لطالما كتب عن العلاقة الفرويدية بين أميركا وأوروبا. الابنة هنا تتعامل مع الأم مثلما تتعامل مع القهرمانة. أكثر بكثير من الاغتصاب الذي جعل أوديب يفقأ عينيه. ريجيس دوبريه سأل "أين هي روح أوروبا؟".
لو كان هناك جيمس مونرو، صاحب المبدأ الشهير (مبدأ مونرو ـ (1823 لأجاب "تلك الروح التي تنبعث منها رائحة الدم". لأجل ذلك أقفل أبواب أميركا في وجه أوروبا..
لا حدود للغطرسة الأميركية. اذ قال روبرت كاغان "نحن أبناء المريخ وهم أبناء فينوس"، ذهب جون بولتون، بفظاظته الشهيرة، وبشاربيه الشهيرين، الى حد القول "ما هذه الجثة التي على ظهورنا!".
كيف لدولة ما، لأمبراطورية ما، أن تضع يدها على قارة أنتجت كانط، وهيغل، وفولتير، وبتهوفن، وشتراوس، وماركس، ودوركهايم، وهوبز، وشكسبير، واينشتاين، ناهيك عن بريجيت باردو، وصوفيا لورين، ومونيكا بيللوتشي، ورومي شنايدر؟ هذا غيض من فيض. هل بامكان الآلهة أن تصنع ذلك؟
انها أميركا التي انتزعت، عنوة، بعض صلاحيات الله (أم صلاحيات الشيطان؟). نسخة عن... القضاء والقدر!
ايمانويل ماكرون وأولاف شولتس، استعادا قرع الطبول في القارة. نشرا مقالة مشتركة في صحيفة "فرنكفورتر الغماينه"، تختزل الصرخة الأوروبية في وجه أميركا. ضمناً، الى أين يمضي بنا البيت الأبيض، بل الى أين يمضي بالكرة الأرضية؟
بعض ما ورد في المقالة ـ الصرخة"...أن تصبح أوروبا أكثر سيادة، وتمتلك الامكانات الجيوسياسية لارساء النظام الدولي"، ليضيف الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني "قدرات أوروبية معزّزة ودعامة أوروبية أقوى للأطلسي، ستجعل منا شريكاً تجاه الضفة الأخرى للأطلسي، الأكثر تجهيزاً، والأكثر فعالية وقوة"...
ذات يوم، دق شارل ديغول على باب أميركا، وكان في زيارة لكندا،"كيبك فرنسية". العصا الفرنسية لم تسقطه بالدبابات، أو بالدماء، كما تفعل بالعرب. حتى تظاهرات 1968 (كوهين بنديت) التي كادت تفضي الى حرب أهلية لم تستطع ازاحته. الضربة القاضية كانت في صناديق الاقتراع، لتسقط القبعة التي عليها صليب اللورين عن رأس الجنرال.
وحين دعا فرنسوا ميتران الى عقد مؤتمر في مدينة البندقية للبحث في أزمة الشرق الأوسط، استعاد توماس فريدمان عنوان رواية الألماني توماس مان "موت في البندقية"، ليكتب مقالة في "النيويورك تايمز" مؤداها هذه المنطقة تابعة عقارياً (وحصراً) للاله الأميركي...
قد تكون تناهت اليكم قهقهات بولتون أيضاً حين قال ماكرون لـ "الايكونوميست" ان حلف الاطلسي اصيب بالسكتة الدماغية، داعياً الى انشاء جيش أوروبي مستقل (يكون، بشكل أو بآخر، البديل عن الحلف). ايضاً، ذاك التعليق الفظ "...ثمة قرد بعينين زرقاوين يحاول أن يتسلق الجدار". جدار الهيكل، الهيكل المقدس بطبيعة الحال.
كم هو مضحك، وغرائبي، التاريخ أحياناً. فرنكلين روزفلت (أحد ثلاثة كبار دخلوا الى البيت الأبيض) كان يكره ديغول. اذا حال دون مشاركته في مؤتمر يالطا الى جانب جوزف ستالين وونستون تشرشل، فكّر في اقتطاع جزء من فرنسا (ومن بلجيكا) لانشاء جمهورية فالونيا.
الألمان يستشعرون "مرارة الحصار الأميركي". غانتر غراس سأل "ماذا بقي من عبقرية بيسمارك، أو عبقرية نيتشه؟". لكنهم يستذكرون دبابات جوكوف وهي تدك برلين. لم يكن الماريشال الروسي وحده من دخل الى ألمانيا. ولكن ألا يتعامل الأميركيون معها كما لو أن أدولف هتلر لا يزال يختبئ في احدى زواياها؟
شولتس الذي تمنع كثيراً في البداية، وهو الخائف من التداعيات الكارثية (التداعيات النووية) للحرب على مقربة من حدوده، ما لبث أن انحنى أمام التكشيرة الأميركية، ليرسل دبابات ليوبارد الى فولوديمير زيلينسكي، برهانه الدونكيشوتي على تسلق أسوار الكرملين، وسوق فلاديمير بوتين الى حبل المشنقة.
لا جدوى من مقالة ماكرون ـ شولتس. الاثنان يدركان أن تلك الحرب قد تخرج في أي لحظة (أبوكاليبتية) عن مسارها الكلاسيكي. ولكن ما العمل؟
دولتان تدركان ما تعنيه مثل تلك الحروب. أميركا التي لم يسقط فيها حجر تنظر الى الأوروبيين الذين أوجدوها وصنعوها... القردة بعيون زرقاء!!
يتم قراءة الآن
-
إشربوا حليب السباع وزوروا دمشق
-
عجلة المصالحات في المنطقة تتسارع ولبنان على «رصيف انتظار» نجاح التسويات الملف اللبناني ليس اولوية سورية ــ سعودية وواشنطن «غير مهتمة» وطهران لا تتدخل وفد «الصندوق» مصدوم ويحذر من وضع خطــر جداً... الانتخابات البلدية في خطر
-
هكذا سُحب فتيل التفجير ليل الثلاثاء
-
السيّد نصرالله يقود "إسرائيل" الى الهاوية...
الأكثر قراءة
-
عجلة المصالحات في المنطقة تتسارع ولبنان على «رصيف انتظار» نجاح التسويات الملف اللبناني ليس اولوية سورية ــ سعودية وواشنطن «غير مهتمة» وطهران لا تتدخل وفد «الصندوق» مصدوم ويحذر من وضع خطــر جداً... الانتخابات البلدية في خطر
-
هكذا سُحب فتيل التفجير ليل الثلاثاء
-
السيّد نصرالله يقود "إسرائيل" الى الهاوية...
عاجل 24/7
-
17:37
رويترز : روسيا لا تنوي وقف صادراتها من القمح
-
16:41
وزارة الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على شركات بيلاروسية مملوكة للدولة وعلى مسؤولين حكوميين
-
16:29
وزير الدفاع التركي خلوصي أكار: الوجود العسكري التركي في سوريا يهدف إلى مكافحة الإرهاب، وحماية حدود تركيا ووحدة الأراضي السورية ولا يشكل احتلالاً
-
16:26
حركة المرور كثيفة من جسر الكوكودي باتجاه انفاق المطار
-
15:27
المستشار الألماني: دول الاتحاد الأوروبي ستواصل دعم أوكرانيا لأطول مدة ممكنة
-
15:03
تحليق مكثف لطائرات العدو الاسرائيلي على طول الحدود مع لبنان
