اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في رأي المؤرخ الأنكليزي نيال فرغسون أن "الايديولوجيا الحديدية على شاكلة الحديد لا تلبث أن تصدأ لتتآكل، ثم لتتفكك أو لتتناثر". باحثون ومعلقون أوروبيون استعادوا هذا الرأي ليطرحوا سلسلة من الأسئلة، حول دور الايديولوجيا (التوراتية) في اصابة "اسرائيل" بالصدأ وبالتآكل، لتنتهي بالتناثر ...

كثيرون أخذوا على قادة الدولة العبرية استنساخهم شخصية دونكيشوت حين يتصرفون، خصوصاً أثناء الحروب، كما لو أنهم في أمبراطورية لا في دولة تدين ببقائها، وحتى بوجودها للولايات المتحدة، حتى انها في حرب ضد حركة مسلحة، لا تملك الدبابات ولا القاذفات ولا الغواصات، لم تتمكن من البقاء في الميدان سوى لأيام قليلة، قبل أن تستغيث بادارة جو بايدن لتزويدها بالأعتدة وبالقنابل، ناهيك  بالاحداثيات الاستخباراتية التي تمكّنها من المضي في القتال .

منذ عام 1948، هذه هي المرة الأولى التي تضطر فيها "اسرائيل" الى خوض حرب تمتد لأكثر من ثلاثة أشهر، دون تحقيق أي هدف سوى اللجوء الى تلك الطريقة الكلاسيكية بالتدمير المنهجي والأعمى للمدن وللمخيمات، مع عجز كلي عن "اطفاء النيران في صدور الفلسطينيين"، بحسب جنرال الاحتياط يارين ليفي، الذي يعتبر أن كل الضباط والجنود الذين سقطوا هم ضحايا قيادة مجنونة لا تتردد في "دفعنا الى الهاوية".

الحدث الأبرز الذي يعكس مدى التصدع داخل "القيادات الاسرائيلية" ، نزاع بين بعض وزراء مجلس الحرب ورئاسة الأركان حول تشكيل لجنة للتحقيق في أحداث 7 تشرين، بعدما كان بنيامين نتنياهو قد انتقد تقصير الأجهزة الأمنية في رصد الاستعدادات التي قامت بها حركة حماس لتنفيذ عملية طوفان الأقصى.

واذا كانت الحرب في لبنان قد دفعت ببنيامين نتنياهو، وهو نبي اليمين في "اسرائيل"، الى العزلة بانتظار الموت، كما دفعت بآرييل شارون الى الغيبوبة ليبقى 8 سنوات في الموت السريري، مؤشرات كثيرة تدل على أن حرب غزة قد تحمل نتنياهو على الانتحار على طريقة أدولف هتلر، وهو ما توقعه المحلل الاستراتيجي الأميركي بول بيلار .

بيلار تحدث عن اصابة جو بايدن بالشيزوفرانيا، اذ يدعو "الحكومة الاسرائيلية" الى الحد من وتيرة العنف ضد المدنيين الفلسطينيين، ثابر على مدها بكل ما يلزم للقتل والتدمير، مستغلاً حال الغيبوبة في العالم العربي، بعدما كان قد تنبّه الى التداعيات العالمية لما يحدث، ما يهدد ليس فقط "اسرائيل"، وانما ايضاً " مستقبل الشعب اليهودي".

في هذه الحال، من يراهن على الديبلوماسية الأميركية في التوصل الى حل الدولتين، أو في الحيلولة دون توسع الحرب لتفجير الشرق الأوسط؟ ها هو دونالد ترامب يلاحق بايدن بأسنان دراكولا . نائبه مايك بنس زار موقعاً للجنود الذين يحملون الجنسية الأميركية في جبهة الشمال، ليوقع على قذائف مدفعية موجهة الى المدن والقرى اللبنانية، مع عبارة "الله يبارككم". أي اله ذاك الذي يبارك القتلة ؟

زيارة أنتوني بلينكن لأنقرة، كأول عاصمة في جولته الشرق أوسطية، كانت للطلب من رجب طيب اردوغان الضغط على قادة حماس لوقف المواجهة، مع ضمان سلامتهم بالانتقال والاقامة في تركيا ، أي أن على هؤلاء القادة أن يرفعوا الرايات البيضاء لانقاذ نتنياهو، بالأحرى لانقاذ "اسرائيل" التي أظهرت يوميات الصراع مدى هشاشتها، ومدى قابليتها للانكسار (كعملاق تكنولوجي) حين تقاتل من يصمم على الوقوف في وجهها .

الدولة العبرية أمام أزمة وجودية. 169 قائداً عسكرياً سابقاً بعثوا برسالة تأييد الى هرتسي ليفي، وحيث الغضب في الميدان "نحن نحارب الأعداء ومجلس الوزراء يحاربنا".  هل نتوقع أن ينقض الجيش على الحكومة كسبيل وحيد للتخلص من "أعداء الداخل" ؟

الأميركيون خائفون من أن تتفلت الأمور من أيديهم . "الاسرائيليون" أبلغوا آموس هوكشتاين ما مؤداه "اذا لم يوجد حل ديبلوماسي لمهجري الشمال، لا بد من الحل الجراحي بتهجير سكان جنوب لبنان".

مشكلتنا مع أميركا ـ كنسخة عن القضاء والقدر ـ لا مع "اسرائيل". صديق قديم لجورج حبش قال لنا "حين تستطيع صواريخنا مثل صواريخ كيم جونغ ـ أون الوصول الى نيويورك، آنذاك يتغير الشرق الأوسط . الآن ... دوران في الحلقة المفرغة!

الأكثر قراءة

الضفة الغربيّة... إن انفجرت