اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يستعد لبنان لاستقبال موجة جديدة من الحرائق السنوية، التي تنتشر وتتوسع خلال شهري أيلول وتشرين الأول من كل عام.

وموجة الحرائق لا تقتصر على لبنان، إذ أنها تضرب في كل سنة أبرز البلدان المتقدمة، وخضوصاً الولايات المتحدة الأميركية وكندا، حيث عانى البلدان من ضخامة الحرائق التي أدت الى وفاة العديد من الاشخاص وإجلاء آخرين من منازلهم.

كما امتدت الحرائق أيضاً الى أوروبا، وبالأخص في اسبانيا واليونان اللتين استعانتا بقوات الجيش المحلي للمساعدة في إطفائها.

وفي لبنان، يبدو أن نسبة الحرائق متراجعة هذا العام عن عددها في العام الماضي. وفي كل مرة، تنجح فرق الإطفاء في السيطرة على الحرائق، دون تحديد على من تقع المسؤولية، أو سبب اندلاع هذا الحريق، أو ذاك، في غياب تام لأي مساءلة أو محاسبين.

ويتحدث اللبنانيون بشكل دائم، وفي كل موسم، عن أن معظم الحرائق هي مفتعلة، للاستفادة من "الحطب" واستغلالها لبيعها، او للاستعمال الشخصي للتدفئة في موسم الشتاء، في ظل عدم قدرة كثيرين على شراء كميات المازوت المطلوبة والتي تكفيهم للتدفئة طوال فترة الصقيع في فصل الشتاء.

وفي قانون العقوبات اللبناني، تنص المادة 588 عقوبات على أن "من اضرم النار عمدا في الاحراج والغابات بقصد الاحتطاب عوقب بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات".

وضمن هذا السياق، أكد الخبير البيئي بول أبي راشد في حديث خاص لموقع "الديار" أن "الحرائق هي في مرحلة تزايد مستمر بفعل التغير المناخي الذي اطال موسم الجفاف مترافقاً مع رياح قوية تنشر الحريق بسرعة، وكل ذلك يترافق مع تزايد اسباب الحرائق المفتعلة من الانسان عن قصد جرمي او غير قصد، من رمي السجائر الى حرق النفايات قرب الغابات، الى حرق الحشيش في الاراضي الزراعية، إضافة الى المفرقعات والاسهم النارية".

واضاف ابي راشد "كل ذلك يجب تجنبه من خلال التوعية والمراقبة وتجهيز البلدات بمعدات إطفاء اولية، ومعاقبة المفتعلين للحرائق، لكننا نشعر ان المسؤولين شركاء في الجريمة البيئية بسبب سكوتهم وعدم تطبيقهم القوانين ومعاقبة المتسببين بالحرائق، وعدم تعيين حراس غابات، وكأننا نعيش مرحلة انتحار جماعي وتدمير للكوكب".

واشار ابي راشد إلى أن "كوكب الأرض عامة، ولبنان خاصة، يشهدان حرباً مناخية"، مضيفاً أنه "منذ سنة 2007 ازدادت الحرائق بشكل سنوي، حتى أصبحت كارثية منذ العام 2019، وقد دخلنا في التغيير المناخي من دون أي تدابير احترازية من جميع المسؤولين".

وبحسب أرقام الأمم المتحدة، فقد تمّ تسجيل ارتفاع في معدل الكوارث الناجمة عن الفيضانات التي يولّدها تغيّر المناخ بنسبة 134 في المئة، وذلك بين العامَيْن 2000 و2023.

كما عانى أكثر من 828 مليون شخص من الجوع في العام 2021. ومن المتوقع أن يعرّض تغير المناخ 80 مليون شخص إضافي تقريبا لخطر الجوع بحلول منتصف هذا القرن، ما يولّد قدراً من اليأس والعوز مرعباً للغاية.

لا شك بأن هناك ضرورة قصوى في معالجة قضية المناخ والبيئة اليوم قبل الغد، نظراً لما تشهده الكرة الأرضية من احتباس حراري وكوارث طبيعية وآخرها زلزال المغرب والفيضانات في ليبيا، وقبلها حرائق الولايات المتحدة وكندا واسبانيا واليونان وايطاليا، فضلاً عن الأعاصير الموسمية في الولايات المتحدة، وخصوصاً في فلوريدا، وموجات التسونامي في المحيطات، وهذا يتطلب تعاون أممي دولي غير مسبوق للمبادرة الى العمل بشكل جدي وفوري.