اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

اذا كان المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، قد طمأن الى وجود تطمينات خارجية «تصل إلى حدّ القرار» بأنّ أخذ لبنان إلى توترات وفوضى أمنية «ممنوع»، فان ما لم يقله ان هذه الدول لا تمنح الساحة اللبنانية اي اهتمام في الوقت الراهن، وهي منشغلة بقضايا اكثر اهمية، حيث لا يشكل لبنان اي اولوية لدى أحد، طالما ان الامن ممسوك والفوضى التي تهدد «اسرائيل» مستبعدة.

هذا يؤشر الى فترة فراغ طويلة بانتظار «لا شيء» محددا، وانما «القضاء والقدر»، ولعل جولة وفد الكونغرس الاميركي الاستطلاعية في بيروت، هي آخر الدلائل الحسية على غياب اي رؤية خارجية واضحة لكيفية الخروج من الازمة، عبر اجراء الاستحقاق الرئاسي العالق في «عنق زجاجة» الخلافات داخل البيت السياسي الواحد.

وفي هذا السياق، لا يعول كثيرا على اللقاء المرتقب بين الرئيس الاميركي جو بايدن مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون في واشنطن، فيما تبدو بعض المفارقات غير حاسمة، لكنها مثيرة للانتباه في الحراك الداخلي البعيد عن الاضواء، ومنها ان «الثنائي الشيعي» يخوض غمار التسويق لمرشحه غير المعلن رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية عبر تقسيم الادوار، حيث يقوم حزب الله بمهمة الحوار الصعب مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، فيما يجري رئيس مجلس النواب نبيه بري محادثات متقدمة مع كل من الحزب «التقدمي الاشتراكي» و»القوات اللبنانية» لمحاولة ايجاد قواسم مشتركة حول فرنجية، الذي يبدو انه اقرب الى «معراب»، حيث تجري الاتصالات على «قدم وساق»، منه الى «ميرنا الشالوحي» حيث كل «الطرق» لا تزال مقطوعة».  

في المقابل، تبقى الاجواء على ايجابياتها بين بكركي وحزب الله ، حيث يستمر تبادل «الرسائل» والافكار حول الاستحقاق الرئاسي على نحو مباشر ورسمي، فيما «يتخبط» حزب «الكتائب»، ويبدو مربكا وهو يحاول نفي «تهمة» لقاء حصل دون ادنى شك مع حزب الله، لكنه اختار «التنصل» منه، لانه يبدو محرجا امام جمهوره، بعدما اتضح انه يقول شيء في العلن ويعمل عكسه في السر! كما تقول مصادر مطلعة على اجواء اللقاء. 

وفي الانتظار، تتقلب المنطقة على وقع تطورات استراتيجية سياسية وامنية متلاحقة تقودها تركيا التي تعد لعملية عسكرية في سوريا، وفي المقابل تبدي انفتاحا سياسيا على دمشق والقاهرة، فيما يمضي رئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتانياهو قدما في تشكيل حكومة يمينية متطرفة، تؤشر الى انفجار كبير في الاراضي الفلسطينية المحتلة، دون ان تغيب الحدود الشمالية عن واجهة الاحداث، حيث عادت «اسرائيل» عبر تسريبات امنية في اعلامها للحديث عن ادخال حزب الله منظومة كاسرة للتوازن الجوي الى لبنان، وهي انظمة ايرانية متطورة، ستؤثر حتما في نتائج اي مواجهة محتملة؟!.  

  «خواء» اميركي 

رئاسيا، وعشية جلسة الاخفاق الثامنة المقررة يوم الخميس المقبل، لا يبدو ان «طريق» التفاهم على رئيس تسوية في «متناول اليد» في غياب الحد الادنى من الاهتمام الاقليمي والدولي، حيث لا يمكن الرهان على اي حراك خارجي سواء فرنسي او قطري، وكل ما يحكى في هذا السياق مجرد «ثرثرة» لملء الفراغ «القاتل» في البلاد.

ووفقا لمصدر سياسي بارز، فان «الخواء» في جولة وفد الكونغرس الاميركي بالامس من اي افكار جادة او فهم لحقيقة ما يحصل على ارض الواقع، يؤشر الى وجود غياب اميركي تام عن الاهتمام بالساحة اللبنانية. وكان واضحا في اللقاءات مع اكثر من مسؤول ان اعضاء الوفد لديهم الكثير من الاسئلة، ولا يملكون اي اجوبة عن الاستحقاقات وكيفية مقاربة واشنطن لحل الازمات المتفاقمة. طبعا لم يغب حزب الله عن طرح هؤلاء من خلال تحميله المسؤولية عما وصلت اليه الامور في البلاد دون ان يقدموا اي دليل حسي على ذلك. وانما من باب الدعاية الاميركية «الممجوجة» وغير المثبتة بأي دليل.

