اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


 

تزامناً مع لقاءات سورية ـ "اسرائيلية"، لقاءات تركية ـ "اسرائيلية" في اذربيجان. منذ البداية كان واضحاً أن رجب طيب اردوغان يراهن على عقد صفقة متعددة الأبعاد مع بنيامين نتنياهو حول سوريا. نوع من الكوندومينيوم (الحكم الثنائي)، على أن يكون الشمال تركياً والجنوب "اسرائيلياً"، دون أن تتوقف اللوثة التاريخية لأنقرة عند سوريا، ودون أن تتوقف اللوثة الايديولوجية لـ "تل أبيب" عند سوريا. مقابل "اسرائيل الكبرى" "تركيا الكبرى". ما رأي أميركا وروسيا في ذلك؟

 لا مشكلة لدى أحمد الشرع في عقد معاهدة سلام مع بنيامين نتنياهو. منذ أن عرفناه في تنظيم "الدولة الاسلامية" ألى "جبهة النصرة" التي تحولت الى "هيئة تحرير الشام"، لم نلاحظ أنه تفوه بكلمة، برصاصة، ضد الدولة العبرية. ذاك النوع من الاسلام السياسي المصاب بالعمى الاستراتيجي والعمى الايدولوجي، لا قضية لديه سوى القتل، وبالطريقة التوراتية. الرئيس السوري الذي تتواجد الدبابات "الاسرائيلية" على مدخل قصره، قال بالحرف الواحد ألا عداء بينه وبين "اسرائيل".

 هكذا تبنى دولة الاسلام، بأنياب الذئاب. القرآن الذي يقدم الاسلام كدين الهي وكوني، لم يتحدث عن نظام اسلامي. هذه بدعة يبدو أن الفقهاء أخذوها عن "الحاخامات"، لنعيد ونذكّر بأن محمد علي جناح، مؤسس باكستان، أوكل الى المفكر النمساوي ليوبولد وايس الذي اعتنق الاسلام، وضع دستور لنظام اسلامي. بعد عامين من البحث والتأمل، لاحظ ألا وجود لمثل ذلك النظام في القرآن.

 المشهد أكثر تعقيداً بكثير من أن يتلقفه اردوغان أو نتنياهو. الشرق الأوسط أمام تحولات قد تبدأ خلال زيارة دونالد ترامب للمملكة العربية السعودية الثلاثاء المقبل. تشابك في الرهانات وفي التوقعات. قناة "فوكس نيوز " قالت ان الرئيس الأميركي لا يذهب الى المنطقة بسلة فارغة، يريد اعادة ترتيب المشهد لا بحسب الرؤية التركية، ولا بحسب الرؤية "الاسرائيلية"، انما بحسب الرؤية الأميركية (الترامبية تحديداً). من الاسئلة الحساسة... هل يعلن من الرياض قبوله باقامة الدولة الفلسطينية، اذا كان يريد لرأس نتنياهو أن يتدحرج بين قدميه؟

 للمرة الأولى يجول رئيس أميركي في المنطقة، دون أن تكون محطته المركزية "اسرائيل"، بعدما لاحظنا حال الجفاء بينه وبين زعيم "الليكود"، وقد بدا جليّاً أنه لا يعرف من هو دونالد ترامب الذي لا يرى في العالم غير دونالد ترامب، كيف له أن يرى في الشرق الأوسط بنيامين نتنياهو؟ شيء ما حول غزة، بعدما أثبتت الأحداث أن هذا الأخير لا يخوض الحرب فقط كأي قائد احمق، لا يمتلك أي رؤية حول اليوم التالي، يخوضها فقط للبقاء في السلطة. توماس فريدمان الذي يرصد بدقة أجواء البيت الأبيض، وجه مقاله في "النيويورك تايمز" الى الرئيس الأميركي بهذا العنوان "نتنياهو ليس حليفاً لنا بل يهدد مصالحنا". مواقع التواصل اشتعلت "اغتيال نتنياهو"!

 خطة رئيس الحكومة "الاسرائيلية" كي لا يخرج من الحرب جثة هامدة. تفريغ غزة من سكانها. تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية اشار الى أن رعاية أميركية لتلك الخطة، تعني "حدوث انفجار في معسكر الحلفاء"، ووضع المصالح الأميركية، بما فيها المصالح الاستراتيجية، في مهب الحرائق.

 كيف لنتنياهو أن يلعب خارج المربع الأميركي؟ ناحوم بارنياع قال له "هل تعلم أن دونالد ترامب هو الآن رجل البيت الأبيض لا جو بايدن"؟ ما يستشف من التعليقات "الاسرائيلية"، وفي ضوء الاتفاق الذي عقد مع الحوثيين، أن قائد القيادة المركزية الجنرال مايكل كوريلا لم يعد على تواصل دوري مع هيئة الأركان في "اسرائيل". لكن ما يلفتنا كلام حنين غدار، الباحثة اللبنانية في "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، وهو المعهد التابع لـ"لجنة العلاقات الأميركية ـ الاسرائيلية"، أي "اللوبي اليهودي" (ايباك)، الى احدى الشاشات اللبنانية، بـأن الاتفاق آني وينتهي بانتهاء جولة ترامب في المنطقة.

 اتصلنا ببعض المصادر الخليجية لاستيضاحها اذا كان صحيحاً الكلام عن أن الرئيس الأميركي سيعلن خلال جولته، اتجاه دمشق وأورشليم الى التطبيع. الاجابة كان أن اردوغان يلعب الآن بكثافة في الظلام، وحول هذه المسألة بالذات، بعدما سجلت محادثات هامة بين السوريين و"الاسرائيليين"، لتشير الى أن مسألة تطبيع العلاقات السورية ـ "الاسرائيلية" أكثر تعقيداً من أن تصل الى نتيجة بهذه السرعة.

 هنا، لا بد من التوقف عند الكلام الذي أطلقه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره السوري أحمد الشرع "ان فرنسا تلعب دوراً اساسياً في التعاون، وهذا التعاون سيؤدي الى تصعيد المواجهة مع حزب الله، وسنستمر في ضمان الاستقرار في سوريا ولبنان". الرئيس الفرنسي ـ ايها السادة ـ يتعاون مع الشرع لتصعيد المواجهة ضد الحزب، ومن أجل الاستقرار في لبنان. هل يمكن أن يتفوه بهذا الكلام رئيس يعرف كيف يذبح الآلاف في سوريا، فقط بسبب انتمائهم الطائفي، كما يعرف كيف يهاجر المسيحيون من سوريا بعد العراق، وغداً من لبنان؟

 حقاً، لا يمكن أن نتصور ذلك من رئيس بلد أنتج فولتير وروسو ومونتسكيو ومالرو؟ ذروة الزبائنية السياسية والاستراتيجية. لكنه البحث عن مدخل الى الشرق الأوسط، ولو عبر كهوف تورا بورا، ودون أن يقرأ ما كتب وباللغة الأميركية فوق بوابة المنطقة: "ملك خاص"... !!

الأكثر قراءة

إنتخابات الشمال اليوم : طرابلس مخلوطة الولاءات... ومعارك الإتحادات بين الأحزاب المسيحية العدوان «الإسرائيلي» يُظلّل زيارة أورتاغوس...ومسؤول أميركي باللجنة يُلاحظ تقدّماً الحكومة لتطبيق نموذج ميقاتي للرواتب؟والإتحاد العمّالي يُلوّح بالتصعيد