اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يعتبر مشهد النفايات المتناثرة من المشاهد الدائمة والمتجددة على جوانب الطرقات في لبنان، لتكون رمزًا صارخًا للفشل الجماعي للدولة والمجتمع في معالجة هذه القضية الهامة جداً. يشكل تراكم هذه النفايات تحديًا ملحًا للحكومة المقبلة، ويضاهي قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار. ففي غياب استراتيجيات شاملة لإدارة النفايات، يضطر الناس إلى اللجوء إلى ممارسات بدائية ومضرة مثل حرق النفايات أو دفنها أو التخلص منها بشكل غير مسؤول. كما أدت الأزمة الاقتصادية السائدة إلى تفاقم المشاكل البيئية، فنتج منها كارثة كبيرة، حيث يعيق تراكم النفايات مع كل هطل للأمطار عمل مصافي ومجاري المياه، مما يتسبب بحدوث فيضانات في الشوارع وتعطل حركة المرور.

إرث بيئي ثقيل

رسخت أزمة النفايات في لبنان نفسها، وألقت بظلالها على مسألة إعطاء الأولوية لأساليب المعالجة الفعالة. وقد شكلت لحظة محورية في عام 2015، تمثل منعطفًا مهمًا في تاريخ الانفجار البيئي. شهد هذا العام احتجاجات شعبية واسعة النطاق ردًا على تقصير الحكومة، ونتيجة لذلك، تم تنفيذ خطة طوارئ على عجل لمعالجة مخاوف النفايات، مما أدى إلى إنشاء مكبات مركزية مؤقتة على طول الساحل. ومع ذلك، وعلى النمط اللبناني المعتاد، تحول ما كان يُقصد به أن يكون إصلاحًا قصير المدى إلى مأزق طويل الأمد. فامتدت هذه المكبات المؤقتة أفقيًا وعموديًا على طول شاطئ البحر الأبيض المتوسط، لتصبح معالم دائمة.

وفي هذا الصدد، دقّ الخبير البيئي البروفيسور ضومط كامل ناقوس الخطر، منذراً بواقع بيئي ومعيشي خطر جداً جرّاء انتشار النفايات في كل حدب وصوب، وعدم وضع أي أطر تنظيمية وتنفيذها للحد من هذه الآفة التي تهدد البشر والكائنات الحيّة أجمع في لبنان. فمع كل مرة تهطل فيها الأمطار، تصبح حركة المرور معدومة، بل ويعلق المواطنون في سياراتهم ويعانون الأمرّين للخروج منها.

وعزا كامل السبب أولاً: إلى عدم تنظيف مجاري المياه من النفايات، وثانياً: إلى تزفيت المجاري، مما يؤدي إلى احتباس المياه وتراكمها في الشوارع.

مخاطر جسيمة

إنّ النفايات خطر كبير ومخاطرها تفوق التوقعات، كونها تهدد صحة الإنسان والبيئة والاقتصاد، فهي تتسبب بتلوث الهواء والماء والتربة، وتؤدي إلى انتشار الأمراض، وتغير المناخ.

هذا وسبق أن أصدرت الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية بحث على جسيمات تم سحبها من بيروت عام 2017، أن هواء العاصمة بيروت يتضمن مواد سامة ومسرطنة، كالهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات، ومصدرها الأساسي انبعاثات مولدات الكهرباء ووقود السيارات والحرق العشوائي للنفايات. فكما سبق وتم ذكره، ان مخاطر النفايات العشوائية جمّة وكوارثها لا تحمد عقباها، وهذه أبرز مخاطرها:

- تلوث الهواء: تساهم النفايات في تلوث الهواء من خلال إطلاق الغازات الضارة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، حيث يعمل ثاني أكسيد الكربون على الاحتباس الحراري، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض. كما يعمل الميثان على الاحتباس الحراري أيضًا، وهو أكثر سخونة من ثاني أكسيد الكربون بكثير.

- تلوث المياه: تساهم النفايات في تلوث الماء من خلال إطلاق المواد السامة مثل الرصاص والزئبق، حيث يمكن أن تتسبب هذه المواد في تسمم الإنسان والحيوانات. كما يمكن أن تتسبب  بتلوث المياه الجوفية، مما يؤثر في مصادر المياه الصالحة للشرب.

- تلوث التربة: تساهم النفايات في تلوث التربة من خلال إطلاق المواد السامة، كما يمكن أن تتسبب بتلوث المحاصيل الزراعية، مما يؤثر في صحة الإنسان.

- انتشار الأمراض المعدية: يمكن أن تتسبب النفايات بانتشار الأمراض المعدية، وذلك بسبب وجود البكتيريا والفيروسات والطفيليات فيها، حيث يمكن أن تنتقل هذه الكائنات الحية الدقيقة إلى الإنسان عن طريق التلامس المباشر أو عن طريق تناول الطعام أو الماء الملوث.

- تغير المناخ:  تساهم النفايات في تغير المناخ، وذلك بسبب إطلاقها غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، حيث تعمل هذه الغازات على حبس الحرارة في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض.

- خسائر اقتصادية بسبب التلوث: تتسبب النفايات بخسائر اقتصادية بسبب التلوث الذي تسببه. حيث يمكن أن يؤدي التلوث إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية والصناعية. كما يمكن أن يؤدي إلى زيادة تكاليف الرعاية الصحية.

هذا وشدد كامل على خطورة زيوت الشاحنات، السيارات والمصانع التي يتم رميها عشوائياً في لبنان في مناطق عديدة، بالإضافة إلى نفايات صناعية أخرى تلوث المياه الجوفية والبيئة عامةً. وناشد وضع خطط وحلول بيئية مناسبة وتعاون جميع الأطراف في المجتمع لمواجهة مشكلة النفايات العشوائية، وذلك من خلال العمل على تقليل كمية النفايات المنتجة وإعادة تدويرها ومعالجتها بشكل آمن.


الأكثر قراءة

«اسرائيل» تواصل التهويل: انسحاب حزب الله او الحرب الشاملة تعديلات بالشكل لا بمضمون «الورقة الفرنسية» لا بروفيه وامتحان موحد لـ«الثانوية»