ولم يقدم اعضاء الكونغرس توضيحا مقنعا حول دور الادارة الاميركية في تعطيل المحاولات اللبنانية لتنشيط قطاع الطاقة، وبقيت المحادثات تدور في حلقة مفرغة، واتضح ان الوفد في زيارة «استطلاعية» لا تقريرية، تنتهي باعداد تقارير لن تقدم او تؤخر في مسار التوجهات الاميركية الراهنة، لان ما حصل حتى الآن مجرد «تشاور» بين الدول الاقليمية والدولية، دون ان تصل الامور الى وضع الملف اللبناني على «الطاولة»، خصوصا ان الرياض لا تبدو معنية بالنقاش الآن، وتعرّض حوارها مع طهران لانتكاسة، والدوحة لا تلعب اي دور جدي في هذه المرحلة، والاولوية لديها تبقى انجاح «كأس العالم»، اما الدور فرنسي فتراجع «خطوة الى الوراء»بعد الموقف الفرنسي من الاحتجاجات في عدد من المدن الإيرانية. ولهذا تبدو الامور امام «حائط مسدود». 

الاصلاحات والانتخابات ؟ 

وكان الوفد برئاسة النائب مارك تاكاتو وعضوية النائبين كولن الريد وكاتي بورتر، التقى بحضور السفيرة الاميركية دوروثي شيا، الرئيسين بري وميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب ووزير الدفاع موريس سليم، وكرر قبل مغادرته لبنان المواقف التي لا «تثمن ولا تغني عن جوع»، مشددا على اهمية إنتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة وتطبيق شروط صندوق النقد الدولي والمضي بالإصلاحات. وهنأ من السراي الحكومي الحكومة على «جهودها في انجاز مشاريع القوانين التي طلبها صندوق النقد الدولي والتي أحيلت الى مجلس النواب متمنيا الاسراع في إقرارها». وشدد «على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية»، ودعا النواب «الى إنجاز هذا الأمر في أسرع وقت ممكن»، لافتاً «الى ان هناك تحديات كثيرة سيشهدها العام 2023 عالميا ومنها ما يتعلق بالأمن الغذائي وتأمين المساعدات من الولايات المتحدة للدول الصديقة، لذا يتوجب على المشرعين والساسة اللبنانيين بذل جهود كثيرة لوضع لبنان على سكة التعافي التي لا تتم من دون محاربة الفساد واقرار القوانين المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي».  

  «القوات» اقرب لفرنجية من «التيار»؟ 

وفي هذا السياق، ثمة تضخيم مقصود لنتائج زيارة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الى قطر، والتي لم تسفر عن اي جديد، وفيما «الثنائي الشيعي « مع حلفائه مستمرون في اعتماد الورقة البيضاء، وباقي الاطرف على اقتراعها، لفت مصدر نيابي بارز الى وجود حراك يمكن اعتباره خجولا، لكنه يحاول «جس نبض» احتمال حصول اختراقات رئاسية عندما تصبح الظروف ناضجة. وفي هذا السياق لا تزال الامور معقدة في معسكر المعارضات في ظل انقسامات واضحة حول مرشح «حرق المرحلة» النائب ميشال معوض، اما نظرية المقايضة للحصول على ثمن انسحابه مقابل تراجع الفريق الآخرعن ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، فلا تجد اي صدى جدي باعتبار ترشيح معوض غير جدي بنظر حزب الله وحلفائه، وبالتالي فكرة المقايضة غير قائمة. 

  بري على خط «معراب- كليمونصو» 

في هذا الوقت، يعمل بري على «خط» «كليمونصو» «ومعراب» في محاولة لايجاد ارضية صالحة للنقاش حول ترشيح فرنجية، فيما لا يزال حزب الله على موقفه بعدم نقاش ترشيح اي مرشح ثالث مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، غير فرنجية، ويراهن على الوقت لاعادة اطلاق جولة جديدة من الحوار تحت عنوان الحفاظ على الحليف» البرتقالي» دون التخلي عن «زعيم» تيار المردة.

