اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تنتشر مؤخرا ظاهرة العنف ضدّ الأطفال، وهو أمر يؤثر على الأطفال في جميع المراحل وعلى تطورهم من سنّ الطفولة الى سنوات المراهقة الأولى ويشمل: "العنف الجسدي أو العقلي، الإهانة وسوء المعاملة والإستغلال، والإعتداء الجنسي".وهو كامنٌ وراء الأبواب المغلقة وغير مرئيٍّ. ويمكن أن يحدث في المجتمعات العامة والمدارس والحضانات أيضاً، وهذا العنف يمكن الحدّ منه، لا بل منعه كلياً عندما يتآزر الناس على رفضه وحين يجعلون ما هو مستتر ظاهر. ففي "حضانة الأحلام" في منطقة الجديدة، تحولت الأحلام البريئة إلى كابوساً مرعباً يراود عقول الأطفال، بسبب "مربية معنِفة" قد مارست التعنيف اللفظي والمعنوي لتسع ساعات يومياً على الأطفال داخل حضانة "Garderêve".

 

"طفلي فقد النطق بسبب المعنفة وكانت تناديه يا أخرس"!

وظهرت الحاضنة جيني حلو خوري أمس في مقطع فيديو تعنف فيه أطفالا لا تتجاوز أعمارهم السنة الواحدة في حضانةGarderêve في منطقة جديدة، وأكد أحد الأهالي أن، الفيديوهات التي نشرت كانت جزءاً من سلسلة كبيرة تحتوي على مشاهد عديدة لأطفال معنفة أخرى لا يتجاوز عمرها الـ 3 سنوات.

وأُرسلت الفيديوهات إلى أحد الأهالي من قبل عاملة النظافة التي وثقت مشاهد المرعبة واللإعتداءات على الأطفال في الداخل على يد "المربية"، وترافقت هذه التصرفات مع صراخ وشتائم وألفاظ نابية التي نشرت حالة من الهلع والغضب على مولقع التواصل الإجتماعي الذي طالب بعض المواطنون خلالها بعقوبات قاسية "لتربية المربية".

وقالت إحدى الأمهات إن "طفلي فقد النطق والتعبير بعد دخوله الحضانة، وذلك تبين أنه بعد تعرضه للعنف الجسدي والمعنوي على يد "المربية" التي كانت تناديه "يا أخرس".

وظهرت "المعنفة" في الفيديو وهي تحاول اجبار ابنة ال ١١ شهرا على تناول الطعام، لتضربها بعد ذلك بسبب رفضها الأكل، كما وتلقى طفل ضربة قوية على رأسه بعدما بصق، عن غير قصد، الطعام الذي أدخل إلى فمه بكمية كبيرة.

 وقالت إحدى الأمهات إن "المسؤولة عن الحضانة علمت منّا بحصول تعنيف في دارها على الرغم من أن الأهالي عرفنا قبلها بما يحصل عندها وقالت صاحبة الحضانة إنّ الكاميرات متوقفة عن العمل رغم أنها في عيد الأمهات أكدت لنا أنّ الكاميرات تعمل وكلّ شيء تحت السيطرة والمراقبة".

وأكدت أن "لولا السيدة التي تركت عملها ووثقت ما يحصل بالفيديوهات لكانت دوامة التعنيف مستمرة داخل الحضانة".

ورفع الأهالي شكوى أمام القضاء بحق المعنفة جيني حلو خوري التي مارست الإعتداءات بشكل واضح ومتكرر في الفيديوهات على الاطفال الرضع.


تشكيل فريق للتحقيق في القضية

وتعقيباُ على الحادثة، أكّد وزير الصحة العامة فراس أبيض أن الوزارة شكلت بسرعة فريقا للتحقيق في قضية تعنيف أطفال في إحدى الحضانات، كاشفا أن الاجراء الاول هو توقف عمل الحضانة المعنية لحين صدور نتائج التحقيقات.

ووعد الابيض، أنّ الاجراءات ستذهب أبعد من ذلك.

وأوضح أن المراقبة ليست على المستوى المطلوب أحيانا بسبب الازمة المالية في البلد.

كما وأكدت قوى الأمن الداخلي في تغريدة لها عبر "تويتر" أنه تم فتح تحقيق في هذه القضية من قبل مفرزة الجديدة القضائية بناءً لإشارة القضاء المختص.


"المعنفة" تعترف 

وبعد توقيف المعنفة وصاحبة الحضانة، لا تزال التحقيقات جارية وما زال مصدر هذا الحقد على أطفال عاجزين عن التعبير عن ألمهم النفسي والجسدي مجهولا.

كما وأعترفت "المعنفة" الظاهرة في الفيديوهات خلال التحقيقات أنها تتحمل كامل المسؤولية.

وادعت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون على جيني حلو خوري بجرم محاولة قتل وإيذاء أطفال في الحضانة.

كما ادعت عون على "صاحبة الحضانة بجرم الإيذاء لعدم القيام بالمراقبة اللازمة في الحضانة".


إقفال الحضانة بالشمع الأحمر وسحب ترخيصها

وأصدرت القاضية المنفردة في بعبدا الناظرة في قضايا أحداث في جبل لبنان جويل أبو حيدر قراراً بمنع حضانة "Gardereve" من فتح أبوابها ابتداءً من تاريخ صدور القرار، وذلك بعد تعنيف عدد من الأطفال.

وتعقيباً على قرار القاضية، اعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال فراس أبيض، في حديث تلفزيوني اليوم، انه "تم إقفال الحضانة بالشمع الأحمر وهناك إجراءات سنتابعها لأن الإقفال وحده لا يكفي".

