اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

الشراكة التاريخية بين الولايات المتحدة الاميركية و"اسرائيل"، كانت دائما شراكة شر عبر دعم وتغطية واشنطن للجرائم الاسرائيلية، واستخدام الفيتو في مجلس الامن حول اي قرار يضر بمصلحة العدو الاسرائيلي، وايضا عبر تزويده اسلحة فتاكة، الامر الذي يجعله في موقع الهجوم على الآخرين. انطلاقا من ذلك، من البديهي ان لا تعرف منطقة الشرق الاوسط يوما حالة من الاستقرار الامني، ولا حالة سلام حقيقية، بل هذه المنطقة في وجود "اسرائيل" هي عبارة عن انفجارات لبراكين عدة، وبشكل متواصل.

والسبب الاساسي للحروب التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط لعهود طويلة، تأتي نتيجة العلاقة القائمة بين واشنطن و"تل ابيب"، والتي تندرج في اطار تسليح "اسرائيل" بكل الاسلحة والطائرات والقذائف المتطورة الاميركية، لتكون الاقوى في هذه المنطقة، فضلا عن قيام الولايات المتحدة بوضع امن "اسرائيل" اولا، بما يعني انحيازا اميركيا تاما للدولة العبرية.

نعم ان علاقة واشنطن- "تل ابيب" ادت الى انتصار الظالم على المظلوم والباطل على الحق في الشرق الاوسط، في حين لم تنفذ "اسرائيل" ايا من اتفاقاتها مع السلطة الفلسطينية، ولم تحترم اي قانون دولي يلزمها التراجع او عدم بناء المستوطنات . وها نحن اليوم نشهد عملية نفذتها حماس في السابع من اكتوبر- تشرين الاول عُرفت بـ"طوفان الاقصى"، نتيجة الغطرسة الاسرائيلية والضوء الاخضر الاميركي للعدو الاسرائيلي بتنفيذ كل مشاريعها على اراضي فلسطين المحتلة. وفي الحقيقة انه طوفان غضب الشعب الفلسطيني المضطهد من قبل العدو الذي ينكّل به كل يوم. الظلم الاسرائيلي الذي تعرض له الفلسطينيون، سواء في غزة او الضفة، يتصاعد ويزداد حدة كل سنة مقابل تأييد اميركي وصمت تام للمجتمع الدولي على جرائم "اسرائيل".

وعليه، لا تزال الولايات المتحدة الاميركية ترى الامور بعين واحدة، فانحازت للاحتلال الاسرائيلي، و"شيطنت" حماس، رغم ان الاخيرة هي التي تدافع عن ارض سُلبت من شعبها، وعن اطفال قتلهم جنود الاحتلال، وعن فلسطينيين مسجونين دون اي ذنب.

وها هي شراكة الشرّ تجتمع من جديد بعد عملية حماس، التي سددت ضربة قاسية لدولة قهرت الفلسطينيين لعهود، واليوم جاءت حماس لتقهرها بتكبيدها خسائر في الارواح والعتاد. والحال ان الرئيس الاميركي جو بايدن ارسل حاملتي طائرات لدعم "اسرائيل"، معلنا ان من حقها الدفاع عن نفسها، وعلى هذا الاساس زودتها اميركا باسلحة فتاكة ضد الشعب الفلسطيني في غزة. ولكن ما فعلته و تفعله "اسرائيل" في تدمير غزة، لم يعد ردا انتقاميا على عملية طوفان الاقصى، بل اصبح واضحا انها تريد ابادة الغزاويين بهذا القصف العنيف والمتوحش، وقد باتت افعالها ترتقي الى جرائم حرب. والانكى من ذلك ان بايدن رفض الدعوات لوقف اطلاق النار في غزة لانها ستفيد حماس على حد قوله.

وامام الجرائم الاسرائيلية المروعة التي تحصل في غزة ، نتساءل : هل قصف مستشفى المعمداني وقتل الابرياء واللاجئين اليها للحماية من الحديد والنار ، يندرج في خانة دفاع "اسرائيل" عن نفسها ؟ وهل قصف كنيسة الروم الأرثوذكس المعروفة بكنيسة برفيريوس في غزة، يصب في اطار حق "اسرائيل" بالدفاع عن نفسها؟

لقد اقترفت "اسرائيل" جرائم حرب في عدوانها على غزة، وجاءت اميركا لتبرئها منها وتغسل يداها من جريمة مستشفى المعمداني. ان الرئيس الاميركي بايدن فاقد الضمير، ورئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو الذي لا يعرف سوى لغة القتل,، يبدو انهما لم يشبعا بعد من دماء الفلسطينيين، اذ لا يزال جيش الاحتلال يستهدف المستشفيات والمدارس والكنائس، ولا يميز بين طفل ومقاتل من حماس.

انما في الوقت ذاته، شراكة الشرّ بين واشنطن و"تل ابيب" وصمت المجتمع الدولي امام المذابح بحق الفلسطينيين، سيخلقان مقاومة فلسطينية اكثر تشددا واكثر تطرفا من حماس. فللاسف لم تستلخص "اسرائيل" العبر من الهجومات المتكررة سواء من الجهاد الاسلامي او من حماس ضد مصالحها في فلسطين المحتلة، وآخرها عملية طوفان الاقصى ، لا بل تتمسك الدولة العبرية بوسيلة الحديد والنار، على انها الوسيلة الوحيدة التي يجب اتباعها مع الفلسطينيين.

وقصارى القول، انه طالما "اسرائيل" ستعتمد دوما على القتل والعنف بحق الشعب الفلسطيني، ناهيك عن حرمانهم من ابسط حقوقهم، ستظل "اسرائيل" عرضة لهجومات على غرار طوفان الاقصى، وحتى الى هجومات اكثر شراسة وعنفا في ايلام العمق الاسرائيلي.

اما اذا اختارت "اسرائيل" حل الدولتين، اي باعطاء للفلسطينيين الحق بتأسيس دولة لهم، ودفعت اميركا "تل ابيب" بهذا الاتجاه، فستكون المنطقة ذاهبة الى مرحلة جديدة اكثر انسانية واكثر عدلا.

ولكن لا تزال الاجوبة غامضة على نتائج المعركة بين العدو الاسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، وعليه الميدان سيحدد اي خيار ستتجه اليه منطقة الشرق الاوسط.

من هنا، ان الدعم التام الاميركي لـ "اسرائيل"، واستمرار الاخيرة بالتعامل بالحديد والنار مع الفلسطينيين، فجّر عملية طوفان الاقصى وحملت في طياتها رسالة من الفلسطينيين الى "اسرائيل": كفى! لن نصمت بعد الآن على وحشية جيش الاحتلال، ولن نقبل بان نبقى مشردين على ارضنا، بل يحق لنا باقامة دولة فلسطينية.

الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران