. وعليه، فإن نقصه لا يقتصر أثره على هشاشة العظام فحسب، بل قد يؤدي إلى سلسلة من الاضطرابات الخطيرة مثل أمراض القلب، السكري، الاكتئاب، وضعف العضلات، وقد يصل إلى الوفاة المبكرة.

يصبح نقص فيتامين "د" خطيراً عندما تنخفض نسبته إلى ما دون 12 ng/mL، ما يؤدي إلى مشكلات صحية فورية كآلام العظام، وضعف العضلات، وتكرار العدوى. ومع استمرار النقص لفترة طويلة، ترتفع مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم، وحتى أنواع معينة من السرطان.

الأخطر من ذلك أن بعض الأبحاث الحديثة ربطت بين نقص الفيتامين وزيادة احتمالية الوفاة المبكرة، خاصة عند كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة. فالفيتامين يساهم في منع الالتهابات وتعزيز المناعة، وبالتالي فإن نقصه يضعف الدفاعات الطبيعية للجسم.

يعتبر نقص فيتامين "د" شائعًا لدى فئات معينة من الناس، إذ تتفاوت مستويات التعرض للخطر بحسب الظروف الصحية ونمط الحياة. كبار السن يُعتبرون من أكثر الفئات عرضة، نظرًا لتراجع قدرة الجلد على إنتاج الفيتامين مع التقدم في العمر. كذلك، فإن الأشخاص الذين لا يتعرضون بشكل كافٍ لأشعة الشمس، مثل من يعملون لساعات طويلة في المكاتب أو أولئك الذين يغطون أجسادهم بالكامل لأسباب دينية أو ثقافية، يواجهون خطرًا متزايدًا لنقص هذا الفيتامين الحيوي. وتُعدّ البشرة الداكنة عاملاً إضافيًا، لأن وجود نسبة عالية من الميلانين يقلل من قدرة الجلد على تصنيع فيتامين "د" عند التعرض للشمس. كما أن الأشخاص المصابين بالسمنة معرضون أيضًا، إذ يُخزَّن الفيتامين في الأنسجة الدهنية، مما يحدّ من توفره في الدورة الدموية. إلى جانب ذلك، يواجه مرضى الكلى والكبد صعوبات في تحويل فيتامين "د" إلى شكله النشط الذي يستخدمه الجسم، مما يضعهم ضمن الفئات المعرضة للنقص. ولا يمكن إغفال النساء الحوامل والمرضعات، حيث تزداد حاجتهن للفيتامين لدعم صحتهن وصحة الجنين أو الطفل الرضيع، مما يستدعي متابعة مستوياته وتعويض أي نقص محتمل.

الوقاية تبدأ بالتعرض اليومي لأشعة الشمس لمدة تتراوح بين 10 إلى 30 دقيقة، خاصة خلال ساعات الصباح. كما يُنصح بتناول الأطعمة الغنية بفيتامين "د" مثل السمك الدهني (السلمون، التونة)، البيض، الكبدة، والألبان المدعمة. وفي حال وجود نقص واضح، يجب تناول مكملات فيتامين "د" تحت إشراف طبي، وبالجرعة المناسبة لكل حالة.

إنّ نقص فيتامين "د" لا يُستهان به، بل يُعدّ من القضايا الصحية الخطيرة التي قد تُعرّض الإنسان لمضاعفات تهدد حياته على المدى الطويل. الوعي بأهمية هذا الفيتامين، واتباع نمط حياة صحي يشمل التعرض للشمس وتناول الغذاء المتوازن، قد يكونان مفتاحاً للوقاية من خطر الموت المبكر وتحسين جودة الحياة.