اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يُعرف لبيب ناصيف في الحزب السوري القومي الاجتماعي بأنه ذاكرته، وموثق تاريخ اعضائه، سواء منهم قياداته او افراده، وساعده في ذلك توليه مسؤوليات حزبية، مكنته من الاطلاع على الوضع الحزبي والاتصال بجميع القوميين. فقد تولى رئاسة مكتب شؤون عبر الحدود، الذي يتابع المغتربات ومؤسسات الحزب فيها، كما رئاسة مكتب الاحصاء المركزي، الذي يساعده على معرفة اوضاع العاملين في الحزب، او المنقطعين عنه ادارياً، اضافة الى توليه مسؤوليات مركزية عليا في عضوية المجلس الاعلى ومجلس العمد، فتبوأ مسؤولية عميد الداخلية وعميد المالية وعميد عبر الحدود.

هذه المسؤوليات، تفرّغ ناصيف لها، وتركته على تماس ان يدوّن ما تيسر من تاريخ اعضاء الحزب، فجمع العديد عن الاوائل ممن رافقوا التأسيس مع المؤسس الزعيم انطون سعاده، او تسلموا مسؤوليات في غيابه، او لدى عودته الى الوطن في العام 1947، الى حين استشهاده في 8 تموز 1949، وما بعد ذلك.

فلم يكتب ناصيف تاريخ الحزب الذي شُكلت له لجنة ترأسها هو منذ العام 2002، بل تمكن من جمع معلومات عنه، والذي كان مقرراً في توصيات مؤتمر "ملكارت" القومي الاجتماعي الاول الذي انعقد نهاية عام 1969، ان يكتب تاريخ الحزب، وتشكيل لجنة من مختصين له. وما قام به ناصيف في جمع المعلومات او الاستناد الى المذكرات على مدى عقود من السنوات، يفيد في كتابه تاريخ الحرب، وبعض افراده كتبوا، وصدر لهم مذكرات لقيادات واعضاء فيه، لكنه ليس التاريخ الرسمي بل هي مرويات واحداث، فيها الصح والخطأ والتقدير والتحليل الشخصي...

ففي كتابه "صدى المناقب" الذي صدر مؤخراً، يدوّن فيه لبيب ناصيف ذكرياته، التي تبدأ من ولادته واصول عائلته ونشأته في المصيطبة، كما الى تعليمه في مدارس عديدة، ويذكر العديد من اقاربه وجيرانه، كما الى اصدقائه في اثناء الدراسة او في الحي او في العمل، وصولا الى الحزب.

فالكتاب، الذي اراده ناصيف سيرة شخصية وحزبية، وهو الذي قضى نحو اكثر من نصف قرن في حياته في العمل الحزبي متفرغاً له، بقرار من قيادة الحزب، التي كانت "تصادر" ناصيف وغيره من القوميين لوظائف حزبية مركزية  او فرعية، حيث استطاع ناصيف ان يسرد في مذكراته النشاط الحزبي منذ الخمسينات من القرن الماضي، وعرج على مرحلة الستينات، حيث قام الحزب القومي بانقلاب عسكري ـ حزبي في مطلع الستينات. فيعرض في المذكرات للعمل السري، والقوميين الذين نشطوا في سنوات كانت قيادة الحزب في السجن ومرحلة اضطهاد وملاحقة وسجن، الى ان حصل العفو عام 1969.

فلم يوفر ناصيف في كتابه تفصيل لم يذكره، وهو غني بالمعلومات لا سيما الاسماء، التي نشر هوامش عنها في كل فصل من فصول الكتاب الستة، فاضاف معلومات جديدة عن كل شخص ورد اسمه في المذكرات.

وتناول ناصيف مرحلة ما بعد مؤتمر "ملكارت"، والتصنيفات التي نتجت مما صدر من توصيات للمؤتمر، فتحاشى المؤلف الدخول في تفاصيل ازمات الحزب، ولم يوردها الا بالاشارة الى الحدث.

وفي الكتاب، تفاصيل عن مرحلة الاجتياح الاسرائيلي صيف 1982، ودور القيادة الحزبية وانتقالها الى السفارة اليونانية، وهو كان عميداً للمالية في تلك المرحلة، وكان انعام رعد رئيساً للحزب.

تضمن الكتاب الفترة التي قضاها ناصيف في البرازيل، والنشاط الذي قام به، كما لحظ ناصيف في الكتاب عرضاً مفصلاً لنشاط الطلبة القوميين في الجامعات والثانويات والمعاهد، وذكر اسماء كثيرة منهم، وهو لم يغفل الكثير من اعمال قوميين كانوا طليعيين في مواقعهم الخاصة او العامة.

ويُعتبر هذا الكتاب، مادة مضافة الى ما سبق وصدر لقوميين من مذكرات، والتي لا يوفر لبيب ناصيف الجهد للطلب والتمني على كل من انتمى الى الحزب ان يكتب سيرته، لانها تعني تاريخ حزب. كان مؤثراً في الحياة النضالية والسياسية، وان مؤسسه سعاده، دفع دمه ثمناً لمبادىء الأمة ونهضةها وتطور المجتمع.

*يقع الكتاب في 200 صفحة، من الحجم الوسط ـ وصدر عن دار ومكتبة التراث الادبي ـ بيروت.




الأكثر قراءة

العثور على 6 جثث لأسرى لدى حماس مقتولين يُحدث زلزالاً في «إسرائيل» الشارع يتحرّك ضدّ حكومة نتانياهو... ونقابة العمّال تعلن الإضراب الشامل