اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بدأت بيوت الضيافة بالإنتشار بشكلٍ كبيرٍ في السنوات الخمس الماضية، وتنقّلت بين مختلف المناطق بحكم نجاحها في إستقبال أعدادٍ كبيرةٍ من الزوار. وبيوت الضّيافة لا تتطلب معظمها مبالغ ضخمةً لتأسيسها، على عكس الفنادق والمؤسسات السياحية الكبيرة التي تتخطى قيمتها المليون والمليوني دولار بالحد الأدنى. اليوم، بلغ عدد هذه البيوت قرابة الـ160 مشروعًا، وهي تتفاوت من حيث سمعتها وفخامتها والخدمات التي تقدّمها.

"موضة جديدة"

تتميّز بيوت الضّيافة في لبنان بعمارتها القديمة وهندستها الدّاخلية الحديثة، وهي مؤهلة لإستقبال وإيواء هواة السياحة البيئيّة والثقافيّة على أنواعها، حيث يتم إنتقاؤها في مناطق وقرى لبنانية، وذلك بهدف تعريف السّياح الأجانب واللبنانيين، على حد سواء، على العادات الشّعبية والتّقاليد والحياة العاديّة للمواطن والمطبخ اللبناني.

ومن أهم بيوت الضّيافة في لبنان، بيت الجبل في دير القمر، بيت جدّي في المتين، دار ألما في صور،Beit Lebbos في بيت الدّين، Old Town Guesthouses في البترون، City Guest House في طرابلس، دماسك روز في جونية، وبيت غيتا في العاقورة.. وغيرها التي تم إزدياد عددها مؤخرًا.

ولا شكّ أنّ لبيوت الضّيافة، أهمّية في تنشيط الحركة السياحية، والتي باتت مقصدًا للأجانب أيضًا الذين لم يعتادوا على هذا النوع من السياحة في بلدانهم. وتتفاوت أسعار هذه البيوت، لتصل في بعض الأحيان إلى 300 دولار مقابل الليلة الواحدة. ولهذه البيوت سعة ضئيلة مقارنةً بالفنادق، هذا ما قد يؤدّي إلى تهديد وجود الفنادق في لبنان.

بيوت الضّيافة تؤمن فرص عمل

يعتمد المواطن اللبناني على نفسه، في الكثير من الأحيان، ليتخطّى الأزمة والضائقة الإقتصادية التي يعيشها. ولأنّ راتبه لم يعد يكفيه، بات يفكّر في كلّ الطرق المناسبة التي تجعله يؤمن مردودًا ماليًا بالدّولار.

وهذا ما حصل مع سنا (40 عامًا). وتقول في حديثها للدّيار، "إنّها لم تعد قادرةً على تحمّل كلّ التكاليف المترتّبة عليها، لذلك قرّرت الإستفادة من منزل جدّها وجعله بيت ضيافة، يرحّب في كلّ سائح لبنانيٍ وأجنبيٍ، ليتعرّف على المنطقة وعاداتها (جزّين).

سنا وظّفت ربّة منزل لتكون الطاهية، ووظّفت زوجها ليكون سائق تاكسي للزّوار، ووظّفت قريبتها لتنظّف وترتّب البيت مع مجيء وعودة كلّ زائرٍ إلى المكان. أمّا هي، ستتكفّل بالمصاريف والفواتير وإلى ما هنالك.

حالة سنا ليست الوحيدة من نوعها، بل هذه "العادة" المفيدة من ناحية تأمين فرصة عمل لها وللآخرين، تبدو مفتاحًا يخرجها، إلى حدٍ ما من وضعها المشؤوم، بعد تقاضيها 200 دولار فريش لليلة الواحدة.

سكن الطلاب

مع بداية كلّ عامٍ دراسيٍ، ينزح العديد من طلّاب الجامعات إلى العاصمة بيروت لمتابعة تعليمهم. والمعروف منذ "أيام الخير"، كان إستئجار السّرير الواحد بـ200 دولار أو 300 ألف ل.ل. أكان فوايي للشابات أو للشباب.

ومع إنهيار الليرة اللبنانية مقابل الدّولار، باتت الـ200 دولار حلمًا للبعض، خصوصًا وأنّ تأمينها لم تعد سهلةً أبدًا لطالبٍ لا يتعدّى عمره 20 عامًا. فما الحل؟

عندما إجتاح فيروس كورونا البلاد، تم تسكير البلد بالكامل وإعتماد التعليم الإفتراضي من دون الحاجة إلى حضور الطلاب إلى الجامعات، بحيث أنّ الجامعات كانت أغلقت أبوابها أيّام الحجر. وبعد عودة الوضع إلى ما هو عليه اليوم، بات الدّولار الواحد بـ100 ألف ل.ل. فكيف يحضرون الطلاب صفوفهم في بيروت وأين ينامون؟

سهى، أرملة وأمّ لشابيّن، هاجرا إلى دول الإغتراب. تعيش وحدها في منزل العائلة.

