اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كاهن سوري صديق، منتدب الى الفاتيكان، اختزل هكذا الصورة التي نقلها الفرنسيون الى الحاضرة البابوية عن القادة المسيحيين في لبنان: "قصور دراماتيكي في ادراك الواقع الداخلي، كذلك في استيعاب التقلبات الاقليمية. اذ يبدو أن العدوى القبلية انتقلت اليهم، فهم عاجزون عن المشاركة في ادارة المرحلة"!...

لهؤلاء نقول كفى عبثاً بالوجود المسيحي، وبالدور المسيحي في لبنان. الآن بالرهان على تحوّل وشيك في المشهد السوري، لا بد أن يفضي الى تغيير المعادلات السياسية والاستراتيجية في الساحة اللبنانية. تالياً قيام دويلة مسيحية لطالما وصفناها بالغيتو ان لم يكن بالمقبرة.

ندرك حساسية وخطورة السيناريوات التي وضعت لسوريا. ولكن ليكن معلوماً أن تفجير سوريا يستتبع تلقائياً تفجير الشرق الأوسط، حتى ان البعض يستعيد الأفكار التي طرحها كل من ديك تشيني وبول ولفوويتز وريتشارد بيرل حول تفكيك المنطقة، وهو المستحيل في ظل الضبابية الراهنة التي تحكم المسرح الدولي.

البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يعلم، وأياً كان موقفه من دمشق، تداعيات أي انهيار في الخريطة السورية على الخريطة اللبنانية. من هنا تركيزه على لبننة الأزمة، بالتالي الاستحقاق الرئاسي. وهذا ما تم الاتفاق عليه بين الرياض وطهران. الفصل بين الأزمة اللبنانية وسائر أزمات المنطقة ...

الثابت أن هناك بعض الديكة الأميركيين من أصل لبناني، وقد عرفوا بكونهم ظلالاً باهتة لعدد من رجال الكونغرس، يزرعون الأوهام في رؤوس بعض القادة المسيحيين، كما لو أن الولايات المتحدة لم تكن العرابة الحقيقية لاتفاق الطائف، الذي انتزع صلاحيات الرئيس المسيحي .

كيف لأولئك القادة، بالعقد الفرويدية، اغفال العبرة من نتائج الحرب الأهلية، وتأثيرها في الدور المسيحي (لنعد الى كلام البابا يوحنا بولس الثاني)، والانغماس في الصراعات وفي الرهانات، بما في ذلك الرهانات الغبية التي لا توصل عادة الا الى الهاوية. أحد حكماء المسيحيين سخر من الصراخ اليومي لقيادي حزبي، بكتلة نيابية ضئيلة، قائلاً "ما يفعله أقرب ما يكون الى قرقعة الطناجر، وهو يظن أنه يقرع الطبول".

حين نتكلم عن هيكلية السلطة، من هي الطائفة الأكثر تضرراً من الشغور الرئاسي، وقد استتبع الشغور في حاكمية مصرف لبنان، وقريباً في قيادة الجيش. ألهذا يدعو البطريرك الراعي، وهو الأكثر وعياً بالحالة، الى الحوار دون أن يكون هناك الحد الأدنى من المنطق في موقف الرافضين له، وفي بلد قام أساساً على التسويات .

أما الرهان على تفجير وتفكيك سوريا، فهو رهان الثلاثي الجهنمي في "اسرائيل" بنيامين نتنياهو ـ ايتامار بن غفير ـ بتسلئيل سموتريتش (راجعوا صحيفة "اسرائيل اليوم" لمالكتها مريام ادلسون، أرملة الملياردير النيويوركي شلدون ادلسون).

عصيان على بكركي؟ أولئك الذين طالما أكدوا أنهم تحت عباءة البطريرك، الذي لا بد أن تكون رؤيته أكثر وضوحاً وأكثر دقة في متابعته للدراما اللبنانية. المطارنة يعلمون أن لا علاقة لمواقف القادة المسيحيين بمصلحة الطائفة وبمصلحة الدولة.

شخصيات مسيحية تأمل في أن يرفع البطريرك صوته أكثر. المشكلة تحديداً لدى أولئك القادة، الذين لم يتورع أحدهم عن القول في حضور أحد المطارنة "ان الرئيس نبيه بري يتعامل معنا كأهل ذمة". المطران علّق "يبدو أن المسلمين معنيون أكثر بالانتظام الدستوري لخشيتهم من أن يفضي الفراغ الى فوضى لا تبقي ولا تذر".

ربما لا يدري القادة الموارنة أن هناك من اقترح، وبمنتهى الجدية، انتخاب رئيس مسيحي لا يكون مارونياً. هكذا تحل "العقدة المارونية" التي تبعثر الطائفة كل 6 سنوات، وأحياناً تقود الى الصدام الدموي.

لا مناص من التعامل مع الوضع اللبناني من خلال الأخذ بالاعتبار الاتفاق السعودي ـ الايراني. لا الاستناد الى "ديكة الكابيتول" كفقاعات سياسية. السعودية قالت كلمتها ، لا تدعم أحداً، وهي التي تعلم أن القادة المسيحيين على شاكلة طواحين الهواء، ويقاتلون طواحين الهواء.

لبننة الاستحقاق: تقاطع بين الرئيس نبيه بري والنائب جبران باسيل. يد حزب الله ممدودة للرجلين. انتظروا الدخان الأبيض...

الأكثر قراءة

زلزال قضائي: توقيف رياض سلامة... ماذا في المعلومات ولماذا الآن؟ الضغط الدولي غير كافٍ في احتواء إجرام نتنياهو تعزيزات الى الضفة الغربية... وخشية من تكرار سيناريو غزة