اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لطالما كان التعامل مع خطابات أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله يتم ضمن منهجية مختلفة، إن كان في زمن السلم أو في زمن الحرب، فما بين عملية ردع النار وعملية إدارة النار، يُتقِن السيد نصرالله جيداً دوزنة المعركة مع العدو، فعلى خلاف تفسيرات مواقفه كما هو مطلوب في الحرب الإعلامية والنفسية، يَعرف "الإسرائيلي" والأميركي ماذا يعني أمين عام حزب الله بكلامه ورسائله وتحذيراته وتهديداته، وهنا تكمن أهمية ما يقوله...

بعد تهديده للأميركي تحديداً في خطابه الأول في الحرب، ترك السيد نصرالله الميدان يحاكي "الإسرائيلي" في خطابه الثاني، إلا أنه عاد في خطابه الثالث ليُخاطب العدو من جبهته الرادعة له بسلاحه الخطابي، كصاروخ دقيق يصيب عمق الكيان ويَهزّه ويُذكِّره بحدود قدراته وبواقعه وبالعد التنازلي لزواله، فبحديثه عن الحرب بهذا الشكل بعد عملية اغتيال نائب رئيس المجلس السياسي في حركة حماس الشيخ صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت، والتماسه للنوايا العدوانية التوسعية ، دفعه لتذكير العدو بكلفة الحرب العالية جداً مع حزب الله بعد ردّه الذي سيكون قوياً ومؤذياً للكيان على جريمة الاغتيال في الشخصية والمكان..

يَعرف السيد نصرالله جيداً العدو ويَعرف ماذا يريد وما هي أهدافه. في المقابل، يَعرف هو ماذا يريد، يتعامل مع الأحداث كما تقتضي احتياجات المرحلة، يُقدِّر الموقف ويختار الفعل ليَزيد مأزق "الإسرائيلي" لا ليُخرجه منه، فبفعله دائماً يضع هدفين أمامه:

١- هدف استراتيجي نتائجه طويلة الأمد.

٢- هدف تكتيكي آني نتائجه قصيرة الأمد، يُثبّت من خلاله معادلات ويردع العدو.

في خطابه الاخير لم يتوجّه السيد نصرالله للعدو ليُزلزل وعيَه فقط، إنما خاطب الرأي العام العربي المأخوذ بالمشهد الإنساني "على أهميته" خلال ثلاثة أشهر من الحرب الصهيونية على غزة، ليشاهد الوجه الآخر مِن المعركة وما تَحقَّق من إنجازات قبل أن تنتهي حتى، صحيح أن هناك تضحيات، لكن في المقابل هناك إنجازات، فعدّد بعضها مما يُظهِر بعضاً مما حقّقته المقاومة في غزة وفي مختلف جبهات المحور، أي ما أنجزته ملحمة طوفان الأقصى على المستوى الإستراتيجي، فرؤية المشهد بكليّاته ضروري وأساسي في معركة الوعي، التي يُديرها السيد نصرالله بإعادة تصويب الرؤية ومسار الأمور باتجاهها الصحيح، حيث يقوم بلملمة الأحداث وتنظيمها، ليَعرف الرأي العام حقيقة المشهد ومركزية الأهداف التي تقوم على قاعدة: كل بناء يُقابله تهديم، ما يعني "حياة فلسطين يُقابلها نهاية "إسرائيل".

يُمسِك السيد نصرالله بتفاصيل المعركة، يَطْمئن لوضع الميدان، يَرسم المشهد الإستراتيجي بدقّة وعناية، يُعيد تكوين الوعي، يوازِن بين المصلحة الوطنية وموقع حزبه في محور المقاومة، ففي كلامه مَهّد للرد الموجِع على جريمة العدو باغتياله الشيخ صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت، وإن فكّرت "إسرائيل" بالرد على الرد، فالمقاومة تملك خيار المواجهة المفتوحة بدون ضوابط وأسقف، حيث تجعل العدو أمام خيار وحيد يُفقِده ورقة الحرب الكبرى، وأمام هكذا مشهد بتعقيداته ودقّته يضع أمين عام حزب الله أمامه أولوية تحقيق هدف النصر ولا يَحيد عنه أبداً، كما علّمنا دوماً أنه لم يُضيِّع الهدف يوماً... .


الأكثر قراءة

الضفة الغربيّة... إن انفجرت