وأعلن الأبيض سحب ترخيص حضانة "GardeRêve" في الجديدة وإغلاقها نهائيًّا، عقب حادثة تعنيف الأطفال فيها، إثر اجتماع ترأسه للجنة حماية الأحداث في الوزارة، تم خلاله تحديد مكامن الخلل والإجراءات الواجب فرضها، والعمل بها لمنع تكرار الإساءة لمن وجبت حمايتهم ورعايتهم، وستبقي اللجنة اجتماعاتها مفتوحة لمتابعة المقررات التي تم الاتفاق عليها، ووضع آلية عمل تضمن التنفيذ السليم للإجراءات المطلوبة.

وفي مؤتمر صحافي عقده بعد الاجتماع، أكّد الوزير الأبيض أنّ "المشاهد الصادمة حول تعنيف الأطفال في إحدى الحضانات تطلبت تحركًا سريعًا"، متوجهًا بالشكر إلى "جميع الذين تعاونوا مع وزارة الصحة العامة لمعالجة المسألة، ولا سيّما وزارتي العدل والشؤون الاجتماعية، كما فريق وزارة الصحة العامة الذي سارع إلى إجراء التحقيقات الأولية والميدانية، والتي اتخذ بموجبها القرار بإقفال الحضانة بالشمع الأحمر، والمسألة برمتها الآن باتت بعهدة القضاء".

وشدد على أنّ "الإجراءات التي تم الاتفاق عليها لتدارك حصول تجاوز مشابه ارتكزت على عدم تحميل الأزمات المتعاقبة التي يشهدها لبنان مسؤولية التفريط في حماية الأطفال والأحداث"، لافتًا في الوقت نفسه إلى أنّه "مع رفض التعنيف بكل أشكاله، هناك تحفظ على طريقة تعامل المجتمع ووسائل الإعلام مع الحدث، في وقت تغيرت المفاهيم في العالم كله".

وأعلن الأبيض عدة مقررات وهي اتخاذ وزارة الصحة العامة القرار بسحب ترخيص الحضانة وإغلاقها نهائيًّا، وتحديث المراسيم والقوانين المتعلقة بحماية الطفل والأحداث، حيث نوه المجتمعون بدعوة رئيسة لجنة المرأة والطفل النائب عناية عز الدين إلى جلسة نقاش الاثنين المقبل لمواكبة التغيير الحاصل في هذا المجال في العالم.

ومن المقررات، زيادة المعلومات عن الحضانات المرخصة والموجودة على الموقع الإلكتروني لوزارة الصحة العامة، لتمكين الأهل من معرفة المزيد من المعلومات عنها، كما ضرورة التأكد من التزام الحضانات بالقوانين المرعية بدءًا من وجود الكاميرات المطلوبة إلى حصول العاملين في الحضانة على الشهادات اللازمة وإخضاعهم للتقييم الدوري المطلوب والتدريب المستمر.

وأعلن الأبيض تكثيف زيارات الجهات المراقبة بما فيها الزيارات الفجائية للتأكد من التزام الحضانات بالقوانين، وعدم قبول أي تبرير لعدم الالتزام بصعوبة الأوضاع، كما اعتماد سياسة عدم التسامح مطلقًا (Zero Tolerance Policy) مع أي حضانة لا تلتزم بالمعايير المطلوبة، حيث لن يكون هناك أي تردد في اتخاذ أشد الإجراءات العقابية بحقها. والرسالة التي يراد توجيهها للجميع من خلال الإقفال السريع للحضانة بالشمع الأحمر ومن ثم سحب رخصتها، دليل مفادها ألَّا تهاون في تطبيق القوانين والإجراءات المرعية".

وإذ لفت الأبيض إلى "اعتماد مقاربة تعاونية بين جميع المعنيين بحماية الطفل والأحداث"، دعا الحضانات إلى "إلزامية مشاركة العاملين فيها في الدورات التدريبية التي تنظمها منظمات غير حكومية وجمعيات أهلية لرفع الجهوزية، والتأكد من أنهم في المستوى المطلوب لرعاية الأطفال".

ورأى أن "ما كُشف أمس شكل جرس إنذار يحفز على معالجة ثقافة التعامل مع الأطفال والأحداث في مجتمعنا"، مبديًا في الوقت نفسه أسفه "لمشاهد مماثلة تحصل في المنازل"، مشيرًا في هذا الإطار إلى "الإجرام الذي مورس بحق الطفلة الضحية لين طالب".

وأكّد الأبيض أنّ "ما حدث دعوة للمجتمع اللبناني ليحسن التعامل مع أطفاله لأن المجتمع الذي لا يحسن التعامل مع الأطفال سيكون مستقبله قاتمًا".


المادة 19 من إتفاقية حقوق الإنسان

ويذكر أن المادة 19 من إتفاقية حقوق الطفل تنص على ان "يملك جميع الأطفال الحقّ في الحماية من العنف وسوء المعاملة التي يمكن أن يتسبب بها أيّ شخصٍ في حياتهم، سواء الأهل أو الأساتذة أو الأصدقاء أو الشركاء أو الغرباء. وتعتبر جميع أشكال العنف التي يتعرّض لها الأطفال، بغضّ النظر عن طبيعة أو شدّة الفعل، ضارة. ويمكن أن يضرّ العنف بإحساس الأطفال وتقديرهم لذاتهم وإعاقة نموهم".



الأكثر قراءة

«اسرائيل» تواصل التهويل: انسحاب حزب الله او الحرب الشاملة تعديلات بالشكل لا بمضمون «الورقة الفرنسية» لا بروفيه وامتحان موحد لـ«الثانوية»