اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

وُضع موضوع "تثبيت" حدود لبنان الدولية في الجنوب على نارٍ حامية، وإن كان الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين قد غادر لبنان بعد زيارته الأولى له، منذ وساطته ومشاركته في توقيع إتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و"إسرائيل"، الذي جرى في مقرّ الأمم المتحدة في الناقورة في 27 تشرين الأول الماضي. فمسألة "ترسيم" الحدود البريّة نصّت عليها الإتفاقية المذكورة، التي وُضعت قيد التنفيذ مع وصول الحفّارة "ترانس أوشن بارنتس" الى المياه الإقليمية اللبنانية، وبدء التنقيب عن النفط والغاز في حقل قانا في البلوك 9 في آب المنصرم. الأمر الذي يجعل الباب مفتوحاً أمام خوض المفاوضات، سيما وأنّ حزب الله لا يُعارض موضوع "التثبيت" البرّي، على ما أعلن وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب أخيراً.

وإذا كان الوسيط الأميركي لم يُقدّم حتى الآن، أي إقتراح فيما يتعلّق بالإتفاق على الحدود البريّة، على ما صرّح بو حبيب الذي سيُتابع هذا الملف خلال زيارته الى نيويورك، غير أنّه، على ما أكّدت أوساط ديبلوماسية متابعة، يُحضّر مقترحاً سوف يعرضه لاحقاً على حكومة تصريف الاعمال، أو على رئيس الجمهورية الجديد. وتقول الاوساط بأنّ أكثر ما شجّع هوكشتاين على البدء بمهّمته الجديدة ، هو ما أبداه لبنان من استعداد لمناقشة هذا الملف بوساطته، وإن كان يُشدّد على أنّ انسحاب القوّات "الإسرائيلية" من النقاط التي يتحفّظ عليها، وعددها 13 على طول الخط الأزرق، كفيلة باستعادته لحقوقه وبتثبيت خط الحدود الدولية النهائية للبنان.

وثمّة سؤال يُطرح هنا عمّا ستفعله الدولة اللبنانية في حال عودة هوكشتاين باقتراح حدودي برّي؟ وهذا الأمر متوقّع وإن لم يُعرف بعد مضمون هذا المقترح، هل ستُقدّم خريطة واحدة ومفصّلة بما فيها الكفاية للوسيط الأميركي، للنطاق الجغرافي لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا؟ أما أنها ستكتفي بالقول بأنها تريد الإنسحاب "الإسرائيلي" من المنطقة بشكل عام، على أن يُحدّد النطاق الجغرافي لاحقاً، بواسطة المفاوضات أو بواسطة الأمم المتحدة؟

علماً بأنّه تمّت الإشارة في السابق، الى أنّه لا يوجد إجماع لبناني في الخرائط على النطاق الجغرافي لمزارع شبعا، وهل هي تمتد إلى النقطتين BP39 أو BP40، بحيث تصبح النخيلة وبلدة الغجر داخل الأراضي السيادية اللبنانية؟ أم أن المزارع تتوقف جنوباً على أطراف ما يعرف بطريق بانياس- مرجعيون بحيث تظل الغجر ضمن "لسان" جغرافي ضيق، يمكن إعتباره أراض سورية محتلة في عام 1967؟ وغياب الإجماع اللبناني أيضاً يشمل الحدود الشرقية لمزارع شبعا. وهل هذه الحدود تخترق وادي عسل؟ إذ توجد خرائط لبنانية ترسم الحدود على سفح الوادي، وهي تُبقي الوادي نفسه ضمن الأراضي المحتلة.

في هذا السياق، يقول السفير الدكتور بسّام النعماني المتابع لقضايا الحدود البحرية والبريّة لجريدة "الديار"، بأنّ بعض المسؤولين في لبنان يعتقدون بأنّ المفاوضات الديبلوماسية حول "تثبيت" الحدود البريّة يجب أن تكون سريّة. غير أنّ "ترسيم أو تثبيت" الحدود يقررّه الدستور والدولة والشعب، وليس أي مسؤول بمفرده. فلا يجوز أن تتمّ المفاوضات محاطة بكلّ السريّة في موضوع يتعلّق بالشعب اللبناني الذي ينتمي لهذا الوطن، ومن ثمّ يُخبرونه بما جرى الإتفاق عليه.

وأوضح بأنّ غياب الإجماع اللبناني بالتالي يسري أيضاً على مسألة "القمم"، التي تمتد بموازاة مزارع شبعا. وقد نشرت مديرية الشؤون الجغرافية في قيادة الجيش- وزارة الدفاع الوطني خريطة لبنان الإدارية مقياس 1:200.000 في العام 2004. وفي هذه الخريطة يمتد وادي العسل إلى النقطة الحدودية BP39، علماً أنّها تنقل النخيلة والغجر إلى المناطق السيادية اللبنانية. وهي تمدّ الحدود الشرقية لمزارع شبعا جنوباً من نقطة "بركة النقار" إلى وادي العسل، وتستكمل هذا الخط الحدودي الشرقي إلى النقطة BP39 آنفة الذكر. ولكن توجد خرائط لبنانية أخرى تقوم بنقل الحدود الشرقية لمزارع شبعا إلى BP40، كما أنها تنقل الحدود من نقطة "بركة النقار" إلى نقطة أخرى شرقاً، بحيث تشمل القمة المعروفة بـ "قاطع برختا".

وأضاف النعماني بأنّ النائب منيف الخطيب، كان قد تقدم بطلب إلى الحكومة اللبنانية في العام 2000، لدفع هذا الخط مزيداً إلى الشرق، لتشمل القمم الثلاث المعروفة بـ "مقاصر الدود" و"الفوار"، و"النشبة - المقبلة"، والتي هي حالياً قريبة جداً من المرصد الذي أقامه العدو الإسرائيلي. أما هيئة أبناء العرقوب فهي بدورها قد قامت في العام 1996 بنشر خريطة في كتيب أصدرته حول مزارع شبعا، تضيف فيها قمة أخرى هي "المنجزرة". إذاً في الخلاصة، لا يوجد إجماع لبناني حول رسم الحدود الشرقية للنطاق الجغرافي لمزارع شبعا، لا سيما القمم منها. وتساءل النعماني: أي خريطة سيتم تقديمها إلى هوكشتاين؟


الأكثر قراءة

هل هو القضاء والقدر فقط ؟