اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بات واضحا أن لبنان يعاني من أزمة لا يمكنه الخروج منها من دون إنجاز إصلاحات بنيوية تنقل البلد من حالة إفلاسه الإقتصادي، وفقدان دوره القديم، الى حالة إستعادة شخصيته الإقتصادية وتوازنه البنيوي تأسيساً لدور جديد يقوم به في المنطقة.

والواقع ان السجال الداخلي يدور اليوم حول أولويات بنود الإصلاحات البنيوية المطلوب إنجازها للسير على طريق التعافي الإقتصادي والوطني، ولقاء مستقلون من اجل لبنان – لقاء الشخصيات والنخب المسيحية المستقلة كإطار سياسي ونخبوي ، يسهم بهذا السجال عبر حوارات يجريها مع قوى ومراجع سياسية لبنانية.. ومن وجهة نظره فإن أولويات الإصلاح تتدرج وفق البنود التالية:

1) اللامركزية الادارية والمالية:

- يجب إعتماد وحدات إدارية، غير القضاء الحالي، لأن هناك 9 أقضية فقط فيها أكثرية سكان مسيحيين. وفي حال إعتماد الأقضية الحالية، فإن هذا سيشجع العودة الى مجلس إدارة متصرفية جبل لبنان المسيحي، أو الى إدارة القائمقاميتين المارونية و الدرزية. وعليه، نحن بحاجة الى تحديد أقضية أو محافظات جديدة، كوحدات إدارية يتواجد فيها اختلاط طوائفي لتعزيز الإنصهار الوطني، ويتوفر فيها موارد كافية لتأمين الإنماء المتوازن للمناطق، حتى لا تكون هناك تنمية و تطوير developpement socio – economique بسرعات مختلفة . يقال ان مركز الكاسليك يدعو الى اقامة 28 قضاء اداري جديد او وحدات ادارية على اساس نطاق اتحاد البلديات . كما يجب انتخاب مجلس القضاء / أو المحافظة من قبل المواطنين (الذين بلغوا 18 سنة و ما فوق)، ويجب أن يكون المرشحون لعضوية مجلس ادارة المحافظة مواطنين من حملة الشهادات الجامعية، على أن تكون المحافظة بمثابة حكومة مناطقية، بحيث يحق للمحافظ أن يتبوأ حقيبة وزارية، و لكن لا يحق له و لأعضاء مجلس ادارة المحافظة، أن يترشحوا الى الإنتخابات النيابية.على سبيل المثال رئيس بلدية Issy Les- Moulineaux أندريه سانتيني كان وزيرا سنة 1987 في حكومة شيراك ومن ثم عاد وانتخب رئيسا للبلدية . كما لا يحق للمحافظ - الوزير أن يعود الى منصبه السابق بعد مغادرته الحكومة الا في حال أعيد انتخابه محافظا" من قبل المواطنين في دورة انتخاب عادية. ومن المفضّل أن ينتخب المحافظ (رئيس مجلس ادارة المحافظة) مباشرة من قبل المواطنين ولا تخصص المقاعد الادارية المنتخبة للطوائف والمذاهب. أي يجري انتخاب أعضاء مجلس ادارة المحافظة من خارج القيد الطائفي وعلى أساس الكفاءة و البرنامج. يمكن اعتماد المناصفة في توزيع المقاعد اذا كنا مضطرين. ويحق للمواطنين المسجلين في نفوس أقضية ومناطق المحافظة (الوحدة الادارية الجديدة) أن ينتخبوا أعضاء مجلس المحافظة - دون سواهم من المقيمين. وما يجدر ذكره، هو أن الإصلاح الإداري يتضمن الربط الالكتروني بين مختلف المحافظات الإدارية ومراكزها الإنتخابية، حيث أن المواطن يستطيع الإنتخاب من مكان سكنه لأعضاء المحافظة في منطقته، من دون أن يتكبد عناء الإنتقال الى مسقط رأسه.

.. أضف أن اللامركزية الادارية، أو الحكومة الالكترونية في المناطق تسهل على المواطنين انجاز معاملاتهم الادارية بأسرع وقت ممكن. كما لا بد في هذا الاطار من تحديد مجالات الجباية المالية للمحافظة الإدارية (فواتير بلدية، فواتير الكهرباء والمياه والخدمات العامة، ضرائب متأتية من المؤسسات التجارية والصناعية والزراعية والسياحية والمصرفية ومن كافة الأنشطة الانتاجية، ضرائب الأملاك المبنية،... الخ؟؟). اذا كانت بعض المحافظات قد إستطاعت مراكمة عائدات مالية أكثر من سواها ، فلا بد أنها تنسق مع وزارة التخطيط ووزارة المال لتنفيذ مشاريع تنموية في منطقتها، لأنها قد تحتاج الى أموال من الخزينة المركزية (وزارة المالية) بسبب افتقادها للموارد المالية الكافية لانجاز المشاريع وحدها. فتؤمن الحكومة (المركزية) باقي الأموال اللازمة لتنفيذ هذا المشروع أو ذاك في هذه المحافظة، أو تلك بحسب الأولويات الحكومية (وزارة التخطيط)، وبحسب الإمكانات الموجودة في الخزينة المركزية ( كما هو الحال في الولايات المتحدة الأميركية).

2) قانون الإنتخاب كمدخل للإصلاح السياسي و تغيير الطبقة السياسية الحاكمة على أساس توالي / تتالي النخب ( Pareto &Mosca : The Circulation of Elites) : يقتضي المضي في الإصلاح بهذا الملف، إعتماد النسبية في دوائر موسعة ومختلطة مع الاحتفاظ على التوزع الطائفي الحالي للمقاعد، أو اعتماد لبنان دائرة واحدة مع النسبية و المناصفة، اضافة الى صوت أو صوتين تفضيليين لتوزيع ترتيب الأسماء داخل القائمة الواحدة.

