اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كثيراً ما تساءلنا لماذا لا يتقاطع الأميركيون والايرانيون في لبنان مثلما يتقاطعون في العراق، ان حول رئاسة الجمهورية، أو حول رئاسة الحكومة، اضافة الى مسائل أخرى، وان كنا ندرك مدى الحساسية الجيوسياسية والجيوستراتيجية للعراق الذي يتاخم 6 دول محورية؟

لافت أن يصف آموس هوكشتاين، وعبر تلفزيون NBN بالذات، اللبنانيين بـ "أفضل شعب في العالم"، لكأننا شعب الله المختار لا كما يدّعي بنو قومه اليهود . رأى أن لبنان يحتاج للنهوض، الى سلطة تقوم على الشفافية والنزاهة والحوكمة، ولكن متى توقفت حكومته عن دعم المنظومة الحاكمة، وقد دفعت الدولة بثقافة الفساد الى حالة الانحلال، حتى الانحلال الفلسفي لمفهوم الدولة.

كيهودي، ويختزل بشخصيته المركبة الحالة اليهودية في الولايات المتحدة، لا يمكن الولوج أو حتى التسلل الى رأس هوكشتاين لندرك طبيعة نظرته الى الأزمة اللبنانية، التي ساهمت بلاده في صنعها، بعدما وقف لبنان في وجه "صفقة القرن"، كما لو أنه بتشكيله الفسيفسائي، مؤهل ليضطلع بدور القهرمانة لأنبياء التوراة .

الرجل الذي ينتمي الى مدرسة معينة داخل الاستبلشمانت، يرى أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بدلالاتها الاقتصادية، لا بد أن تفضي الى إحداث تغيير ما في العلاقات بين جانبي الخط الأزرق.

تزامناً مع التساؤلات التي طرحت حول "المنطقة اليهودية" في شخصية المبعوث الأميركي، كان حسين أمير عبد اللهيان يقفل الباب أمام مهمة جان ـ ايف لودريان التي تدور منذ البداية في حلقة مقفلة، بسبب تشابك الوضع دولياً واقليمياً، ما ينعكس على الحلبة اللبنانية.

في هذه الحال، على رجال الاليزيه، وعلى رجال الكي دورسيه، أن يعلموا أن الطريق الى قصر بعبدا يمر عبر الرياض وطهران، لا عبر باريس وواشنطن . ولكن كيف لفرنسا أن تكون غائبة عن اليوميات اللبنانية، وهي التي تولت تركيبه بتلك الطريقة السريالية؟

لا ننفي أن غالبية اللبنانيين ترعرعت على الثقافة الفرنسية، وان كنا لم ننتج سوى فؤاد شهاب من مدرسة شارل ديغول في رؤيته لصناعة الدولة . الآخرون نسخة عن رجال الجمهورية الرابعة، التي لامس فيها الخواء السياسي كما الخواء الاقتصادي، حدود الحرب الأهلية .

آنذاك، تحدث الفيلسوف الفرنسي، وصاحب "الوضع الانساني" أندريه مالرو عن "التيه الاستراتيجي الذي يهدد البلاد بالسقوط من أعالي التاريخ الى أقاصي الجحيم" ، ليقول لديغول "أيها الجنرال، من أجل فرنسا ـ وأنت فرنسا ـ احمل ثانية صليب اللورين" !

من يحمل في لبنان صليب الخلاص ؟ اذا تذكرنا أن دستور "دولة لبنان الكبير" عام 1926، وضعته أصابع فرنسية، دون أن يكون هناك مجال للمقارنة بين دستور الجمهورية الخامسة الذي أناط برئيس الدولة صلاحيات أساسية، ودستور جمهوريتنا الثالثة بالصلاحيات الرئاسية الفخرية، وان كان المعني بوجوده الانتظام الدستوري وبالصوت العالي ... الانتظام الطائفي .

ما تسرب من معلومات يشير الى أن محادثات عبد اللهيان كانت مؤثرة، وأحدثت شيئاً من التفاؤل بملء الكرسي الرئاسي ـ الكرسي الكهربائي ـ في وقت ليس بالبعيد .

المؤكد أن وزير الخارجية الايراني، وأثناء محادثات الـ 90 دقيقة مع الأمير محمد بن سلمان، طرح مسألة مساعدة لبنان، ولقي تجاوباً "حقيقياً" من مضيفه السعودي، على أن تترك عملية انتخاب رئيس الجمهورية للقوى السياسية اللبنانية .

ومن هذا الموقف بالذات، أطلق الرئيس نبيه بري السيناريو الخاص بانجاز الاستحقاق الدستوري، وان كان معلوماً أن تنفيذ هذا السيناريو يرتبط من زاوية ما، بتوصل حزب الله والتيار الوطني الحر الى رؤية مشتركة حول مَن يكون رجل القصر . هذا ما يضع "القوات اللبنانية" أمام الخيار الصعب (مقاطعة الحوار ومقاطعة جلسة الانتخاب)، وهي التي تعتقد أن رئيس المجلس النيابي يستدرجها للوقوع في الفخ، مع معارضتها المعلنة للوزير سليمان فرنجية، ومعارضتها غير المعلنة للعماد عون .

توافق سعودي ـ ايراني، ودون اعتراض أميركي لتغطية العملية الدستورية؟ أين العصا السحرية للرئيس نبيه بري؟ وجوم بعد الضجيج حول الحوار، وحول طبيعة الجلسات . كثيرون يقفلون الطريق، بل كل الطرقات الى القصر ...

الأكثر قراءة

زلزال قضائي: توقيف رياض سلامة... ماذا في المعلومات ولماذا الآن؟ الضغط الدولي غير كافٍ في احتواء إجرام نتنياهو تعزيزات الى الضفة الغربية... وخشية من تكرار سيناريو غزة