ووفقا للمعلومات، فان «طريق» رئيس المجلس النيابي «مش مسكرة»، ولكن ليست معبدة بعد، والنقاشات تبدو مسؤولة وجدية. والمفارقة في هذا السياق، ان «معراب» تبدو اقرب من «بنشعي» من «ميرنا الشالوحي»، واذا كانت التصريحات العلنية من قبل مسؤولي «القوات اللبنانية» تجزم بعدم امكانية الانفتاح على ترشيح فرنجية، الا ان «الباب» يبدو «مواربا» لاسباب غير واضحة حتى الآن، لا سيما ان كل الاطراف تناور سياسيا في الوقت الضائع، وتبدو اجواء «المردة» مرتاحة اكثر في التعاطي مع «القوات» من «التيار»، خصوصا ان الاتصالات لم تنقطع بين الجانبين منذ الـ 2018 اثر مصالحة بكركي، بينما لا تواصل راهنا مع التيار الوطني الحر، ومجرد تأكيد «القوات» انهم لن يعطلوا اي جلسة نيابية، اذا استطاع اي مرشح الحصول على النصف زائد واحد في الدوة الثانية، مؤشر ايجابي يبنى عليه. خصوصا ان نواب «القوات» يتحدثون عن امكانية تعطيل جلسة او جلستين لكن في نهاية المطاف سيتركون للديموقراطية ان تأخذ مجراها؟! 

الامن ممسوك ؟ 

وفي سياق متصل، اكد المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم أنّ الأمن في لبنان ممسوك ومتماسك والأجهزة العسكرية والأمنية تبذل كلّ الجهد المطلوب وأكثر بكثير للإبقاء على عامل الاستقرار، لأن من دونه تتفلت الأمور وتذهب إلى مسارات خطيرة جداً. ولفت الى وجود تطمينات خارجية «تصل إلى حدّ القرار» بأنّ أخذ لبنان إلى توترات وفوضى أمنية «ممنوع».

لكن اللواء ابراهيم حذر من الفوضى المجتمعية، وقال» هي حقيقة وليست وهماً». ولذلك، نكابد المستحيلات لمنع تحول أيّ فوضى متنقلة إلى فوضى أمنية».وعن انعكاس الفراغ الرئاسي على الأمن في البلاد، اشار الى ان خلوّ سدة الرئاسة زاد الأعباء على الأمن العام، إلا أننا وبإرادة صلبة مصممون على إمرار هذه المرحلة من خلال مسك الوضع الأمني بكل مفاصله، وتحصين السلم الأهلي والاستقرار، وإعلاء منطق الحوار. وأضاف»نركّز جهدنا الأمني على متابعة وملاحقة الخلايا الإرهابية النائمة، ومنع إيقاظها مجدّدا بأوامر خارجية، لأنّه في ظلّ ما يحصل في الإقليم يجب عدم التراخي إطلاقا ونحن نبقي العين مفتوحة في هذا الاتجاه».  

  صراع «التجنيس»؟! 

في هذا الوقت، أشعل ملف «التجنيس» السجال مجددا بين رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي أتهم الرئيس عون بانه تعاطى مع هذا الملف بحسابات طائفية، مشيراً إلى أنّ الأخير هو من طرح هذا الملف، بينما هو رفضه، واقترح إرساله الى مجلس النوّاب، وزعم أنّ العدد كان بالآلاف، بينما هو اقترح ألا يتعدى التجنيس أكثر من 20 أو 40 اسماً.

تصريح ميقاتي دفع بالمكتب الإعلامي للرئيس عون إلى الردّ عليه، معتبراً أنّه تضمّن «سلسلة مغالطات وتحريفاً للوقائع، وأنّ بعضها يتكرّر عن قصد، على رغم أنّه سبق أن صدرت توضيحات حول حقيقة الملابسات التي رافقت تشكيل حكومة جديدة قبل انتهاء الولاية الرئاسية.. وتعليقاً على الترويج بأنّ ثمة مبالغ مالية دُفعت في مقابل الحصول على الجنسية اللبنانية، دعا عون كلّ من دفع مالاً أو طُلب منه مالا، أو تعرّض للابتزاز أو أي وجه من وجوه الرشوة، أن يُبلّغ الأجهزة الأمنية والقضائية المختصّة لتجري التحقيقات اللازمة تمهيداً لإنزال العقوبات في حق المرتكبين. ورداً على الرئيس عون، جدّد المكتب الإعلامي لميقاتي تمسُّك الأخير بكلّ ما أورده بشأن ملف التجنيس، مكتفياً بهذا القدر «احتراماً لفخامة الرئيس ميشال عون ولمقام رئاسة الجمهورية». 

