اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كشفت الهدنة في قطاع غزة عن عجز العدو الإسرائيلي أكثر عن الثبات على خيار واحد يريده، ليَسترجع مِن خلاله صورته القديمة، فوَجَدَ نفسه أمام مجموعة خيارات كل واحدة منها أسوأ من غيرها على كيانه، فبين الرأي العام الداخلي والخارجي يَجد نفسه محاصَراً ومطالَباً بإنجاز، تمنعه من تحقيقه قوى المقاومة من فلسطين الى كل جبهات المحور.

يقف رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو متوسِّطاً "القيادة الإسرائيلية" والجيش والمستوطنين، فلكل منهم حساباته ومطالباته، فعلى مستوى القيادة ورغم الخلافات المعروفة فيما بينها، حافظت حتى اللحظة على تماسكها بنسبة كبيرة في هذا العدوان، وصولاً للهدنة التي مَن اعترض عليها بن غفير وحزبه في إطار المزايدة لا أكثر، لكن بما أن إعادة الأسرى "الإسرائيليين" لدى حماس أولوية بالنسبة للقيادة الصهيونية، فهُم يُجمعون على تمديدها مع بقاء مَطلب القضاء على حماس.

هذا المطلب مشترك بين القيادة والمستوطنين الصهاينة، الذين يضغطون على نتنياهو على عدم العودة الى غلاف غزة، مع وجود حماس في القطاع بكامل قوّتها وسيطرتها عليه من جهة، ومن جهة أخرى يضغطون لإطلاق سراح الأسرى...

أما المشكلة التي يُعاني منها الكيان مع الجيش فهي تنقسم الى شقين:

- الأول: أن الجيش يَضع نفسه أمام تحدّي ويُريد أن يُثبِت نفسه على الأرض، بعد ما ألحقت به المقاومة الخسائر الجسيمة من جهتي الشمال والجنوب.

 - الثاني: جنود الإحتياط الموجودون بالخدمة منذ بداية العدوان، وبما أنهم مرتبطون بأشغال أخرى، فهم لا يستطيعون تركها لمدة طويلة، وهذا ما يُكبِّد العدو أعباء مالية كبيرة للتعويض عليهم إذا استَكمل العدوان على القطاع، وهنا تتفاقم الأزمة الاقتصادية التي بدأ العدو يُعاني منها نتيجة الحرب.

وأمام هذا الواقع الداخلي "الإسرائيلي"، وبالإضافة لحساباته، بات الأميركي معنياً بإيجاد مَخرج "للإسرائيلي" مع نفاذ الوقت الذي كان كفيلاً بقلب الرأي العام العالمي عليه، فأي تجدُّد للعدوان الصهيوني على غزة، وأي تكرار لصوَر المجازر التي ارتكبتها "إسرائيل" ضد الشعب الفلسطيني، ليس باستطاعة أميركا تحمّلها بعد أمام العالم، وبخاصة أن مبرِّر الإندفاعة الصهيونية انتهى بالنسبة لهم، وبذلك فإن مشروعية العدوان تراجعت عالمياً، وبذلك يكون الرأي العام العالمي تحوّل لعنصر ضاغط على "إسرائيل" يُجبرها ومِن خلفها الأميركي على إعادة حساباتها بخياراتها المتاحة على ضيقها.

وأمام هكذا خيار، فإن الحساب الأكبر يجب أن يكون له علاقة بردة فعل محور المقاومة، الذي هدَّد بتصعيد جبهاته، ووضَع خطاً أحمراً على فكرة القضاء على حماس، وهذا ما يُفسِّر ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأول خلال العدوان، أن حماس ستنتصر في نهاية الحرب.

هذا عن الإستمرار بالحرب التي تعلم "إسرائيل" أن تكلفتها البشرية كبيرة بالنسبة لها، أما عن إيقافها فهُنا تكمن العقدة الكبيرة، لذا يُعتبر ذلك أسوأ الخيارات الآن، لأن ذلك يؤكد انتصار حماس التي تريد وقف إطلاق نار نهائي، لتنتقل الى مرحلة تبييض "السجون الإسرائيلية" بشكل كامل، مقابل الأسرى "الإسرائيليين" لديها، بالإضافة الى رفع الحصار عن قطاع غزة.

إذاً... في المبدأ نحن ذاهبون الى تمديد الهدنة حوالي عشرة أيام، أي حتى آخر أسير "إسرائيلي" من غير الجنود الصهاينة، فعندما نصل الى هنا نكون أمام مفترق طرق: إما إعادة استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة للضغط على المقاومة أكثر لتُقدِّم تنازلات، وإما إيقاف الحرب بسيناريو أميركي يحاوِل من خلاله إيجاد مَخرج "لإسرائيل" يَنزع عنها صفة المهزومة ولو صوَرياً...


الأكثر قراءة

العثور على 6 جثث لأسرى لدى حماس مقتولين يُحدث زلزالاً في «إسرائيل» الشارع يتحرّك ضدّ حكومة نتانياهو... ونقابة العمّال تعلن الإضراب الشامل