اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لا يزال النقاش في استحقاق التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون أو عدمه يحتلّ الأولوية على الساحة الداخلية، في ظلّ عدم البحث الجدّي في الاستحقاق الرئاسي والذهاب الى مجلس النوّاب مجدّداً لانتخاب رئيس الجمهورية. وبرز أمس لقاء رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل ورئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب تيمور جنبلاط  في البترون، والذي قيل عنه انّه يندرج ضمن سياق الانفتاح على الجميع، وإبقاء الاتصال قائماً بين القادة السياسيين، ولا علاقة له بالاستحقاقات الدستورية، ولا سيما باستحقاق التمديد لقائد الجيش.

غير أنّ مصادر سياسية مطّلعة أكّدت أنّ لقاء باسيل - تيمور جنبلاط، يأتي بعد لقاء باسيل- وليد جنبلاط في كليمنصو، وأنّ الهدف من مثل هذه اللقاءات هو النقاش والتحاور في كلّ ما يجري على الساحة الداخلية والإقليمية. فالحزب "الإشتراكي" يتحدّث عن الحوار كاساس للتوصّل الى أي اتفاق بين القادة السياسيين على جميع الملفات. ولقاء باسيل- تيمور الذي عُقد أمس في البترون تناول ملفات عديدة من بينها استحقاق التمديد لقائد الجيش، الذي هناك خلاف في وجهات النظر حوله، ولم يكن مخصّصاً للبحث في هذا الاستحقاق فقط...

فباسيل يرفض التمديد لقائد الجيش، على ما أضافت المصادر، ويقول انّه "غير شرعي ويخالف مبدأ شمولية التشريع، وهو ليس من تشريع الضرورة لأنّ هناك حلولاً متوافرة، وهو يضرب هيكلية المؤسسة، ويظلم الضباط بحقوقهم"، ويطالب بالتالي بتعيين الضابط الأعلى رتبة في ظلّ عدم وجود رئيس أركان حالياً. فيما يطرح "الاشتراكي" الذهاب الى مبدأ الأقدمية، وخصوصاً أنّ المشكلة المطروحة أساساً هي: هل يمكن إجراء التعيينات العسكرية في ظلّ غياب رئيس الجمهورية؟ وهل هي بالتالي شرعية ودستورية؟ من هنا، يقترح جنبلاط لتفادي التعيينات في ظلّ عدم وجود رئيس للبلاد، التمديد لقائد الجيش الأصيل، لفترة معيّنة من الزمن. علماً بأنّ مطلبه الأساسي هو تعيين قائد جيش ومجلس عسكري معاً، كما يجد أنّ تعيين رئيس للأركان، هو أسوأ الاحتمالات وليس الحلّ المنشود، سيما أنّ هذه الاستحقاقات تدخل فيها الحسابات الطائفية. فثمّة مشكلة أيضاً في تعيين رئيس الأركان، كما أنّه قد لا يستطيع تحمّل مسؤولية قيادة المؤسسة العسكرية.

ولهذا، تقول المصادر نفسها، انّ النقاش تناول التقريب في وجهات النظر، توصّلاً الى حلّ توافقي في ما يتعلّق باستحقاق قيادة الجيش. وترى المصادر أنّ حزب الله الحريص على علاقته مع باسيل و"ما بدّو يزعلو" قد يوافق على التمديد لقائد الجيش، وعندئذ يوافق رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي على هذا الأمر، رغم إعلانه عن رفض عقد جلسة نيابية "حسب الطلب". وإذا وافق "الثنائي الشيعي" يمرّ التمديد للعماد جوزف عون. أمّا في حال لم يوافق، لأسباب عديدة، فإنّه عندئذ قد يتمّ التوافق على تعيين رئيس أركان قبل إحالة قائد الجيش الى التقاعد في 10 كانون الثاني المقبل.

وإذ يُبحث موضوع التمديد لقائد الجيش أو عدمه على نار حامية، يرى البعض أنّه لا يزال من المبكر بتّ هذا الاستحقاق، ومن الأفضل انتظار التطوّرات في لبنان والمنطقة. غير أنّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يستعجل أمر التمديد لقائد الجيش، على ما شدّدت المصادر، ولا يريد رؤية منصب مسيحي ماروني آخر شاغر، على غرار رئاسة الجمهورية التي تعيش الفراغ منذ أكثر من سنة. كذلك فإنّ نوّاب المعارضة الذين زاروا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي منذ يومين، أكّدوا على عدم جواز الوصول إلى الفراغ في قيادة الجيش، وعدم جواز تعيين قائد جديد بغياب رئيس الجمهورية، كونهم خارج الاصول الدستورية. ورأوا أن "لا خيار سوى تأجيل تسريح قائد الجيش الحالي لمدة سنة بانتظار انتخاب رئيس جمهورية"، مؤكّدين على أنّه لدى ميقاتي وجهة النظر نفسها.

