اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

على وقع الحرب الهمجية التي يشنها العدو الاسرائيلي على غزة، والمواجهات المستمرة بين المقاومة وجيش العدو على الحدود الجنوبية للبنان، انعقدت امس "اللجان النيابية المشتركة" لمناقشة خطة الطوارىء الوطنية التي اعدتها حكومة تصريف الاعمال لمواجهة تداعيات العدوان الاسرائيلي الواسع اذا ما حصل وحماية لبنان واللبنانيين.

وتحولت جلسة اللجان الى ما يشبه الجلسة العامة للمجلس بحضور كثيف بلغ 94 نائبا و13 وزيرا. وكما كان متوقعا فقد انعكست الاجواء والمواقف السياسية على الجلسة التي استغرقت اكثر من اربع ساعات، لكن نائب رئيس المجلس الذي ترأس الجلسة حرص على التأكيد "انه اذا ما فرضت الحرب علينا فان لبنان سيكون موحدا"، لافتا الى "ان هناك اجماعا على ان احد لا يريد الحرب في لبنان، لكن "اسرائيل" لم توقف اعتداءاتها وخروقاتها في كل الاحوال".

اجواء الجلسة

ماذا سجل في جلسة اللجان امس؟

1- لعلها المرة الاولى التي تطرح حكومة خطة وطنية لمواجهة الحرب المحتملة، وتعمل على مشاركة المجلس النيابي في ترجمتها وتفعيلها. وهذه الخطوة لاقت استحسانا من اغلبية نيابية واضحة، رغم اعراب معظم النواب عن انهم كانوا يفضلون ان يزودوا بالخطة قبل يومين او ثلاثة من انعقاد الجلسة، غير انها وزعت عليهم خلالها ، وتولى وزير البيئة ناصر ياسين والوزراء شرحها كل وفق عمل وزارته.

2- استحضرت المعارضة المشكلة في خطابها السياسي، من كتل "القوات اللبنانية" و"الكتائب" و"تجدد" ونواب آخرين يدورون في فلكها، واعتبرت ان الاولوية يجب ان تتركز على خطة لتجنيب لبنان الحرب، بدلا من مناقشة خطة لمواجهة تداعيات مثل هذه الحرب.

وفي المقابل، كان الرد على لسان نواب الكتل الاخرى، بأنه في كل الاحوال هناك حاجة لان تكون هناك خطة وطنية لمواجهة العدوان الاسرائيلي الواسع اذا حصل، وان "الكيان الاسرائيلي" عبر التجارب والتاريخ، اقدم على سلسلة اعتداءات منذ عشرات السنين من دون ذرائع او بذرائع واهية.

3- استغرق النقاش السياسي حول الوضع العام والموقف من الحرب ما يقارب الساعتين. واثار نواب من المعارضة مسألة وجوب انتشار الجيش اللبناني على الحدود اللبنانية. وجاء الرد على لسان رئيس اللجنة الوطنية لتنسيق مواجهة الكوارث والازمات الوطنية اللواء الركن محمد المصطفى، الذي اكد ان وحدات وافواجا عديدة من الجيش اللبناني تنتشر على طول الحدود اللبنانية وفقا للقرار 1701 منذ عدوان تموز 2006 ، لافتا الى ان العدو الاسرائيلي لم يوقف اعتداءاته وخروقاته.

4- بدأت الجلسة في حضور نيابي كبير بلغ 94 نائبا، وانتهت بحضور خجول جدا لم يزد على الـ 11 نائبا، حيث ادلى نواب الكتل بمواقفهم السياسية وبما يتعلق بالخطة، ولم يستمع عدد كبير منهم الى شرح الوزراء الـ 13 الذين تحدثوا عن خطط وزاراتهم. وفي ضوء ذلك كان من الطبيعي ان تنتهي جلسة اللجان المشتركة الى ما انتهت اليه، اي الى متابعة الخطة من كل لجنة نيابية مع الوزارة المختصة.

