اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

مِن المملكة العربية السعودية التي لا تَنظر الى "إسرائيل" "كعدو" بل "كحليف مُحتمَل، الى المملكة التي تَقترب من تطبيع علاقاتها مع "إسرائيل" كلّ يوم أكثر فأكثر.. هكذا تَدرَّج موقف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فيما يَخص العلاقة الرسمية والعلنية مع العدو الإسرائيلي، بعدما كانت سرية على مدى عقود..

منذ بدء موجة التطبيع بين بعض الدول العربية والعدو، كان يُقال إن المملكة تُمهِّد الطريق قبل أن تأخذ ذات الخطوة، تَحسُّباً لموقعها ودورها في العالمين العربي والإسلامي، كما أنه لم تُنسَ بعد صفقة القرن التي كان أحد أعمدتها بن سلمان مع ترامب ونتنياهو قبل إفشالها، لذا بقيت الرياض تقوم بعملية جس نبض قبل قرار إعلان التطبيع رسمياً، حتى حصلت التحوّلات في العالم والمنطقة، بدءا بالحرب الروسية – الأوكرانية، وصولاً الى الإتفاق الإيراني- السعودي، ما اعتُبر أن التطبيع بين المملكة و"إسرائيل" جُمِّد الى أجل غير مسمّى...

تحوّلٌ أقلق الولايات المتحدة، بحسب مصادر متابعة للملف، فاميركا يبقى همّها الأول في المنطقة أمن "إسرائيل" ، فتدخّلت بقوة للإسراع في دمجها وإنهاء القضية الفلسطينية، بالإضافة الى تأمين النفط والغاز، والحد من نفوذ الصين، وعقد اتفاق أمني مع السعودية التي انتهجت سياسة تنويع الخيارات، فبالإضافة للأميركي فَتحت على الروسي والصيني الذي رعى اتفاقها مع إيران، هذا الوضع لم يُعجِب واشنطن التي ترى أن عليها استعادة المملكة بشكل كامل، فعادت من بوابة التطبيع بمشروع من رعايتها، من ناحية تُحقِّق هذا الهدف، ومن ناحية أخرى يُحقِّق الرئيس الأميركي جو بايدن إنجازاً يَبحث عنه تماماً كما رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو الغارق في أزمة كيانه..

من هنا أتى المشروع الأميركي للتطبيع "الإسرائيلي" - السعودي الذي وضعت المملكة ضمنه ثلاثة شروط:

١- إقامة مشروع نووي مُتكامل.

٢- تشكيل حلف دفاعي مع الولايات المتحدة الأميركية، شبيه بالإتفاقات العسكرية مع اليابان وكوريا الجنوبية..

٣- تزويد السعودية بأسلحة حديثة ومتطورة.

بالإضافة الى ما أعلنه بن سلمان حول حل القضية الفلسطينية وفق المبادرة العربية للسلام عام ٢٠٠٢ ، والتي تنص على حل الدولتين الذي لن يُوافق عليه الكيان كعائق أول لصفقة التطبيع، فنتنياهو سيُواجِه بذلك حكومته، بحيث أن اليمين المتطرف يُعارِض أي تنازل للفلسطينيين.

أما باقي الشروط فتُواجِه عقبات وتعقيدات في أميركا والكيان معاً، تضيف المصادر، فصعوبة مرور المشروع في الكونغرس الأميركي لن تكون من خلال الجمهوريين فقط، وإنما من الديمقراطيين أيضاً، وتحديداً من التيار التقدمي الذي دائماً يُحاوِل فتح ملفات المملكة كقضية قتل جمال خاشقجي، أما المشكلة في "إسرائيل" والتي ستُعمِّق الخلاف بين الحكومة والمعارضة لناحية صعوبة القبول بشرط البرنامج النووي لدولة تَعتبر نظامها غير مُستقِر، فبالتالي يقع في يد أعدائهم وفق تعبيرهم، وهذا ما يُحيجها لضمانات أميركية، بحيث يكون البرنامج خاضعاً لسيطرتها، أو إيجاد صيغة يكون فيها البرنامج النووي السعودي على غرار الإمارات، أي أن يتم تخصيب اليورانيوم خارج دولتهم، وبذلك تكون العملية مُعقَّدة بشقيْها الفلسطيني والشروط السعودية.

وتؤكد المصادر ان بن سلمان الذي يعمل بكل الإتجاهات يُريد كل شيء: توسيع علاقاته مع روسيا والصين، إبقاء بلاده بموقعها ودورها، كما أنه يريد أن يُحدِث توازناً مع إيران لكي لا يكون الطرف الأضعف، والأهم يَسعى لتحقيق شروطه مع الولايات المتحدة لضمان عرشه منها كهدف أساسي، مع العلم أنه يَصعب تحقيقه بعد التطبيع. وبنفس الوقت يعيش هاجسين:

- الأول: تحقيق رؤية ٢٠٣٠ فيما يتعلّق بالإقتصاد الذي يحتاج للأمن.

- الثاني: بقاء بلاده على رأس العروبة والإسلام بشكل يَصعب تخلّيها عن القضية الفلسطينية.

وهنا يبقى السؤال الأهم عن إمكانية التطبيع، وهل يستطيع بن سلمان أخذ هذه الخطوة وتَحمُّل تداعياتها والمخاطرة بالدور والموقع الذي تتغنّى فيه المملكة في العالمين العربي والإسلامي ومسؤوليتها تجاه فلسطين فهي لا تستطيع التخلّي عنها؟ واكدت المصادر إن كانت السعودية تبحث عن الإستقرار بحل كل القضايا العالقة مع دول الجوار لتنفّذ مشروعها، فمِن المُسلَّم به أن المنطقة لن تَنعَم بالإستقرار دون حل القضية الفلسطينية، وبشكل أدق بوجود الكيان الصهيوني ككل ولو وافقوا على كل الشروط السعودية الباقية.

وتسأل المصادر هل يُخطىء بن سلمان بالحسابات؟! بحيث أنه يَضع بلاده بين نارين: النار الأميركية - الإسرائيلية التي لن تَسمح باللعب معها، ونار القضية الفلسطينية التي ليس بيد المملكة التحكُّم بمصيرها أو إنهاؤها، والوقوف بوجه محور المقاومة وشعوب المنطقة والفلسطينيين، الذين لن يُؤمِّنوا الغطاء لتطبيعه..


الأكثر قراءة

نصرالله يُحرج المزايدين باختبار «السيادة» : إفتحوا البحر للنازحين! خطة أمنيّة في بيروت الكبرى... و«الخماسيّة» في عوكر «مكانك راوح» جبهات المساندة تنسّق للتصعيد... وإخلاء مُستوطنات جديدة في الشمال