وتقول:" مثلي مثل أيّ أم أولادها في دول الإغتراب، أقوم بإستقبال فتيات من معظم الجامعات في بيروت، تحديدًا في فرن الشباك والجديدة والفنار، بعدما عرفتُ أنّها باتت عادةً باتت تعتمدها النساء لكسب رزقهنّ بالحلال".

وتتابع في حديثها للديار:" بدل أن أتقاضى منهنّ 200 دولار، أقبل الـ100 منهنّ وأتعاطف مع وضعهنّ ليطعاطفن مع وضعي، وقمت بإستشارة صاحباتي اللواتي قمن بهذه الطريقة مع باقي الطالبات".

الـ "ار بي ان بي" تنافس الفنادق

نافست بيوت العطل في لبنان، كل الفنادق اللبنانية نسبةً لأسعارها المقبولة إلى حد ما، وإعتمادها على كل ما يرضي الزبون.

ولو أردتَ إستئجار بيتٍ من هذه البيوت لليلةٍ مثلًا، كل ما عليك فعله هو زيارة تطبيقهم وإختيار المكان وميزاته واختيار السعر للذي يلائمك ليكون المكان الأمثل لقضاء فترةٍ من الراحة مع العائلة أو مع الشريكة.

والـ "ار بي ان بي" هو موقع يتيح للأشخاص تأجير وإستئجار أماكن سكن، بحيث يحتوي الموقع على أكثر من 800 ألف إعلان موزعة على 33 ألف مدينة في 192 دولة.

يقوم المضيف بإنشاء صفحة تعريفية خاصة به، وصفحة تعريفية خاصة بالمكان الذي يؤجره. وتحتوي أيضًا على توصيات من أشخاص آخرين ومراجعات من نزلاء المكان وتقييم للمكان، كما يكون بإمكان المضيف التواصل مع النزلاء عبر نظام مراسلة خاص.

وتعمل منصة "إر بي إن بي" على تعطيل نموذج الضيافة التقليدي، حيث يختار السائح العيش مع السكان المحليين بدلًا من الإقامة في الفنادق. مع هذا الخيار الذي يمكنهم من توفير المال، هناك عامل جذب إضافي يتمثل في الخروج عن المسار السياحي المثقل والتواصل مع المجتمعات المحلية.

وتعمل "ار بي ان بي" على تحقيق معيار المصداقية أيضًا عبر توفير ميزة التأمين، وجَعل عمليات التواصل والدفع حصرًا عن طريق الموقع، كما يتيح برنامج محادثات خاص به تساعد المستخدم على التواصل مع المُضيف والإستفسار عن كل شي يتعلق بالسكن.

لنقيب الفنادق بيار الأشقر، وجهة نظر مختلفة

في حديثه للدّيار، يؤكّد الأشقر "أنّه صحيح أنّ بيوت الضّيافة باتت تزدهر في الفترات الأخيرة، لكنّها لا تتنافس مع الفنادق، بل العكس هي مشروع يُكمل عمل الفنادق، بالإضافة إلى ذلك، تقوم بيوت الضيافة بتحسين الوضع السياحي لأنّها تعرّف الزائر على ريف وضيع في غالب الأحيان لا يوجد فيها فنادق كبيرة ومعروفة. ضف إلى ذلك وجود نقابةٍ جديدةٍ لها تقونن عملها بطريقة واضحة ورسمية".

ويقول:" المنافسة محدودة جدًا، وعمل بيوت الضيافة جاءت إستكمالًا لعملنا، ولكنّ الفوضى هي مع "الـ ار بي ان بي".

ويضيف:" في كلّ دول العالم، الـ "ار بي ان بي" هو مشروع ممنهج منظّم ومقونن، إلّا في لبنان". والسبب وراء ذلك، أنّ السائح الذي يقطن البيت لفترةٍ ما، لا يمكننا معرفة إسمه ولا أيضًا معرفة المالك ولا هنالك عقد رسمي بين الطرفين، عكس ما يحصل في الفنادق. نحنُ، نزوّد الأمن العام كلّ التفاصيل ونعرف من خلال البطاقات، هوية الأشخاص ويكون الوضع مشروعًا أكثر. بالإضافة الى التكاليف المترتبة علينا من تنظيف وغيارات الشراشف وتأمين المأكل والمشرب والنّظافة والأمان 24/24. الفوضى التي نواجهها مع "ار بي ان بي" هي أنّ هنالك أشخاصا معيّنين يقومون بتأجير المنزل لفترةٍ لا تعرف، ويكون بطبيعة الحال بكلفةٍ أقلّ نسبةً لتكاليفهم الأقلّ".

ويجزم أنّ "حال الفنادق صعبةً، لا بسبب بيوت الصيافة ولا بسبب الـ"ار بي ان بي" إنّما بسبب الأوضاع السيئة التي يمّر بها لبنان منذ أكثر من 20 عامًا، لاسيّما مع أوضاع كورونا، والحروبات والصراعات والإنفجارات، آخرها كانت مع أنهيار العملة الوطنية وحال الدّولار". 

الأكثر قراءة

الجبهة بين التصعيد المضبوط والحرب الشاملة... واشنطن تتدخل للجم التدهور زيارة صفا الى الامارات: المقاومة لم تقدم اي تعهدات