اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تعتبر الأعمال الفنية جزءًا لا يتجزأ من حياة الأطفال والبالغين على حد سواء. لذا فإنها تؤثر بشكل كبير على تطوير أفكارهم وثقافتهم، ويعد استخدامها في تعليم الأطفال أمرًا مفيدًا عندما يتم القيام به بعناية وتوجيه، فيجب الانتباه إلى أن الاختيار الصحيح للمحتوى المشاهد يلعب دورًا حاسمًا، فماذا لو تعرضوا لمحتوى عنيف أو خادش للأخلاق؟

يمكن أن تسهم الأعمال الفنية في توسيع آفاق الأطفال من خلال تقديم معلومات جديدة وثقافات مختلفة، ويمكن أن تكون هذه الوسائل وسيلة فعّالة لتعلم اللغات وفهم الثقافات المتنوعة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسهم في تحفيز الفضول وتطوير مهارات التفكير النقدي لديهم. على سبيل المثال، توفر الأفلام التعليمية معلومات هامة ومثيرة للاهتمام حول مواضيع متنوعة.

ما يميز الأعمال الفنية هو أنها قادرة على التأثير على المشاعر والعواطف بشدة، وتلعب دورًا كبيرًا في بناء الثقافة وتشكيل الرأي العام حيال قضايا مختلفة، وفي هذا السياق قال المخرج المسرحي والمؤلف الموسيقي سليمان زيدان في حديث خاص لـ"الديار" أنه: "ليس هناك أي شيء أكثر تأثيرًا على فكر الإنسان من الأعمال الفنية، وذلك لأنها وسيلة جماهرية تصل لعدد مهول من الأشخاص، وتبقى وتستمر في نشر رسائلها لأكثر من 50 عام، ودليل على ذلك أغاني الرحابنة التي شكلت جزء أساسي من شعور اللبنانيين بالوطنية وحبهم للبنان، في وقت كان التيار الناصري يدعو الى أن تكون الدول العربية موطن عربي واحد ورافقته العديد من الأغاني والأفلام في دعوته مثل أغنية "وطني الأكبر" لـ"العندليب"، فلولا اتفاق الرئيس الراحل كميل شمعون مع الرحابنة لانتاج أغاني وطنية لبنانية لكان انتمائنا مختلف اليوم".

فعلى الرغم من فوائد الأعمال الفنية العديدة، إلا أن تأثيراتها السلبية كثيرة على فكر الإنسان والمجتمع، وخاصةً بعض الأفلام التي تحتوي على مشاهد عنيفة وعنصرية قد تؤثر على نفسية المشاهدين، وخاصة الأطفال، ويمكن أن تؤدي الى زيادة مستويات العدوانية والعنف في المجتمع. وأكبر مثال على ذلك إطلاق النار الجماعي الذي حدث عام 2007 قتل فيه 12 شخصا وجُرح 70 في مدينة أورورا بولاية كولورادو الأمريكية، عندما فتح رجل النار على الحضور أثناء عرض فيلم باتمان "صحوة فارس الظلام"، الأمر الذي منع عرض فيلم الجوكر في دار عرض أورورا، حيث وقع إطلاق النار، بعدما استجاب أصحابه لطلب عائلات الضحايا.

الأفلام يمكن أن تؤثر على سلوك المشاهدين، وخاصة إذا تم تصوير شخصيات إيجابية تتبنى سلوكيات سلبية أو غير أخلاقية أو مخالفة للقانون دون تبعات. قد يحاول بعض المشاهدين تقليد هذه السلوكيات مما يمكن أن يتسبب في مشكلات في الحياة الواقعية. وهنا يلفت زيان الى أن "من أقوى طرق الإقناع هي الاعمال الفنية ولذلك تستخدم في زرع أفكار جديدة في عقول البشر مثل التمهيد لمفهوم عالمي جديد للحرية وتحديد الهوية الجندرية مثل فيلم "Paris is burning" و"Call me by your name" و "Andi Mack"، وهذه الأفكار يسوق لها من قبل أكبر شركات صناعة وانتاج الأفلام والمسلسلات العالمية مثل هوليوود، ديزني، ونتفليكس. كما يتم التسويق لمعتقدات دينية جديدة تؤمن بعبادة وقدسية التكنولوجيا والطاقة وهو ما يسمى بـ" New age religion" مثل فيلم "The 5 elements"، فمن خلال مشاهدة الفيلم يتم جعل هذه الأفكار مألوفة خاصةً عند صغار السن الذين ما زالوا في مرحلة الاكتساب ولم يكونوا قناعاتهم الخاصة في الحياة كالأشخاص الراشدين، لذا يتم استقطابهم والسيطرة على أفكارهم وتحميلها الملفات التي يريدونها بكل سهولة من خلال زرعها في العقل الباطني بواسطة الأفلام واغاني مثل "Come to my window" و"Born this way"".

في الختام، يجب الحذر في اختيار الأفلام وتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الوسيلة الفنية لتحقيق الترفيه والتعلم، مع وجود الوعي للتأثيرات السلبية التي قد تأتي مع مشاهدتها، ويبقى دور الأهل والمعلمين هو الأهم لمراقبة ما يشاهد الأطفال والمراهقين والتوجيه الصحيح لهم نحو المحتوى المفيد. 

الأكثر قراءة

بطة عرجاء لتسوية عرجاء