اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كان من المفترض أن يعود مستشار شؤون الطاقة في وزارة الخارجية الأميركية، والوسيط في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الاسرائيلي آموس هوكشتاين الى لبنان في منتصف كانون الثاني الجاري، لتحريك مسألة الحدود البريّة وتطبيق القرار 1701، بعد أن جرى تخطّي بند وقف الأعمال العدائية بين حزب الله و "إسرائيل" إثر عملية طوفان الأقصى. غير أنّ عملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، التي حصلت في الضاحية الجنوبية لبيروت هي خرق واعتداء "إسرائيلي" غير مسبوق للبنان منذ العام 2006، ولم تعلم بها الولايات المتحدة بحسب المعلومات، سوى خلالها أي بعد تنفيذها، وقد تُسرّع زيارة الموفد الأميركي الى المنطقة سعياً لتجنيب لبنان و "إسرائيل" الدخول في حرب شاملة وموسّعة. علماً بأنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد سارع بعد عملية الاغتيال، الى القيام بجولة جديدة الى الشرق الأوسط تشمل كيان الاحتلال للبحث في كيفية الخروج من المأزق.

أوساط ديبلوماسية مطّلعة أكّدت أن أي موعد لزيارة هوكشتاين الى لبنان لم يتحدّد حتى الساعة، رغم أنّه من المعلوم أنّه سيقوم بزيارة الى "تلّ أبيب" كما الى بيروت في وقت قريب. والاجتماع الذي عقده وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب مع مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط بريت مارك غورك في البيت الأبيض أخيراً، جرى خلاله التأكيد على أهمية نجاح مهمة المبعوث الرئاسي هوكشتاين، من أجل وقف التصعيد في لبنان والمنطقة، ما يعني بأنّ الزيارة لا تزال قائمة. مع الإشارة بأنّ اغتيال العاروري قد يُسرّع موعد زيارة هوكشتاين بعد أن كان محدّداً في غضون 10 أيّام من الآن.

"الإسرائيلي" يعتقد اليوم أنّه بعد خرق أمن الضاحية الجنوبية باغتيال القيادي الفلسطيني فيها، على ما شرحت الاوساط، يمكنه فرض شروطه على لبنان، ولا سيما على حزب الله في ما يتعلّق بسحب عناصره من نهر الليطاني، وجعلها منطقة عازلة من الأسلحة والسكّان، لتأمين أمن المستوطنات الشمالية في فلسطين المحتلّة. كما أنّه يعاني من مأزق تهجير أكثر من 70 ألف مستوطن عند الحدود مع لبنان. وهؤلاء المستوطنون لن يعودوا ما لم تعطهم حكومة العدو "ضمانات مؤكّدة" بأنّهم لن يتعرّضوا الى ما عاشوه جرّاء عملية طوفان الأقصى ، وفتح الجبهة الجنوبية كجبهة إسناد وإشغال عند الحدود اللبنانية.

ولهذا يريد العدو تطبيق ما ينصّ عليه القرار 1701 لجهة المنطقة العازلة المنزوعة السلاح، غير أنّه يخطىء في حساباته مجدّداً. كما أنّه لم ينفّذ ما يطالبه به القرار الأممي نفسه منذ 17 عاماً لجهة الانسحاب الفوري من الأراضي اللبنانية المتبقية، أي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من منطقة الغجر، بل يريد التفاوض على النقاط المتنازع عليها.

وأوضحت الأوساط نفسها أنّ لبنان يتحفّظ عن 13 نقطة حدودية كما هو معلوم، جرى التفاهم حول 7 منها، ويبقى هناك 6 نقاط، فضلاً عن نقطتي الـ "إي.وان" والـ "بي. وان" الواقعة عند رأس الناقورة، على أن يُعتمد عليها كمنطلق للاتفاق على الحدود البريّة المرسمة أساساً. ويطالب بالتالي بضرورة انسحاب "القوّات الإسرائيلية" من الأراضي اللبنانية المحتلّة. علماً بأنّ هوكشتاين يطرح تسليمها الى قوّات "اليونيفيل" كونها أراضي متنازعا عليها، في الوقت الذي يسعى فيه لبنان الى استرداد القرى السبع والـ 20 مزرعة المحيطة بها، التي تدخل ضمن الأراضي اللبنانية وفقاً للاتفاقيات الدولية التي عقدها الانتدابان الفرنسي والبريطاني، والتي جرى على أساسها رسم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلّة.

وفي حال وافقت "إسرائيل" على الانسحاب من الأراضي المحتلّة، ونشر القوّات الدولية فيها، فإنّ القرار 1701 يكون قد جرى تطبيقه بشكل تلقائي لجهة "إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلّحين ومعدّات وأسلحة، بخلاف الأفراد والمعدّات والأسلحة التابعين لحكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان"، على ما ينصّ عليه البند 8 من القرار المذكور.

غير أنّ حزب الله الذي أعلن على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله يوم الأربعاء أي بعد يوم من اغتيال العاروري في الضاحية الجنوبية، على ما تابعت الأوساط، بأنّه "إذا شنّت "إسرائيل" الحرب على لبنان، فردّنا سيكون من دون سقوف ومن دون ضوابط"، لن يوافق اليوم على الإنسحاب من منطقة الليطاني. كما أنّ لبنان لن يكون اليوم في صدد التفاوض بشكل نهائي مع هوكشتاين على مثل هذا الأمر، بعد أن وسّع دائرة اعتداءاته على لبنان، وانتهك السيادة اللبنانية، في ظلّ الشغور الرئاسي وعدم وجود رئيس للجمهورية يقوم بعقد الاتفاقيات الدولية. وقد تقدّم لبنان بشكوى شديدة اللهجة الى مجلس الأمن الدولي عن العدوان الإسرائيلي عليه، الذي خرق القرار 1701 وانتهك السيادة اللبنانية.

من هنا، تجد الأوساط عينها، أنّ الفرصة سانحة اليوم للتضامن الداخلي، والذهاب في أسرع وقت ممكن الى انتخاب رئيس الجمهورية تحصيناً للوحدة الوطنية والحفاظ على السيادة اللبنانية. فمع وجود الرئيس، تتشكّل حكومة فاعلة ومنتجة، ويمكن عندئذ للبنان الرسمي التفاوض بشكل غير مباشر مع "إسرائيل" على حدوده البريّة، شرط وقف الحرب أولاً. أمّا محاولة فرض "إسرائيل" شروطها على لبنان، من دون تنفيذ الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلّة، فلن يكون لها أي مفاعيل على أرض الواقع.


الأكثر قراءة

حزب الله يدشّن أولى غاراته الجوية... ويواصل شلّ منظومة التجسس ترسيم الحدود مع لبنان ورطة اسرائيلية... و«مقايضة» اميركية في رفح!