اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لا تزال دعوة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي للحوار لسبعة أيّام تحت قبّة البرلمان، تليها جلسات إنتخاب مفتوحة ومتتالية لانتخاب رئيس الجمهورية، قائمة حتى الساعة، رغم إصرار قوى المعارضة و"التغييريين" على رفضها. ومن المرجّح أن يدعو اليها بعد الزيارة الثالثة والأخيرة للموفد الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى لبنان جان إيف لودريان، الذي يستأنف مهمّته في بيروت إعتباراً من الإثنين المقبل في 11 أيلول الجاري وتستمرّ ليومين أو أكثر حسبما يتطلّبه الأمر، وسينتقل بعد ذلك الى أداء مهمّته الجديدة في العُلا في السعودية،على أن يخلف الموفد الفرنسي كمتحدّث باسم اللجنة الخماسية، بحسب المعلومات، الموفد القطري المنتظرة زيارته الى بيروت في 20 الجاري.

وبرّي الذي جدّد دعوته الى الحوار للمرة الثالثة، ولقي هذه المرّة غطاء دينياً من سيّد بكركي، وتأييداً سياسياً من "اللقاء الديموقراطي" الى جانب تأييد "الثنائي الشيعي" و"الإعتدال" السنّي (عدد من نوّابه)، يمضي في التحضير لآلية هذا الحوار، على ما أكّدت مصادر سياسية عليمة، رغم بقاء الرافضين على حالهم، باستثناء "التيّار الوطني الحرّ" الذي كان من الرافضين لدعوة برّي، ويميل الى تلبيتها هذه المرّة كون الأمور قد توضّحت أكثر، ولأنّ مطلبه منذ فترة طويلة، في أي دعوة للحوار أن تنتهي بالذهاب الى جلسات إنتخاب متتالية، أحصل التوافق على إسم الرئيس أم لم يحصل، وهذا ما يقوم به برّي اليوم. فضلاً عن بعض "التغييريين" لا سيما النائبين نجاة صليبا وملحم خلف المعتصمَين في البرلمان لعدم إبقاء جلسات انتخاب الرئيس مفتوحة. أمّا اليوم وقد تحقّقت رغبتهما، فلا شي يمنع من تلبية الدعوة الى الحوار الذي سيؤدّي بطبيعة الحال بعد 7 أيّام من انعقاده الى جلسات مفتوحة ومتتالية.

غير أنّ القوى المعارضة (لا سيما "القوّات" و"الكتائب" و"التجدّد" وبعض "التغييريين")، ترى في هذه الدعوة نوعاً من التفخيخ، كون برّي كرّر دعوته بمناسبة الذكرى الـ 45 لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، إذ قال: "تعالوا في شهر أيلول لحوار في المجلس النيابي لرؤساء وممثلي الكتل النيابية لمدّة حدّها الأقصى سبعة أيام، وبعدها نذهب لجلسات مفتوحة ومتتالية، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً ونحتفل بانتخاب رئيس للجمهورية". فيما الجلسات المفتوحة والمتتالية، تعني فتح جلسة وختمها، وتحديدها ربما مرّة كلّ أسبوع، لا أن تُستتبع توصّلاً لانتخاب الرئيس. بينما الدستور ينصّ على عقد جلسة إنتخاب واحدة بدورات متتالية، وهنا الفارق الكبير. فالدورة الأولى من الجلسة تُعقد بنصاب الثلثين، وهو العدد الذي يستلزمه التصويت أيضاً، في حين أنّ الدورات المتتالية، أي الثانية والثالثة والخامسة والعاشرة الى انتخاب الرئيس، فيكون النصاب القانوني فيها 86 نائباً، بينما يفوز بالرئاسة المرشّح الذي يحوز على 65 صوتاً فقط.

ولهذا يخشى المعارضون من أن "يُجرّوا" الى جلسات إنتخاب متتالية تؤدّي مجدّداً الى إضاعة الوقت، على غرار الجلسات الـ 12 السابقة. فالجلسة الأخيرة التي عُقدت في 14 حزيران الماضي لم تتمكّن من تأمين فوز أي من المرشّحين، أي مرشح "الثنائي الشيعي" الوزير السابق سليمان فرنجية الذي حاز على 51 صوتاً، ومرشّح المعارضة التي تقاطعت مع "التيّار الوطني الحرّ" الوزير السابق جهاد أزعور ونال 59 صوتاً، والجلسات الجديدة ستأتي بالنتيجة نفسها كون شيئاً لم يتغيّر.

