اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

هذا هو مخيم عين الحلوة. صورة عن البانوراما الفلسطينية، بل والبانوراما العربية. غرنيكا قبلية، وايديولوجية، ودموية. بالرغم من ذلك نحمل على برنارد لويس ليس لأنه وصف الشرق الأوسط بـ "العربة العتيقة التي تجرها آلهة مجنونة"، وانما لوصفه العرب بـ "الكثبان الرملية التي تذروها الرياح". نقول... تذروها الأزمنة!

تصوروا كيف أن هؤلاء الفلسطينيين الذين يقتلون الفلسطينيين، وهم في تلك الأزقة الضيقة التي لا تليق بالذباب، يرفعون شعار تحرير فلسطين. لويس نفسه قال "العرب الذين ولدوا وهم يحملون الخناجر بين أسنانهم سيظلون يحملون هذه الخناجر حتى الى العالم الآخر".

ما علينا سوى أن نعلن للملأ وفاة القضية الفلسطينية. لا شيء هناك سوى الدم الفلسطيني بأيدي، وببنادق، الفلسطينيين. لاحظوا أين هو محمود عباس، وأين هو اسماعيل هنية، وأولئك الاسلاميين البرابرة الذين يريدون نقل تورا بورا الى بوابة الجنوب...

من زمان والمخيم مستنقع لكل أجهزة الاستخبارات. منير المقدح قال لنا ذلك من سنوات. ياسر عرفات وزع الألقاب ووزع المهمات، أيضاً وزع الكراهيات. تصوروا أنه أنشأ 12 جهاز استخبارات قبل قيام الدولة. لم يتعلم شيئاً من هو شي منه، الحافي القدمين (ومات حافي القدمين)، وقد وحّد الفصائل الفيتنامية الـ 14 تحت مظلة "الفيتكونغ"، ليهزم أعظم أمبراطورية في التاريخ...

كل ذلك الدم سفك على مدى أيام فوق أرض لا تتعدى الكيلومتر المربع. 13 شخصاً في المتر المربع الواحد. هنا البؤس المطلق. لكأن هذا المقصود أن تتشتت الدياسبورا الفلسطينية على أرصفة كوبنهاغن، أو بين مدن الصقيع (والهدوء المروع) في السويد،وفي كل أصقاع الدنيا. لم تعد فلسطين أكثر من مفتاح عتيق معلق في عنق امرأة عجوز.

كنا نتصور أن ما يتعرض له فلسطينيو الضفة على أيدي زبانية التوراة، وكيف يتهاوى الفتيان الرائعون برصاص يهوذا، سيؤدي الى توحيد القيادات (القبلية) الفلسطينية لأن الصراع صراع البقاء (ما تبقى من البقاء). على العكس من ذلك، لعباس حججه، ولهنية حججه ـ حجج الافتراق والاقتتال ـ يا جماعة، هل تناضلون من أجل فلسطين أم من أجل اسرائيل؟

ننتظر من أئمة المساجد، باعتبارهم القيمين على أرواحنا (الذين يطبقون على أرواحنا بمواعظهم الببغائية ) أن يعلنوا أن القادة الفلسطينيين باعوا الدم الفلسطيني، مثلما باعوا التراب الفلسطيني، لبنيامين نتنياهو، وايتامار بن غفير، وبسلئيل سموتريتش. هذه وصايا أوسلو...

بالرغم من كل الذي حدث (وقد يحدث لاحقاً) في عين الحلوة، ولأهل عين الحلوة، وهم أهلنا، لا يرف جفن للقادة الذين يتهمون بعضهم البعض بالتآمر. لكن ما يثير الذهول أن بعض القوى اللبنانية تدافع عن سلاح المخيمات (متى كان هذا السلاح للقتال ضد اسرائيل لا لقتل الفلسطينيين ؟)، باعتبار أن هذا السلاح قد يستخدم، ذات يوم، مثلما استخدم ابان الحرب الأهلية. أي منطق يحكم القائلين بهذا الرأي، وهل هم لبنانيون فعلاً ؟

حتى الحكومات العربية ترفض المس بهذا السلاح، مع أنها في بلادها تمنع الفلسطيني حتى من استعمال سكاكين المطبخ. ولكن، هل رأت الحكومات تلك النماذج (الاسلاموية) الآتية من الكهوف. ولطالما قلنا أنها الآتية من قاع الايديولوجيات، ومن قاع الأزمنة؟

لكننا في لبنان، بالرؤية السريالية أو بالرؤية الزبائنية، للمشهد. النائب سامي الجميّل، كأحد القادة المسيحيين الذين أضاعوا الطائفة ، وأضاعوا دورها ليس فقط في تأسيس الدولة، وانما في حداثة هذه الدولة، وتميزها في المحيط، يرى أن السلاح الفلسطيني المتفلت ناتج عن تفلت سلاح "حزب الله" الذي يعلم أنه هو من اقتلع الأقدام الهمجية من أرضنا.

على من يضحك حفيد الرجل (وصاحب اسمه ولقبة ومنصبه) الذي قال ان قوة لبنان في ضعفه، وهو الذي يعلم أن كل ما حصل من مصائب للبنان حصيلة اتفاق القاهرة، عام 1969، أي قبل أن يظهر الحزب، كقوة ضد الاحتلال، بـ 13 عاماً، وحيث بيعت الدولة، وكان جده أحد أركانها، لياسر عرفات قبل أن يرثها آرييل شارون...

ليدخل الجيش الى عين الحلوة ليس فقط لاقفال الكهوف، بل لانقاذ آلاف الفلسطينيين الذين يرفعون ايديهم الى الله: ماذا فعلت بنا... ؟!

الأكثر قراءة

بكركي ترفض «دفن الديمقراطية وخلق السوابق» وبري يعتبر بيان «الخماسية» يُـكمل مبادرته شرف الدين يكشف لـ«الديار» عن لوائح للنازحين تنتظر موافقة الامن الوطني السوري تكثيف معاد للإغتيالات من الجنوب الى البقاع... والمقاومة مستمرة بالعمليات الردعية