اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لم تحصل المفاجآت في نتائج انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، سواء في العاصمة بيروت أم في المحافظات اللبنانية، وذلك بعد حوالى العام من إجراء انتخابات المفتين في المناطق، ففاز تحالف الأحزاب والقوى السياسية في المقاعد الـ 24 التي يتم انتخابها من قبل الهيئة الناخبة، وعلى رأسهم "تيار المستقبل" الذي خرج من الحياة السياسية، لكنه لم يخرج من الشارع السنّي.

يتعامل الشارع السني مع كل استحقاق داخل الطائفة بشيء من الحماسة تفوق أحياناً حجم الاستحقاق نفسه، بحسب مصادر سنية، والسبب هو ببساطة "حالة الجمود" التي دخلت بها الطائفة، يوم قرر ممثلها سعد الحريري ترك لبنان والعمل السياسي وتعليق العمل بـ "تيار المستقبل"، وبالتالي كانت هذه المحطة الانتخابية حدثاً هاماً لدى الطائفة السنية، والقوى السياسية فيها.

فبعد انتهاء الاستحقاق وصدور النتائج، يمكن الإشارة الى أكثر من ملاحظة:

- أولا: النتائج لم تكن مفاجئة على الإطلاق، فما تم رسمه من خلال التحالفات ادى الى حصول انتخابات أقرب للتزكية منها الى المنافسة، فالقوى السياسية السنية الأساسية تآلفت وتحالفات وتوافقت، وهذا يعني أيضاً أن هذه القوى بكل مسمياتها لا تزال تملك التأثير الكامل في مسار هذه الطائفة ورأيها العام، ولو أن البعض تحدث في الانتخابات النيابية الماضية عن أن القوى السياسية السنية خسرت شارعها لمصلحة المجتمع المدني والثورة.

- ثانيا: كان لافتاً في هذه الانتخابات ونتائجها قوة وموقع "تيار المستقبل" داخل الطائفة السنية، فهذا التيار الذي يغيب عن العمل السياسي التقليدي، وخرج من الندوة البرلمانية ولو بشكل رسمي، لا يزال ممثلاً بشكل غير رسمي، ولا يزال حاضراً وقادراً على خوض هذا النوع من الانتخابات، وله قوة تأثير كبيرة جعلت من بقية القوى والشخصيات السنية تطالب التحالف معه في لوائح واحدة.

- ثالثا: "تيار المستقبل" لم يضعف داخل طائفته، ولو كان كذلك لما طُلب للتحالف، مع العلم أن هذا الحضور تثبّت خلال الانتخابات النيابية السابقة، عندما حاول أكثر من طرف "وراثته" والحلول مكانه، فكانت النتيجة خيبة وخسارة.

- رابعاً: من الأمور اللافتة أيضاً، كان العمل العلني لـ "تيار المستقبل" في هذه الانتخابات، وهذا مؤشر يقرؤه البعض بإمكان عودة الحياة الى التيار، ففي هذا الاستحقاق لم يتحرك "المستقبل" بأسماء مقربة، ولم يُجر مشاورات في غرف مقفلة دون أن يتبناها بحال كُشفت عبر الإعلام، بل كان عمله علنياً، وهو ما يجب الإشارة إليه بشكل جيد أيضاً.

وتؤكد المصادر أن الساحة السنية لم تبق على حالها بعد خروج "تيار المستقبل" من العمل السياسي ، كما لم يستطع أي تنظيم أو شخص تعبئة الفراغ الذي حاولت السعودية إيجاد البدائل له دون نتيجة، وهذا ما يقودنا الى الاستحقاق الرئاسي ووضع الطائفة فيه.

وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها السعودية، منذ فترة ليست بالقصيرة، إلا أن الواقع السياسي السني لا يزال هو نفسه، بحسب المصادر السنية، حيث الانقسام الذي برز بعد نتائج الإنتخابات النيابية، وبالتالي لا يمكن التعويل على أن يُحسب القسم الأكبر من النواب السنّة ضمن خيار سياسي واحد، لا سيما في الاستحقاق الرئاسي، خصوصا أن هناك عدداً لا يستهان به يدور في فلك قوى الثامن من آذار، كما أن هناك مجموعة من النواب التي تدور في فلك "المستقبل".

قد تكون الرياض قادرة على خلق جو عام داخل الطائفة السنية، مستفيدة من واقع عدم حسم التوجهات الرئاسية، بالإضافة إلى تفضيل مختلف القوى السياسية خيار التسوية، لكن من الناحية العملية، وعلى الرغم من قرار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الابتعاد عن الساحة السياسية، فإن الممكلة لم تنجح في إيجاد البديل أو السيطرة على توجهات غالبية النواب السنّة، وبالتالي لا يزال الشارع السني، بحسب ما هو واضح،  يوالي سعد الحريري، ومستقبل السنّة لن يكون بغياب رئيس "تيار المستقبل".

الأكثر قراءة

حزب الله يدشّن أولى غاراته الجوية... ويواصل شلّ منظومة التجسس ترسيم الحدود مع لبنان ورطة اسرائيلية... و«مقايضة» اميركية في رفح!