3) مجلس شيوخ منتخب على أساس التمثيل النسبي والمناصفة كمؤسسة مستقلة بصلاحيات أساسية محددة: يتم انتخاب أعضاء هذا المجلس في نفس الوقت مع انتخاب أعضاء مجلس النواب. وتعتمد المداورة بين المذاهب في رئاسة مجلس الشيوخ (بين الدروز والأورثوذكس والكاثوليك والأرمن والسريان والأقليات) على أن لا تجمع أي طائفة رئاسة مؤسستين في نفس الوقت. واعتبار أن منصبي نائب رئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس مجلس النواب لا يوازيان منصب رئيس مجلس الشيوخ لأنهما يفتقدان لأي صلاحيات واضحة.

4) ملف اللاجئين السوريين: يتحتم في هذا المجال الإتفاق مع الحكومة السورية على وضع برنامج لإعادتهم بالتدريج الى مناطق مؤهلة للسكن، وذلك إرتباطاً بتأمين التمويل اللازم لعملية إعادة الإعمار في سوريا. يجب أن لا يتحول هذا الملف الى ورقة ضغط إقتصادية – إجتماعية على لبنان، وورقة ضغط سياسية على سوريا.

5) إعادة هيكلة الإقتصاد والمصارف، وذلك بعد توزيع الخسائر وإسترداد الأموال المهربة الى الخارج..

- ثمة حاجة في هذا المجال لأن يقوم البنك المركزي بإعادة ترخيص للمصارف بعد دمجها وتجديد رأسمالها والزامها بوضع قسم من أموالها لدى المركزي، وتخصيص 50% من رساميلها (الخاصة والمجمعة من الايداعات) للتوظيف في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في قطاعات الانتاج الوطني الصناعي والزراعي والسياحي والتكنولوجي الخدمات الطبية والتربوية. أي تمويل الصناعات والزراعات التصديرية ذات القيمة المضافة العالية / ذات الميزات التفاضلية. كذلك تخصيص 25% فقط من رساميل المصارف لاستثمارها في سندات الخزينة وسندات اليوروبوند ومضاربات السوق العقاري – الاقلاع عن المصرف العائلي الريعي وعن تمويل الصفقات التجارية والعقارية فقط وفق صيغة الجمهورية المركنتيلية التي تحدث عنها ميشال شيحا.

- اعتماد سياسة ضرائبية جديدة (كأداة لاعادة تدوير أو توزيع الثروة) وفق مستويات المداخيل، أي اعتماد شرائح ضرائبية tranches مختلفة بحسب مستويات الدخل مع زيادة الضريبة على الثروات الكبيرة وانتقالها بالارث وعلى أرباح المصارف الريعية من فوائد سندات الخزينة ومن المضاربات العقارية. كما يجب توحيد الضريبة على المواطن الفرد بحيث لا يدفع أكثر من ضريبة، واحدة على الاستهلاك (TVA) وضريبة على الراتب وضريبة على مدخول الأسرة السنوي ...الخ. أضف أنه يجب اعفاء الشركات الناشئة من الضرائب الحكومية لمدة خمس سنوات ولا سيما تلك العاملة في اقتصاد المعرفة وتكنولوجيا المعلومات والتعليم الحديث وفي مجالات البيئة والصحة والطاقة والمياه .

- تنويع مصادر التجارة الخارجية؛ أي تحقيق ما يمكن تسميته بـ "انقلاب تنموي" من خلال التعاون مع دول المشرق العربي و إيران وروسيا و الصين و الهند ..الخ. يبدو مجدياً في مجال التسلح وتجهيز الجيش والمؤسسات الأمنية، التعاون مع روسيا و الصين ؛ وبالتوازي التعاون مع العراق في مجال النفط والطاقة، ومع سوريا في مجال التصدير (تصدير الفوسفات مثلا" من مرفأ طرابلس بعد معالجته في معامل في شمال لبنان)، ومع ايران والصين في مجال التكنولوجيا . كما يمكن التعاون مع ايران في مجال الطاقة/ الكهرباء والمشتقات النفطية. الواقع الحالي يقول أنه ليس هناك من توازن تجاري في لبنان، ما يطرح سؤال اساسي وهو أين دور الدولة في الإقتصاد ؟..

- مسألة الخصخصة ومشاركة القطاعين العام والخاصpartenariat public – prive أو الاستفادة من قدرات وخبرات القطاع الخاص على المنصة العامة. وفي هذا المجال يمكن تلزيم القطاع الخاص المحلي والأجنبي وفق دفتر/ عقود مزايدات أو عقود BOT لادارة مؤسسات ومرافق عامة مثل المطار والمرافىء والكازينو وشركة الطيران وقطاعات الإتصالات الأرضية والخلوي والأنترنت والفايبر أوبتيك؛ وكذلك مشاريع سكك الحديد والميترو والأوتوستراد العربي بيروت – دمشق والأنفاق بيروت – البقاع (على سبيل المثال، يقول الصينيون أن هذا المشروع الذي يكلف 2 مليار $ غير مجدي، لأن إستعادة أمواله المنفقة بحاجة الى فترة طويلة جداً)؛ اضافة الى تحرير الأملاك البحرية العائدة ملكيتها للدولة ووضعها للإستثمار من قبل القطاع الخاص، وفق شروط المزايدة المتبعة. ولا شك أن هذه التدابير تغنينا من إنشاء صندوق إئتماني يدير أصول الدولة المقدرة بنحو اكثر من 100 مليار $ - بحسب تقدير الوزير جبران باسيل.

الأكثر قراءة

صرخة معلولا: أيّها الأسد أنقذنا