اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ما بعد الإجتماع الخماسي الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة، لم يعد من الممكن الحديث عن دور فرنسي قادر على إنتاج تسوية رئاسية في لبنان، نظراً إلى أن الدول الأخرى المشاركة في ذلك الإجتماع، أظهرت أن لديها وجهات نظر مختلفة عن تلك التي تحملها باريس، بدليل أن الجميع في لبنان ينتظر اليوم الحراك القطري، بعدما كان لشهور معولاً على المبادرة الفرنسية.

ما تقدم، يقود إلى السؤال عما يمكن أن تقود إليه الزيارة التي يقوم بها المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت؟ حيث هناك من يؤكد أنها تأتي لحفظ ماء وجه بلاده، على قاعدة أنها لا تزال حاضرة في الملف اللبناني، بالرغم من أن الجميع يدرك أن التأثير الأكبر أصبح لغيرها، وهو ما كان قد قاد إلى فشل أكثر من مبادرة طرحتها باريس في السنوات الماضية.

وعلى الرغم من ذلك، هذا لا يعني أن باريس لم يعد لديها أي دور، بل أن هذا الدور بات محدوداً جداً، ومرتبط بقدرتها على التواصل مع مختلف الأفرقاء، بالإضافة إلى ما قد تسمح به الدول الأخرى، تحديداً الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، وهو ما يفترض أن يظهر في الأسابيع المقبلة، أما الحديث عن دور مستقل من الممكن أن تقوم به، فهو بعيد عن الواقع، وفي حال كانت لديها هذه الرغبة فإن مصيرها هو الفشل.

لم تتمكن باريس من تسويق مبادراتها طيلة المرحلة الماضية، حتى عندما كان هناك غضّ نظر اميركي عن الملف اللبناني، وابتعاد سعودي كامل عن بيروت، ففي ذلك الوقت سعت فرنسا عبر رئيس جمهوريتها ولم تتمكن من المضي قدماً بأي طرح، ما عدا بعض الطروحات الاقتصادية التي أعطت باريس مكاسب في لبنان. وهنا تُشير مصادر سياسية الى أن باريس يوم كان يمكن أن تنجح، فشلت، فكيف يمكن توقع نجاحها اليوم بعد أن دخلت الولايات المتحدة الأميركية على الخط من الباب الإيراني، وتلقي المملكة العربية السعودية بثقلها في المنطقة بعد اتفاق الصين الشهير مع إيران؟

بحسب المصادر، فإن أقصى ما يمكن لباريس فعله في بيروت اليوم هو تسويق أفكار الآخرين، لذلك، وبعد أن ثبُت أن مواقف القوى الدولية المؤثرة في لبنان لا تزال في المربع نفسه، فلا يمكن توقع نجاح فرنسا في مسعاها، وبالتالي فإن زيارة لودريان لن تحمل أي جديد على مستوى الأزمة.

بعد سقوط فكرة الحوار الجامع، يسوق لودريان اليوم فكرة التفاوض الداخلي بين القوى، على شكل حوار «مقنّع». مع العلم أن هذا الطرح يحصل بالفعل، سواء عندما حصلت حوارات بين قوى 14 آذار وبعض «التغييريين» و»التيار الوطني الحر» وأفضت الى التصويت لمرة واحدة للمرشح جهاد أزعور، أو من خلال الحوار الجاري اليوم بين الوطني الحر وحزب الله، وبالتالي لا جديد بالطرح الفرنسي، علماً أن باريس تعلم كما غيرها بأن التسوية في لبنان لن تكون داخلية فقط، بل لها امتدادها الخارجي الضروري لتشكيل مظلة تحفظ استقرار لبنان السياسي والاقتصادي بعد سقوط المظلة العربية - الأميركية عام 2005. 

الأكثر قراءة

عمليات اسرائيلية مكثفة في رفح والاستعدادات لحرب موسعة تتواصل! التيار والقوات في سجال «الوقت الضائع»