وأشارت المصادر عينها الى أنّ رئيس الحزب "التقدّمي الإشتراكي" يتواصل مع مختلف القيادات اللبنانية، وسيلتقي مسؤولين آخرين خلال الأيام المقبلة، على أن يلتقي اليوم الثلاثاء وفداً من كتلة "الجمهورية القوية" للبحث في الملفات المطروحة والتوصّل الى قواسم مشتركة لعدم ترك الفراغ يضرب كلّ المناصب الأولى في البلاد. ولقاءاته هذه ، هي استكمال لما سبق للنائب السابق وليد جنبلاط أن قام به خلال الفترة الماضية بهدف تحريك الجمود السياسي القائم. علماً بأنّ "الاشتراكي" و"القوّات"  يلتقيان على مسألة "التمديد"، فقد تقدّمت كلّ من كتلتهما النيابية بمشروع أو اقتراح قانون الى مجلس النوّاب، إذ طالب "الاشتراكي" بالتمديد لجميع القيادات الأمنية وليس فقط لقائد الجيش، وطرحت "الجمهورية القويّة" تأجيل تسريح قائد الجيش لفترة سنة في انتظار انتخاب رئيس الجمهورية، منعاً لحصول الشغور في رئاسة المؤسسة العسكرية.

وبرأي المصادر نفسها، فإنّ باسيل الذي يطرح سيناريوهات عديدة لعدم الشغور في منصب قيادة الجيش، يُفضّل أن يتولّى الضابط الأعلى رتبة (وهو حالياً اللواء بيار صعب) هذه القيادة، على غرار ما حصل في الأمن العام وقيادة الدرك وسواهما. غير أنّ البعض يجد أن طرحه يأتي من خارج قانون المؤسسة العسكرية، لهذا يتمّ رفضه... ولهذا فإنّ باسيل قد يوافق على أحد الطروحات الأخرى، مثل التكليف بالتوافق على الاسم، كما يحصل في كلّ مؤسسات وإدارات الدولة، أو تعيين قائد جديد للجيش من خلال المراسيم الجوّالة الموقّعة من 24 وزيراً يقترحها وزير الدفاع موريس سليم بالتوافق. غير أنّ هذا الطرح الأخير قد يرفضه البعض الآخر الذي سبق وأن رفض تواقيع جميع الوزراء على المراسيم.

وأكّدت المصادر عينها، أنّ كل السيناريوهات لا تزال مطروحة للنقاش، ولم يتمّ حسم أي منها حتى الآن. فيما يبقى الحلّ الأفضل الذهاب الى انتخاب رئيس الجمهورية أولاً، وتشكيل الحكومة، ومن ثمّ القيام بالتعيينات العسكرية والإدارية بالطرق الشرعية والدستورية. ولكن إذا لم يتمّ انتخاب الرئيس حتى نهاية العام الحالي، فإنّ الذهاب الى حلّ توافقي لقيادة الجيش، هو أمر لا مفرّ منه.

يذكر اخيرا ان "التيار الوطني الحر" وزع بيانا بعد الاجتماع جاء فيه ان "اللقاء تميز بالكثير من الود والصراحة، وتركز النقاش على أفضل السبل لتمتين الوحدة الوطنية وجعل لبنان في موقع أقوى في مواجهة التحديات الداخلية، والمخاطر الكبرى المتأتية من وضع إقليمي ودولي متشنج".

واتفق الطرفان على "مقاربة مشتركة بشأن الحرب الاسرائيلية على غزة". كما اتفقا على "تعزيز العلاقة بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي وعلى مقاربة الملفات الداخلية بالحوار والتفاهم حيث أمكن. وأكدا أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية كأساس لإعادة تكوين السلطة، واتفقا على تعزيز الاستقرار في الجبل وتطوير الحياة المشتركة وفتح آفاق التعاون في المجالات الانمائية".



الأكثر قراءة

نصرالله يُحرج المزايدين باختبار «السيادة» : إفتحوا البحر للنازحين! خطة أمنيّة في بيروت الكبرى... و«الخماسيّة» في عوكر «مكانك راوح» جبهات المساندة تنسّق للتصعيد... وإخلاء مُستوطنات جديدة في الشمال