5- تبين من خلال المناقشات في الجلسة، ان هناك ما يقارب الثلاثين الفا نزحوا عن قراهم الحدودية، عدا الآلاف الذين انتقلوا الى مناطاق جنوبية او مناطق اخرى دون ان يتم احصاؤهم.

6- باشرت غرف العمليات على مستوى المحافظة والاقضية العمل في الجنوب، بدءا من صور مرورا بالنبطية وصيدا وحاصبيا، ويجري العمل ايضا على مستوى البلديات واتحاد البلديات في اطار الخطة التي وضعتها الحكومة.

7- برز السؤال الاكبر حول تمويل الخطة، مع العلم ان الصيغة التي وزعت على النواب تشير الى انها ستكون ممولة من مصدرين: الخزينة اللبنانية والمنظمات الدولية التي ستنقل اموال المساعدات من جزء الى جزء للمساهمة في الخطة المذكورة. واشار الوزير ياسين الى ان وزراة المال ستباشر فتح الاعتمادات الملحة للصحة والدفاع المدني وغيرهما، وانه في آخر الاسبوع سيكون هناك نوع من الموازنة الكاملة للخطة.

مواقف الكتل النيابية

كيف كانت مواقف الكتل في الجلسة؟ تقاطعت "القوات اللبنانية" و "الكتائب" و "تجدد" على موقف موحد، خلاصته على لسان اكثر من نائب في هذه الكتل، ان الاولوية هي لاقرار "خطة وقائية والعمل على الا تحصل الحرب، وتفادي لبنان لهذه الحرب من خلال استعادة الدولة لقرارها السياسي وتنفيذ القرار 1701 بانتشار الجيش اللبناني على الحدود مع قوات اليونيفل وابعاد المسلحين عنها. وان تعمل الحكومة على تنشيط دورها الديبلوماسي والعملي في هذا الشأن".

كما ركزت هذه الكتل على "اعادة انتظام المؤسسات الدستورية من خلال انتخاب رئيس للجمهورية واخراج المؤسسة العسكرية من التجاذبات السياسية". وحرصت الكتل المذكورة على الوقوف الى جانب القضية الفلسطينية وغزة "مع الحرص على حماية لبنان وعدم اقحامه في الحرب".

وفي اطار موقف نواب المعارضة قال النائب فادي كرم انه "قبل بحث خطة الطوارىء الوطنية لمواجهة تداعيات الحرب، علينا ان نبحث تطبيق القرار 1701 وانتشار الجيش مع قوات اليونيفيل على الحدود، لمنع هذه الحرب والتعدي على لبنان".

وشاركه النائب ميشال معوض الموقف، مشددا على "حماية لبنان من تداعيات اي مواجهة اقليمية على ارضنا... والاولوية يجب ان تكون لوضع خطة وقائية كيلا تحصل هذه الحرب على ارضنا".

وفي المقابل، برز موقف الكتل الاخرى الداعي الى دعم وتعزيز خطة الطوارىء الوطنية لمواجهة العدوان الاسرائيلي الحاصل اصلا، واكد نواب في "الثنائي الشيعي" على ان الاعتداءات الاسرائيلية مستمرة على لبنان منذ عشرات السنين، وان السؤال حول الحرب او القرار 1701 يجب ان يوجه للعدو الاسرائيلي. ودعوا الى مناقشة الخطة في اطار النقاش التقني والعملي، من اجل ان يكون لدينا خطة متكاملة لمواجهة اي طارىء.

وشددت عضو كتلة "التنمية والتحرير" عناية عز الدين على وجوب مناقشة تفاصيل الخطة لحماية اللبنانيين، مشيرة الى التداعيات الحاصلة جراء الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة. وقالت: "العنوان هو مناقشة الخطة ولو جاءت متأخرة، وعلينا مناقشة كل التفاصيل يوميا، لان عدد النازحين عن القرى الحدودية يزداد".