ولهذا في واقع الحال لا بدّ من إعادة خلط الأوراق لحصول أي من المرشَحين الحاليين على 65 صوتاً من الدورة الثانية والدورات التي تليها، مع ضرورة بقاء النصاب القانوني لأي منها. وهذا الأمر لا يُمكن أن يحصل، على ما عقّبت المصادر نفسها، من دون الحوار والنقاش ووضع أسماء المرشّحين على الطاولة، سيما وأنّ ثمّة اسماء أخرى يُمكن التوافق عليها مثل الوزير السابق زياد بارود، أو النائب نعمة افرام، أو مدير عام الأمن العام اللواء الياس البيسري وسواهم. وهذا ما لمسه الموفد الفرنسي، وإلّا لما كان دعا الى طاولة أو طاولات عمل، للتحاور والنقاش في الملف الرئاسي.

وإذا كان الرفض مستمرّ لدعوة برّي، فسيكون الموقف نفسه بالنسبة لدعوة لودريان، ما من شأنه تفشيل مهمّة الموفد الفرنسي الأخيرة، وإحباط بالتالي دعوة برّي. أمّا إذا قرّر برّي المضي بحوار الأيام السبعة على أن تليها الجلسات المفتوحة والمتتالية لانتخاب الرئيس، ولم تلبّيها قوى المعارضة، فسوف يتمّ اتهامها بتعطيل انتخاب الرئيس. لهذا قد تُقرّر الذهاب الى مجلس النوّاب للإنتخاب في حال كانت الدورات المتتالية لجلسة الإنتخاب مفتوحة، من دون تلبية الدعوة للحوار. وهذا ما تاكّد منه "الوطني الحرّ"، وإلّا لما كان وافق على تلبية دعوة برّي.

وصحيح بأنّ غالبية الذين يرفضون دعوة برّي الى الحوار هم من الأحزاب المسيحية المعنية بشكل مباشر بمنصب رئيس الجمهورية، ما قد يجعله يتراجع. غير أنّ موافقة "الوطني الحرّ" الذي ربط المشاركة في الحوار بضمانات أن ينتهي بجلسات لانتخاب الرئيس، وهذا ما كان قد طرحه برّي، وعاد وأوضحه أخيراً عن أنّ جلسة الإنتخاب الـ 13 تُفتح بنصاب الثلثين، وتليها دورات متتالية يفوز فيها من يحصل على 65 صوتاً، فضلاً عن دعم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قد تُشجّعانه على المضي في الدعوة، كونها تأتي لاستكمال مهمّة لودريان، ولكن لبنانياً.

وأشارت المصادر نفسها الى أنّ تقاطع "الوطني الحرّ" مع قوى المعارضة على أزعور لا يزال قائماً، وأنّ ثمّة نيّة لتوسيع النقاش لمقاربة مواضيع أخرى تتعلّق برئاسة الجمهورية والحكومة والتشريع وسواها، أي للتقاطع في المرحلة المقبلة، ليس فقط على إسم الرئيس بل على برنامج عمل. على أنّ حواره الثنائي مع حزب الله لم ينتهِ بعد، وقد حصل التفاهم بينهما على اللامركزية الإدارية، فيما البحث لا يزال متواصلاً حول الصندوق الإئتماني والإنتظارات من العهد المقبل، الأمر الذي من شأنه تصعيب مهمّة "الثنائي" في تأمين الـ 65 صوتاً لمرشّحهم، ومهمّة المعارضة كذلك في تأمينها لأزعور من دون تحاور جميع الأفرقاء وجوجلة اسماء المرشّحين.

وتساءلت المصادر إذا كان انفتاح "الوطني الحرّ" على أي حوار موسّع يطرح خلالها ورقته المتعلّقة بالأولويات الرئاسية، سيُسهّل عملية انتخاب الرئيس خلال شهر أيلول الجاري، أم سيُبقي الوضع على حاله الى حين مجيء الموفد القطري في 20 الجاري، والموفد السعودي الذي يُحكى عن وصوله الى بيروت بعده؟!

الأكثر قراءة

توقيف سلامة يطرح علامات الاستفهام وخاصة التوقيت