اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة قداس الاحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس، وألقى عظة قال فيها: "في المَـقْـطَعِ الإِنْجِيـلِيِّ الَّذي سَمِعْــناهُ الـيَـوْم، نَـقِـفُ أَمامَ مَـشْهَـدٍ عَـجِـيـبٍ تَـظْـهَـرُ فيهِ قُـوَّةُ المَسيحِ الإِلَهِـيَّةُ، كَما نَـنْظُـرُ عُـمْـقَ خِـبْـرَةِ الإِيمانِ، حَيْثُ يُمْـتَحَنُ قَـلْبُ الإِنْسانِ أَمامَ العاصِفَةِ، ويـكْـشَفُ له وجْهُ المُخَـلِّص في لَحْـظَـة الخـوْف والإضْطراب".

أضاف: "نَحْن إِذا ثَـبَّـتْـنا أَعْــيُنَـنا عَـلى الـرَّبِّ نسير فَـوْق المصاعِـب، وعِـندما نَـنْظُـرُ إلى الأَخْطارِ ونَـنْسَى حُضُورَهُ نَغْـرَقُ في الهَـمِّ واليَأْس. صرخةُ بطرس: "يَا رَبُّ، نَجِّـنِي" هِيَ صَلاةٌ قَـصيرةٌ مِنَ الأَعْـماقِ، إِذْ أَيْـقَـنَ أَلَّا خَلاص لَه إِلَّا بِالـرَّبِّ. حالًا، مـدَّ الـرَّبُّ يَـدَهُ وأَمْسَكَ به ووَبَّخهُ بِلُطْـفٍ. لَمْ يدِنْ ضعْــفَـهُ، بلْ ذكَّـره بأَنَّ الشَّكَّ لا يَـنْـفَـعُ، وأَنَّ الإِيمانَ وَحْـدَهُ يُشـدِّدُ الإِنْسانَ في وَجْهِ العاصِفَة. وما إِنْ صَعِـدا إلى السَّفـيـنَةِ حتى سَكَـنَـتِ الـرِّيحُ لأنَّ الطّـبـيعَـةَ تَهْـدَأُ في حـضور الرّبِّ والعاصِفَةَ تُطِـيعُـهُ. السَّفـيـنَةُ هُـنا رَمْـزٌ لِـلكَـنيسَةِ الَّتي ما دامَتْ مُـمْـتَـلِـئَةً بِحُضورِ الـرَّبِّ لا تَـقْـوَى عَـلَـيْها الرِّياحُ مَهْـما اشْتَـدَّت.

لَمَّا رأَى التَّلاميذ ذلـكَ سجَـدُوا معْــتَـرِفـيـنَ بأُلوهَـةِ المَسيح. لَمْ يَكُـنْ ذَلِكَ تعْـبـيـرًا عَـن الإِعْـجاب، بَلْ كانَ إِعْلان إِيمانٍ حَـقِـيقِيّ. مَعْـرِفَةُ المَسيحِ لا تَأْتي مِنَ الكَلام، بل مِنْ عـبور المحـن واخـتـبار الخلاص. يقول القِـدِّيسُ غريغوريوس النِّيصَصِيّ: "لا يعـرَف اللهُ بِالكَلامِ، بَلْ بِالسُّلوكِ في الطَّـريق الَّذي يـقود إلى الـنّـور عَـبْـر ظـلمة الـتّجْربة".

وختم عودة: "دَعْـوَتُـنا أَنْ نَـثِـقَ بِأَنَّ المَسِيحَ لا يَـتْـرُكُـنا وَحْـدَنا في البَحْرِ، بلْ يأْتِي إِلَـيْـنا حَـتَّى وَلَوْ حَسِبْـناهُ مُـتَـأَخِّـرًا، وَلَوْ لَمْ نَعْـرِفْ صَوْتَهُ وظَـنَـنَّاهُ خَيالًا. إِنَّهُ يَـأْتِي ماشِـيا فَوْقَ مِـياهِ مَصائِـبِـنا، مادًّا يَـدَهُ، فَـيَـدْخُـلُ سَـفِـيـنَـتَـنا ويُسَكِّـنُ الرِّيحَ ويَـمْـنَحُـنا السَّلامَ. هذا يَـنْـطَـبِـقُ على حَـياتِـنا في وَطَـنِـنا. نُـشَـتِّـتْ أذْهـانَـنـا بِـأُمـورٍ تُـغْـرِقُــنـا فـي أمـواجِ الـضَـيـاعِ، تَـسْـلَـمُ سَـفـيـنَـةُ فَمَهْـما اشْـتَـدَّتِ الصِعابُ وكَـثُـرَتْ العَـراقـيلُ، إنْ آمَـنّـا أنَّ هـذا الـبَـلَـدَ بَـلَـدُنـا وأطَـعْــنـا دُسْـتـورَهُ، وطَـبَّـقْـنـا قَـوانـيـنَـهُ، وَوَضَعْــنـا ثِـقَـتَـنـا في دولَـتِـنـا وسَـلَّـمْـناها أمْـرَنا، وَطَـلَـبْـنـا مِـنْـها الإمـساكَ بـالـوَضْـعِ بِـمَـسـؤولِـيَّـةٍ وحَـزْمٍ، ولَـمْ وَطَـنِـنـا ونَـنْـجـو جَـميعُـنـا مِـنَ الـغَــرَقِ".