وعبّر النائب ألان عون عن موقف "التيار الوطني الحر" بقوله "علينا ان نتعاطى بايجابية مع خطة الحكومة من خلال مناقشتها ببنودها جميعا. والمطلوب في هذه المرحلة تعزيز التضامن الوطني، وهناك اجماع على ان لا أحد في لبنان يريد توسيع الحرب، لكن علينا في الوقت نفسه ان نكون حاضرين وفق الامكانات المتاحة لمواجهة تداعيات مثل هذه الحرب".

وقال النائب علي حسن خليل خلال الجلسة "ان الامر ملتبس على بعض النواب، فالجيش موجود على الحدود اللبنانية وهو جاهز في كل الظروف. وعلينا الا نحمّل المسؤولية لبعضنا بعضا، فالسؤال عن القرار 1701 ليس عند لبنان واللبنانيين وانما عند العدو الاسرائيلي، الذي يستمر في اعتداءاته وخروقاته لهذا القرار منذ العام 2006 وحتى اليوم".

وقال النائب بلال عبدالله "اننا لا نستطيع تقدير عدوانية العدو الاسرائيلي، ويجب ان يكون هناك اجماع بالحد الادنى على توحيد الجهود للوقوف بوجه العدوان الاسرائيلي، اما مناقشة مسألة قرار السلم والحرب فالوقت ليس مناسبا لهذا الموضوع".

خطة الطوارىء

ما هي خطة الطوارىء ؟ وزعت خطة الطوارىء الوطنية لحكومة تصريف الاعمال على النواب خلال الجلسة، تحت عنوان مواجهة "حماية لبنان واللبنانيين من تداعيات عدوان اسرائيلي واسع والاغاثة في حال حصول تهجير قسري".

ومن اهداف الخطة "تعزيز جهوزية القطاعات ذات الصلة مقارنة بما حصل في عدوان 2006. وتفترض الخطة تهجيرا قسريا لمليون لبناني لفترة تمتد الى 45 يوما والحاجة الى مراكز ايواء جماعية تستوعب 20% من هذا العدد اي حوالى مئتي الف شخص".

وتأخذ الخطة بعين الاعتبار احتمال حصول حصار جوي وبحري، وتشمل النازحين في مراكز الايواء وفي المنازل والمجتمع اللبناني المضيف.

وتولى الوزير المكلف ناصر ياسين شرح الخطة بصورة عامة قبل ان يتولى كل وزير شرح خطة وزارته.

وتتضمن الخطة العناوين الآتية: الامن الغذائي، ايواء النازحين، المساعدات الانسانية، الحماية، الخدمات الصحية، التجهيزات اللوجستية، الاستقرار الاجتماعي، التغذية والتربية.

وتحت عنوان "هيكلية الاستجابة الوطنية خلال الكوارث والازمات الوطنية" تندرج مستويات ثلاثة للانذار:

1- مستوى الانذار الاول: تفعيل غرف العمليات على مستوى اتحاد البلديات والبلديات والعمليات لادارة الازمات المحدودة.

2- مستوى الانذار الثاني: تفعيل غرف العمليات من المحافظات.

3- مستوى الانذار الثالث: الاستنفار الكامل للغرفة المركزية وتفعيل غرفة العمليات الوطنية بقرار من رئيس مجلس الوزراء.

وتلحظ الخطة الاجراءات الواجب اتخاذها على مستوى الخدمات الصحية، وتجهيز المستشفيات الميدانية، وتحديد مخزون القطاع الصحي والاحتياجات الصحية في مراكز النازحين. كما تلحظ اجراءات مماثلة في قطاع الطاقة والوزارات الاخرى.

وتشير الخطة الى ان التمويل سيكون من مصدرين: الاول من الخزينة اللبنانية، والثاني عبر المنظمات الدولية التي باشرت نقل بعض الايرادات الموجودة من برنامج الى اخر خصوصا في الصحة والمياه والغذاء.