  «تطيير» اجتماع لجنة المؤشر 

معيشيا، اعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر تأجيل اجتماع لجنة هيئة المؤشّر الذي كان مقررا يوم غد الاربعاء «لان ما عُرض على الاتحاد لا يتناسب مع زيادة غلاء المعيشة وارتفاع سعر الدولار». وقال: «ما عُرض علينا فُتات والهيئات الاقتصادية رفضت طرح العشرين مليون ليرة كما طُرح مبلغ 10 ملايين ليرة كراتب إلّا أن هذا الطرح لم يلقَ جوابًا وسنستمّر بالمفاوضات بانتظار إقرار الدولار الجمركي». في هذا الوقت، صدر عن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل قرار قضى بإعطاء الزيادة المنصوص عليها في قانون موازنة 2022 للعاملين في القطاع العام وللمتقاعدين.   

  مزاعم «اسرائيلية» حول المقاومة؟ 

في هذا الوقت، تدخل «اسرائيل» في زمن اليمين المتطرف مع تقدم اتصالات رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتانياهو لتشكيل الحكومة، ومع تسلم هرتسي هليفي مهام منصب رئيس الأركان في فترة تحديات خاصة، شككت صحيفة «يديعوت احرنوت الاسرائيلية» بقدرة نتنياهو على تدمير المشروع النووي الإيراني ، ولفتت الى ان الدروس من التجربة السابقة، في 2011، لا تبشر بالخير. فمع حكومة كهذه لا نصل إلى طهران؛ وفي أقصى الأحوال نصل إلى «لاهاي» اي محكمة العدل الدولية.. هذه الخلاصة التي تعطي دليلا عن حجم الانقسام داخل «اسرائيل»، التي تحاول اجهزة الاستخبارات تعويضه ببث مزاعم حول تعاظم قدرات حزب الله العسكرية، وجديدها حديث القناة الـ(12) العبرية، أن إيران نشرت نظام دفاع جوي جديد في سوريا، لصد الهجمات «الإسرائيلية». وأضافت القناة العبرية عبر موقعها الإلكتروني، أن إيران نشرت النظام الدفاع الجوي في منطقة دمشق الأمر الذي سيؤدي إلى تقليص واسع النطاق لأنشطة سلاح الجو «الإسرائيلي» في سوريا ولبنان. ووفقا للمزاعم «الاسرائيلية»، فان العقيد داود الجعفري ، ضابط الحرس الثوري الذي قُتل في سوريا الأسبوع الماضي، له علاقة بنشر منظومة  «باور 373». 

سلاح كاسر للتوازن 

وهذه المنظومة «الكاسرة» للتوازن الجوي، يمكن مقارنتها بمنظومة اس 300 ومنظومة أس 400 الروسية، وهي تتزامن مع نجاح طهران بتطوير صاروخ «فكور 90» مع مدى إصابة للطائرات من 120 كيلومترا الي 200 كيلومتر ، مع اضافة ثلاثة أنظمة للتتبع الجوي مع نظام ليزر مع نظام بصري إلكتروني لتتبع الطائرات وصواريخ الكروز.

ووفقا لمصادر معنية بالملف، لا يمكن الجزم ما اذا كانت هذه المنظومات قد وصلت الى حزب الله، ولا يوجد اي داع لطمأنة «اسرائيل» اصلا، لكن التسويق لهذه المعلومات يقع ضمن الحرب النفسية التي تخوضها «اسرائيل» ضد المقاومة، وهي تحاول ايجاد مبررات للتصعيد لحرف الانظار عما يجري في الشؤون الداخلية، لكن يجب الحذر من اي خطوة «اسرائيلية» مفاجئة، خصوصا ان نتانياهو يريد اثبات قوة حضوره، واذا تعثر ضرب طهران فانه قد يلجأ الى عملية محدودة على الحدود الشمالية. وهذا الاحتمال لا يسقط ابدا من حسابات حزب الله الذي يستبعد التصعيد، لكنه جاهز للرد على اي اعتداء.  

الأكثر قراءة

جبهة الجنوب تترقب «عض الأصابع» في الدوحة... وجيش الإحتلال في محنة سفراء «الخماسيّة» يُروّجون لمرونة وهميّة: تهيئة الأرضيّة لما بعد الحرب! «بضاعة» باسيل كاسدة مسيحياً... برودة في بكركي... وسلبيّة «قواتيّة» ــ «كتائبيّة»