اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لا ندري ما هي المعطيات التي لدى أوساط فلسطينية قريبة جداً من الميدان في غزة، حين تؤكد أن من المستحيل على "القوات الاسرائيلية" الوصول الى القيادات العليا في حركة حماس. نسأل ما اذا كان هذا يعني انتقالهم مع الأسرى الى خارج القطاع. الاجابة قليل من الصمت، أو من التساؤل، ثم "معلوماتنا تشير ألى أنهم لا يزالون في غزة". ماذا عن معلومات الآخرين؟

بالسياسة العمياء اياها، قال بنيامين نتنياهو "ان تحرير الرهائن يقتضي تكثيف الضغط العسكري، ما سيحصل في المرحلة المقبلة"، كما لو أن الرجل لم يستخدم الحد الأقصى من الهمجية، وعلى مدى الـ 80 يوماً المنصرمة، ليبدو الآن كما الغراب على ساق واحدة فوق الخراب.

أي عاقل يتصور أن المقاتلين الفلسطينيين، بذلك الأداء الأسطوري، سيقدمون الأسرى هدية الى القتلة. قرار القيادات الفلسطينية القتال حتى الموت، بعدما رفضوا مقترحات حملها وسطاء حول ترحيلها، على غرار ما حدث لياسر عرفات عام 1982. لكن عرفات كان آنذاك يحتل لبنان كدولة بديلة. السنوار نموذج آخر وشخصية أخرى. هو الفلسطيني الذي يقاتل على أرض فلسطين. اذا قبل بالرحيل لمن تبقى الأرض؟

الغباء السياسي أيضاً. كيف لزعيم "الليكود" أن يفكر بهذه الطريقة "حين يوضع القادة الفلسطينيون أمام خيار الموت أو الاستسلام، لا بد أن أن يقبلوا باطلاق الرهائن مقابل تأمين سلامتهم" ؟ هو الذي سبق وأعلن اعتزامه أن يدفن بيديه أولئك القادة. المثير هنا أن ثمة حكومات عربية كادت تتبنى نظرية نتنياهو لتعرض استقبالهم، دون أن تقرأ ما يحدث على الأرض، وحيث المأزق "الاسرائيلي" السياسي والعسكري، يزداد حدة يوماً بعد يوم.

حتى الآن، وبتلك الكمية من القنابل التي لا نظير لها في التاريخ، ماذا حقق الائتلاف البربري سوى الدمار، وسوى قتل المدنيين، كدليل على السقوط العسكري، كما سقوط الرهان على الضجيج الاعلامي، لتصوير الدمار على أنه المدخل الى الانتصار؟ أكثر وسائل الاعلام تميل شيئاً فشيئاً الى جانب الضحايا. أسئلة بعض المعلقين "الاسرائيليين" بدت مثيرة للذهول "هل بامكان "اسرائيل" أن تتحمل مثل هذا العدد من الضحايا لو كانوا من اليهود"؟

سؤال منطقي. العدد حتماً سيكون أكثر بكثير اذا مضى نتنياهو في سياساته الهيستيرية، وشن الحرب على لبنان. آري شاليت عاد الى فيلم "الرؤيا الآن" Apocalypse now لفرنسيس فورد كوبولا، ليسأل ما اذا كان هذا ما "ينتظرنا".

لكن يؤاف غالانت قال بالغطرسة اياها "نبذل جهوداً كبيرة ضد حزب الله، ولن نعود الى الوضع الذي كان قائماً في 6 تشرين الأول". بطبيعة الحال، كوزير للدفاع، لا يراهن على العملية الديبلوماسية. ترداد لتهديداته السابقة بتدمير بيروت والضاحية (وبالطبع اجتياح الجنوب)، ما يرغم المقاومة على رفع الأعلام البيضاء، والقبول بتحويل لبنان كله الى منطقة عازلة، أي الى ضاحية للهيكل اذا عدنا الى اتفاق 17 أيار 1983.

غريب أن جنرالاً يعيش التجربة المرّة على الأرض لم يأخذ الأمثولة من غزة، وحيث ظهر للعيان أنه لولا الـ 260 طائرة أميركية (حتى الساعة) التي حطت بصورة يومية في القواعد "الاسرائيلية"، وهي محملة بأكثر القنابل فتكاً، ولولا المساعدات اللوجيستية الأميركية، لكان غلاف غزة لا يزال بيد المقاتلين الفلسطيينن، إن لم نقل لكان المقاتلون الآن، عل مشارف "تل أبيب".

لعل غالانت لم يعلم بتصريح رئيس الحكومة في اليوم ذاته، من أن "القتال ـ في غزة ـ سيستمر طويلاً، ولم يقترب من النهاية"، أي لا أفق زمنياً بعد نحو 3 أشهر من طوفان النار، دون تحقيق أي هدف من الحرب. ولن يتحقق أي هدف...

الا اذا كان غالانت يراهن على التدخل الأميركي المباشر. البنتاغون على بيّنة مما تكون عليه النتيجة، اذا امتدت الحرائق من ضفاف المتوسط الى مضيق هرمز، ومن مضيق هرمز الى باب المندب. الجنرال ديفيد بترايوس، الذي عاش تجربة المستنقع الأفغاني، قال "ستكون انتحاراً مراقصة كرة النار".

آموس هوكشتاين يعلم ذلك. لنعد الى ما ألمحت اليه وكالة "بلومبرغ" من كلام أودعه نتنياهو "دع أبواب جهنم مقفلة". هل حقاً أنه أعد العدة لأيام ديبلوماسية طويلة ومعقدة على الجبهة اللبنانية ؟!

الأكثر قراءة

العثور على 6 جثث لأسرى لدى حماس مقتولين يُحدث زلزالاً في «إسرائيل» الشارع يتحرّك ضدّ حكومة نتانياهو... ونقابة العمّال تعلن الإضراب الشامل