اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

رغم القرار والجهد الأميركي الذي بُذِل من البداية لحصر العدوان الصهيوني على غزة دون توسعة الجبهات، ورغم محاولات التضليل والتقليل من أهمية وتأثير الجبهات التي خَرقت الخطوط الحمراء الأميركية من جنوب لبنان الى العراق الى اليمن، كذّب الأميركي نفسه أمام العالم بإعلان وزير حربه عن تشكيل تحالف دولي للتصدي لما أسماه "هجمات الحوثيين في البحر الأحمر" تحت اسم "حارس الرخاء" تماماً كما كذّبت "إسرائيل" روايتها المزيّفة التي أرادت من خلالها الحصول على غطاء وشرعية دولية لإجرامها بمجازرها التي ارتكبتها بحق أهل وأطفال غزة.

حاول الأميركي كثيراً التعتيم على الدور اليمني في الحرب كما حاول تجاهله بكل العمليات التي قام بها في البحر الأحمر إسناداً لغزة، إلا أن حجم تأثير جبهته التي طالت مصلحة واشنطن شخصياً تماماً كما هددت تل أبيب، دفعه للتعامل بطريقة مختلفة معها من أجل تهديدها من ناحية ومن ناحية أخرى لإسكات الإسرائيلي وللقول له إنه قام بإجراء لردع اليمنيين، إلا أن قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي لم يترك له مجالاً للإستعراض الإعلامي حتى، معلناً أن البوارج الحربية الأميركية في البحر الأحمر ستكون هدفاً لأنصار الله بحال اعتدت واشنطن على صنعاء.

أهمية هذه الجبهة أنها متشعبة الإستهدافات بحيث أن تأثيرها لا يَطال الكيان وأميركا فقط وإنما التجارة الدولية، فالتحدّي هنا الذي له طابع عسكري وأمني قابل للتصعيد وسيَفرض على الأميركي إجراء حسابات جديدة، خاصة وأن للدولة اليمنية ثلاثة خيارات في استهدافاتها ولكل استهداف شرط تفرضه، الخيار الأول: القصف على إيلات وهذا سيستمر لنهاية العدوان الصهيوني.

الخيار الثاني: إستهداف الناقلات الإسرائيلية وهذا مرتبط بوقف إطلاق النار.

الخيار الثالث: إستهداف السفن الأجنبية المُتجهة نحو "إسرائيل" وهذا مرتبط بفك الحصار عن غزة.

رغم الخطورة التي تُشكِّلها هذه الجبهة، إلا أن التحالف الذي أعلنته أميركا بوجهها يُعتبر شكلياً، وهذا ما أكّدته مواقف الدول التي أعلن عنها الأميركي أنها ضمنه، ففرنسا أعلنت عبر وزير دفاعها أن عملياتها في البحر الأحمر ستبقى تحت القيادة الوطنية وليس ضمن أي تحالف وكذلك إسبانيا أعلنت أنها لم تتم إستشارتها قبل إعلان إسمها في التحالف وأنها لا تنخرط بتحالفات إلا بقرار من الناتو أو الإتحاد الأوروبي، أما كندا وهولندا فأعلنتا أن مشاركتهما ستقتصر على عدد من الضباط ليس أكثر، وفيما يتعلّق بالدول العربية والإسلامية، كان لافتاً غياب دول في المنطقة حليفة لأميركا عن هذا التحالف، كالمملكة العربية السعودية والإمارات وبغض النظر عن حساباتهما، فهذا يُسجَّل تراجعاً لقدرة أميركا التأثيرية إن على الصعيد الدولي أو الإقليمي، مما يُعتبر تحوّلاً كبيراً في المشهد الذي يُمكن الإعتبار من خلاله أن واشنطن بدأت بخسارة وزنها وحضورها.

هذه مؤشرات تؤدي الى نتيجة تقول إن هذا التحالف قد لا يرى النور وإن الهدف الأميركي من الإعلان عنه هو القول إن هناك دولاً الى جانب أميركا مستعدة لحماية "إسرائيل"، ويَظهر وكأنه استجاب لمطلب رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو فيما يتعلّق باتخاذ إجراء يردع اليمن.

الرد اليمني جاء ليؤكد أن صنعاء أعدّت العُدّة واتخذت قرارها بالمواجهة ووضعت أميركا أمام الإختبار العلمي وإذا اشتبكت معها ستُكرَّس اليمن قوّة إقليمية مؤثِّرة في المنطقة، فهي تمتلك أسلحة قادرة على تعطيل الملاحة وتدمير قطع بحرية لأميركا والأطلسي في البحريْن الأحمر والعربي، فجبهة اليمن ليست جبهة مسانَدة فقط إنما جبهة إشتباك على درجة عالية من الأهمية والدقة، لأن ميدان المعركة ليس ميداناً عادياً، فالبحر الأحمر يمثّل مصلحة حيوية استطاع اليمن تهديدها بعد أن انتقل من مرحلة التفكير الى مرحلة الفعل، ما يعني نقل المعركة الى درجة أعلى، فعندما ينخرط الأميركي بمواجهة مباشرة سيتعرّض لمواجهة مباشرة، عندها يُمكن تسمية هذه المعركة بمعركة إرادات بين أميركا واليمن وإذا تمكنّت صنعاء من فرض المعادلة، هذا سيَفتح مساراً أمام العالم أن الإرادة الأميركية ممكن أن تنكسر.


الأكثر قراءة

العثور على 6 جثث لأسرى لدى حماس مقتولين يُحدث زلزالاً في «إسرائيل» الشارع يتحرّك ضدّ حكومة نتانياهو... ونقابة العمّال تعلن الإضراب الشامل