بوصعب: لا أحد يريد الحرب

وبعد الجلسة عقد نائب رئيس المجلس الياس بوصعب مؤتمرا صحافيا مشتركا مع الوزير ناصر ياسين. واستهل بوصعب كلامه بالاشارة الى وقوف النواب في مستهل الجلسة دقيقة صمت على ارواح الشهداء في فلسطين ولبنان جراء العدوان الاسرائيلي.

واشار الى التضامن بين جميع النواب حول القضية الفلسطينية وانهاء معاناة الشعب الفلسطيني. وقال انه بعد ذلك "دخلنا في النقاش حول موضوع الداخل اللبناني والحرب وكيفية تحييد لبنان والآراء المختلفة في هذه المسائل. لكن هناك اجماعا على ان لا احد في لبنان يريد الحرب".

وعرض عدد من النواب اسئلة حول عمل الحكومة ورئيسها والديبلوماسية اللبنانية من اجل تحييد لبنان عن الحرب. ورد نواب آخرون على ان هذا الموضوع معنية فيه "اسرائيل" التي تمارس اعتداءات منذ سنوات طويلة وهذا الامر ليس بجديد.

واشار بوصعب ايضا الى النقاش الذي دار حول القرار 1701 وكان هناك جواب واضح من اللواء محمد المصطفى، الذي اكد انه منذ حرب تموز عام 2006 هناك قطاع جنوبي الليطاني وان هناك وحدات وافواج من الجيش اللبناني موجودة مباشرة على الحدود، وان الجيش ينتشر على طول هذه الحدود، و "اسرائيل" لم توقف اعتداءاتها وخروقاتها ضد لبنان.

واذ اشار الى نقاش حول مسألة تحييد لبنان عن الحرب، قال بوصعب اذا فرضت الحرب علينا سنكون موحدين ولبنان سيكون موحدا. وشكر الحكومة التي قامت بجهد لتحضير الخطة لافتا انه لا يوجد سوابق عديدة في هذا الشأن.

وبعد النقاش اعطت الحكومة وعدا لمتابعة مناقشة خطة كل وزارة في اللجان النيابية المختصة، واذا اضطر الامر الى جلسة ثانية للجان المشتركة ستناقش الخطة من باب ايجابي وليس من باب سلبي.

واوضح بوصعب اننا حمّلنا الوزير ياسين رسالة لرئيس الحكومة لتعزيز التنسيق، بعد ان تبين ان وزير الدفاع قد غيب عن الخطة.

وكشف عن بحث ايواء النازحين السوريين الذين قد يهجرون من اماكن ايوائهم، لافتا الى انه تناول هذا الموضوع مع الرئيس ميقاتي ووزير الشؤون الاجتماعية. وقال ان النازحين السوريين الموجودين في كل المناطق وخصوصا الجنوب، يجري البحث مع المنظمات الدولية المعنية لايوائهم في مخيمات خاصة بين الحدود اللبنانية والحدود السورية املا في ان يستكمل هذا الموضوع.

واشار الى تواصله مع الرئيس بري خلال الجلسة، الذي اكد على متابعة موضوع الخطة في اللجان النيابية لمواجهة تداعيات العدوان الاسرائيلي.

ياسين: الخطة تفترض ان يكون

هناك تضامن وطني

اما الوزير ياسين فأوضح ان الخطة تضع فرضية حصول عدوان اسرائيلي واسع على لبنان، وتفترض ان يكون هناك تضامن وطني وتناغم بين السلطات وعمل مؤسساتي واستقرار مؤسساتي لتنفيذ هذه الخطة.

وحول تمويلها قال: ان وزراة المال ستباشر فتح اعتمادات مالية للمسائل الملحة كالصحة والدفاع المدني وغيرهما. وهناك عمل مع المنظمات الدولية لتوفير الاموال والمواد الغذائية والامور الاساسية، وسيكون في نهاية الاسبوع نوع من الموازنة الكاملة للخطة.

الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران