اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

حتى الساعة، يترقب العالم العملية البرية التي من الممكن أن يذهب إليها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، على اعتبار أن العدو لا يمكن أن يتراجع عن هذا الخيار بعد الضربة القوية، التي كان قد تعرض لها مع بداية معركة طوفان الأقصى في 7 تشرين الاول، لكن ما ينبغي التوقف عنده هو الحسابات التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار، نظراً إلى أنها باتت كبيرة جداً، وأدت إلى خلافات داخلية خطرة داخل "الكابينت".

في البداية، وضعت "اسرائيل" لنفسها هدف تصفية حركة حماس والقضاء عليها، وبالتالي القضاء على المقاومة الفلسطينية، وهو ما خلق بلبلة في صفوف "الاسرائيليين" نظراً لصعوبة تحقيق هذا الهدف، لذلك بدأت ترتفع أصوات تطالب بأن تحدد الأهداف التي ينبغي أن تتحقق جراء أي غزو بري بدقة، بعيداً عن الشعارات السياسية التي ترفع من قبل بعض المسؤولين "الإسرائيليين" لناحية القضاء على حركة "حماس"، نظراً إلى أنها أهداف غير واقعية، ثم من المفترض أن تأخذ "تل أبيب" بعين الإعتبار الخطوط الحمراء التي توضع من قبل العديد من الجهات الدولية، على رأسها الولايات المتحدة الأميركية.

على صعيد متصل، هناك حسابات متعلقة بإحتمال فشل هذه العملية، خصوصاً إذا نجحت حماس في الصمود أو جعلت كلفتها عالية جداً، بالإضافة إلى تلك المتعلقة بإحتمال توسعها إلى مواجهة شاملة على مستوى المنطقة، من دون تجاهل المحاذير التي لدى بعض الدول العربية من أن تقود إلى عمليات تهجير، لا سيما نحو مصر.

هذه التساؤلات هي التي تسبب بتأخير عملية غزة البرية، تقول مصادر متابعة، مشيرة الى أن كل الحجج "الاسرائيلية" لا تقدم صورة حقيقية عن الاسباب الواقعية التي تؤخر الدخول البري، مشيرة الى أن الأسباب الحقيقية يمكن أن تُلخص بالتالي:

- أولاً: احتمال اندلاع الحرب في المنطقة بعد دخول غزة براً. فهل "اسرائيل" حاضرة لمثل هذه الحرب، وبحال كانت كذلك وهي ليست كذلك، فهل الولايات المتحدة الأميركية حاضرة؟ وهي التي تلقت رسائل نارية مؤخراً بأنها لن تكون خارج هذه الحرب بحال اندلعت، وهي تعمل اليوم على إعادة تموضع قواتها في المنطقة تحسباً لمواجهة من هذا النوع.

- ثانياً: ضعف جيش العدو الاسرائيلي، فهذا الجيش يعتمد بشكل أساسي على القوة النارية الناجمة عن استعمال الطائرات والدبابات وغير قادر على الغزو البري، حيث كانت تجربة تموز 2006 في لبنان دليل على ذلك، وهو اليوم قد وضع نسبة كبيرة من قوات النخبة لديه على الجبهة الشمالية تحسباً لتدخل حزب الله، والاحتياط الذي تم تجنيده غير قادر على المواجهات القريبة والمباشرة.

- ثالثاً: الضعف الاستخباراتي، فبعد الفشل الذريع الذي حصل في 7 تشرين هناك قلق "اسرائيلي" من غياب المعلومات الكافية للقيام بغزو بري في غزة، فهو يخشى اليوم الدخول في معركة تكبده خسائر بشرية باهظة، لا يتحملها المجتمع "الاسرائيلي".

- رابعاً: ملف الأسرى، حيث يواجه نتانياهو ضغطاً شعبياً ودولياً كبيراً للتعامل مع هذه المسألة بجدية.

هذه المعوقات تصعب عملية الغزو البري، بحسب المصادر، لكن بالمقابل فإن "الاسرائيليين" غير قادرين على استبعاد هذا الخيار بشكل كامل، لذلك ما يقومون به هو إفراغ شمال غزة من السكان، واعتماد سياسة الأرض المحروقة عبر تدمير جزء كبير من هذه المنطقة بالكامل، ومن ثم ربما الدخول الى الشمال والتوغل لكيلومترات قليلة واعلان النصر، علماً ان ترتيبات كهذه تحتاج الى الاجابة عن السؤال الآتي: ماذا بعد الدخول؟

بالنسبة الى المقاومة الفلسطينية فإنها تنتظر الدخول البري "الاسرائيلي"، وما حصل في خان يونس يوم الأحد هو صورة مصغرة عما تستعد له المقاومة.

الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران