اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

أمواتٌ يدرجون

يكاد لا ينطوي ليلٌ ونهار الّا ويتكشّف لك أكثر هولَ ما وصلنا اليه من تردٍّ بات يلامس، في بعض الأحيان، حدود الردى . الخراب المتمادي بدا، في الايام الاخيرة، شاملاً مناحي حياتنا كلّها،غيرَ مستثنٍ منها أحزاباً دعيّةً بعينها ومراجعَ، على اختلاف مراتبها وتنوّعها في الدين والدنيا. ولعلّ أشدّ ما يؤلم، وسط هذا الخراب، هو نحن جميعاً، نحن "هذا الشعب"، الساكن في استكانته. الخانع الخاضع للأمر المفعول، والمنتظر على قارعة التاريخ، ساعة موته. أفظعُ ما في المشهد المأساوي هذا أنّ الكثرة، منّا، التي تتعرّض حياتها، يوميّاً، لنهش القلّة الكاسرة، وانّ المتضررون ضرراً متعاظماً في ارزاقهم، في اعناقهم وفي أرواحهم يسلكون وكأنّ اللهَ ختمَ على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم. لكأنّهم بالخراب، بالعذاب لا يشعرون . والّا فماذا ينتظرون، بعدُ، حتّى يتحرّك في وجدانهم، في عقولهم، ساكن؟ العجبُ الذي يتجاوز حدود الارتياب نفسه أنّ الذين يقولون بالوعي شرطاً لنجاح المواجهة والصراع، لم ينجحوا،بعد، لم يتّفقوا، بعد، على صياغة مشروع عمليّ لاطلاق ثورة فعليّة على البلادة في صفوفهم،على البلاهة،على الظلام والطغيان والاجرام،بكل اسمائه والأشكال والألوان. لكأنّ لبنان، اليوم، ليس سوى مكان اقامةٍ ليست دائمة للمقيمين فيه ولأبناىهم من بعدهم... الوجود بالقوة الذي هو غير الوجود بالفعل يفيد أن ليس في لبنان شعبٌ مستكملٌ شروطَ وجوده. لا وجود خارج الوعي الذي يُوجِبُ الدفاعَ عن الوجود . يبدو أنّنا،في أكثرياتنا لسنا اصحاب وعيٍ بقدر ما نحن،في الوعي المجتمعي، أدعياء. اكثرنا، في احزابنا وفي غيرها، أشباهُ أمواتٍ يدرجون.. على رجاء القيامة من هذا الموت، من هذا القهر، نَمضي، وعلى رجائها نُمضي ما تبقى لنا من العمر.

الأكثر قراءة

الليرة تنهار دون كوابح ولبنان ينافس افغانستان على المرتبة الاخيرة في «التعاسة» «مساومة» سعودية تؤجل الحل وفرصة مقيدة للمعارضة للاتفاق على مرشح رئاسي دعوة بكركي للصلاة تكتمل بموافقة الاحزاب المسيحية الرئيسية ولا تفاهمات سياسية