اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

مرّ أكثر من ثلاثة أشهر على العدوان الصهيوني على غزة، مرّ أكثر من ثلاثة أشهر على الجنون والوحشية الإسرائيلية على أهل القطاع، مرّ أكثر من ثلاثة أشهر والعالم الذي يدّعي التحضّر والإنسانية يتفرّج على أشلاء الأطفال وعلى إبادة شعب بأكمله دون أن يحرِّك ساكناً، بل أكثر من ذلك يشارِك بغربه وبعض عربه في سفك دماء الشعب الفلسطيني، مرّ أكثر من ثلاثة أشهر على الأهداف التي وضعها العدو، وتوافرت له كل الإمكانات الأميركية لتحقيقها ولم يستطع ذلك، فلا قضى على حماس ولا استعاد أسيراً واحداً.

مرّ أكثر من ثلاثة أشهر على كل ما ذُكِر، وبما أن ما ذُكِر يُشير الى عدم قدرة "الإسرائيلي" على تحقيق أهدافه التي وضعها، اعتمد مبدأ الانتقال من مرحلة الى مرحلة، على قاعدة التكتيكات العسكرية وليس الأهداف السياسية، لذا كثر الحديث عن ثلاث مراحل:

- المرحلة الأولى: لها علاقة بالأحزمة النارية وكثافة النار والمجازر وتدمير البنية التحتية كمرحلة تمهيدية.

- المرحلة الثانية: دخول القوات البرية والمدرعات بهدف السيطرة الميدانية للعدو وتقييد هوامش المقاتلين الفلسطينيين.

- المرحلة الثالثة: وهذا ما يطلبه الأميركي ولو علنياً، التخفيف من المجازر والتدمير، باعتبار أن هذه العمليات باتت محرِجة لهما أمام الرأي العام العالمي، بالإضافة الى عدم تعريض "الجيش الإسرائيلي" للخسائر، والعمل على اختيار أهداف محدَّدة والاعتماد على العامل الاستخباري لتحقيق إنجاز في الاغتيالات.

أما عن الأهداف، فهيَ تَظهر عادة بنتائج المعركة وبما يتحقَّق، إن كان لناحية المحتل الإسرائيلي أو لناحية صاحب الأرض الفلسطيني، فهناك نتائج أولية يمكن قراءتها قبل نهاية الحرب، وبما أن "الإسرائيلي" رفع سقف الأهداف عالياً بشكل غير منطقي وواقعي، يمكن تفنيد ما حقّقه بعدوانه حتى اللحظة:

- أولاً: رغم استمرار وصول صواريخ المقاومة الفلسطينية الى "تل أبيب"، إلا أن العدو تمكّن من تقليص عدد الرشقات الصاروخية التي كانت تهدد غلاف غزة و"تل أبيب"، وهذا بفعل السيطرة الميدانية على جزء كبير من منطقة شمال قطاع غزة، وخاصة الأماكن المفتوحة.

- ثانياً: تمكّن العدو من تدمير البنية التحتية، مما صعّب على أهل غزة والمقاومة الحياة في الأماكن المأهولة.

- ثالثاً: أوجد العدو أزمة إنسانية بفعل الحصار والتهجير وقطْع المياه وتدمير المستشفيات، كجزء من عملية الضغط على أهل غزة من أجل إضعاف إرادتهم.

- رابعاً: تسبّب العدو بأزمة تهجير ونزوح لمئات الآلاف من الغزيين نحو الجنوب، والتي تُشكِّل عنصر ضغط بأي مفاوضات مقبلة مرتبطة بمصير الذين فَقدوا منازلهم.

أما الإنجازات التي حققتها المقاومة الفلسطينية وتُعتبر في الوقت نفسه إخفاقات صهيونية فهي:

١- تمكّنت المقاومة من إلحاق خسائر كبيرة في آليات وأرواح الجنود "الإسرائيليين"، والتي ستَمتد تداعياتها النفسية والاقتصادية الى وقت طويل.

٢- أظهرت المقاومة قدرة هائلة على الصمود والقتال، وتنوّعاً في التكتيكات العسكرية التي فاجأت العدو، ولم ينخفض مستوى أدائها طوال الفترة السابقة.

٣- تفوّقت المقاومة في الحرب الإعلامية، حيث تمكّنت من توثيق إنجازاتها بالصوت والصورة، مما أعطاها مصداقية أعلى من إدعاءات العدو واستعراضاته التمثيلية.

٤- تمكّنت المقاومة الفلسطينية وسجّلت رقماً قياسياً في أطول مدة حرب تُفرض على الكيان الصهيوني.

٥- استطاعت المقاومة الإحتفاظ بالعدد الأكبر من الأسرى ومنع العدو من تحقيق أهم أهدافه في تحريرهم.

٦- لم ينجح العدو حتى الآن في الوصول الى قيادات الصف الأول للمقاومة.

٧- تَجلّى التكامل والتنسيق بين فصائل المقاومة الفلسطينية، مما زاد في صلابتها وقدرتها على المناورة.

٨- فشل العدو في اختراق إرادة المواطنين أو إضعافها، بل أظهر أهل غزة نموذجاً نادراً من الصبر والجهوزية للتضحية والثبات والإيمان بخيار المقاومة.

هذه النتائج تفسر صلابة موقف المقاومة في المفاوضات، فالعدو الذي لم يستطع تحقيق أهدافه بقوة النار، لا يمتلك أوراق قوة تفاوضية تبرِّر التنازل له وفقاً لقواعد الميدان، هذا عدا  أن الخلل بدأ من البداية لعدم وضوح استراتيجيته في المعركة، مما حتّم طرح مجموعة أسئلة يصعب على العدو الإجابة عنها، نظراً لتناقضها مع الأهداف التي وضعها وهي: مَن سيفاوض العدو الإسرائيلي بموضوع الأسرى؟ كيف يريد إنهاء حماس وهي طرف أساسي بالتفاوض؟ كيف سيتعامل في اليوم التالي من الحرب؟

تُعتبر هذه عقدة في الإستراتيجية عند جيش الاحتلال، حيث أن هناك ضباط احتياط كبار يطالِبون قيادة الأركان بتحديد استراتيجيتها في المعركة، وهذا أمر غير واضح حتى اللحظة لدى "القيادة الإسرائيلية" نفسها بعد ثلاثة أشهر على بدء المعركة، لأنها بالأساس وضعت هدفيْن متناقضيْن: القضاء على حماس واغتيال قادتها، وفي الوقت نفسه إطلاق سراح الأسرى، وهنا يكمن "المأزق الإسرائيلي"...

الأكثر قراءة

سيجورنيه يُحذر: من دون رئيس لا مكان للبنان على طاولة المفاوضات الورقة الفرنسيّة لـ«اليوم التالي» قيد الإعداد حماس تؤكد: لا اتفاق من دون وقف نهائي لإطلاق النار!