اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

من بداية العدوان الصهيوني على غزة، كان واضحاً عدم وجود محظورات أمام "الإسرائيلي" في هذه الحرب بحيث كل شيء مُباح، من مجازر الى حدّ الإبادة، لتدمير بهدف الوصول الى أرض غير قابلة للحياة، الى الاغتيالات بهدف تحقيق إنجاز يَخرج به الى الرأي العام "الإسرائيلي" الضاغط على قيادته.

وصلت الحرب الى أعلى مستوياتها، تُستخدم فيها كل أنواع الحروب وفروعها بحرب واحدة، من تفجيرات واستهدافات واغتيالات، وهذا النوع يُعتبر جزءاً من هذه الحرب أو مكمِّلاً لها، ويَعتمدها العدو كمحاولة منه للتأثير على مسار المعركة، مع العلم أن الثابت الوحيد للتأثير في مسار الحروب هو الميدان.

ينظر "الإسرائيلي" الى أي عملية اغتيال كجزء من المعركة، فبالنسبة له قتْل قادة في المقاومة لها دور أساسي في الحرب، يَحد من تأثيراتها النوعية خلالها من الناحية العملية والمعنوية، رغم أنه خبِر بالتجربة بعد تاريخ طويل من الصراع، أن قدرة المقاومة لا تتأثر بهكذا عمليات، لأن طبيعة تنظيماتها ولاّدة وذات استمرارية ولا تقف بإغتيال قادتها، بل أكثر من ذلك يبقى حضور القادة في الميدان بخططهم بعد استشهادهم، وبما أنجزوه خلال فترة وجودهم في هذه المقاومة وبالمسؤوليات التي تولّوها أقوى، لذا يُعبّر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي عن ذلك بقوله إن قاسم سليماني الشهيد يُخيف العدو أكثر من قاسم سليماني الحيْ، وكما يقول أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله عنه أيضاً أنه حاضر بهذه المعركة بما قدّمه لفصائل المقاومة الفلسطينية ولمحور المقاومة ككل، وأيضاً عبّر السيد نصرالله بنفس السياق بعد استشهاد القائد عماد مغنية عندما قال: لقد ترك لكم عماد مغنية خلفه عشرات الآلاف من المقاتِلين المدرَّبين المجهَّزين الحاضرين للشهادة. ومن هذا المنطلق نرى كل حركات المقاومة الذين قَتَل العدو قادتهم أين كانوا وأين أصبحوا.. والدليل ما نراه اليوم من قدرات يمتلكونها في مواجهة العدو..

صحيح أن عمليات الإغتيال هي جزء من أي حرب، إلا أنها في واقع المعركة الحالية التي يعجز العدو عن حسمها، أرادها الكيان ليقول إنه يستطيع أن يَطال قادة المقاومة، ليَستخدم نتنياهو ذلك للتغطية على إخفاقاته في غزة بتغطية أميركية رغم تنصّلهم منها، إلا أن الجميع يَعلم أن هذا مطلبهم من بداية إنقلاب الرأي العام على الأميركي و"الإسرائيلي"، بعد ما ارتكبوه من مجازر وحشيّة بحق أهل غزة.

أما عن عملية إغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت، ورغم أهمية هذه الشخصية بمسيرتها ودورها، وبغض النظر عن فشل تكرار تجربة العدو لناحية الهدف المُراد من عملية الإغتيال، إلا أن "الإسرائيلي" أخطأ بحساباته لناحية اعتقاده أن حزب الله لا يريد ولا يستطيع الذهاب الى حرب كبرى أي "مردوع"، إلا أن الجواب جاء سريعاً على لسان السيد نصرالله عندما تحدّث عن حرب بلا ضوابط وبلا أسقف إذا اقتضت المصلحة الوطنية ذلك، فيحال شنّت "إسرائيل" حرباً على لبنان.

فرغم العمل بدون استراتيجية من قِبل العدو، يجد نفسه بمرحلة استدرجه إليها محور المقاومة وفقاً لرؤيته الإستراتيجية، التي تتخذ صفة حرب الإستنزاف التي يتم كسبها في الجولات والتراكم، حتى تتحقق هزيمة أميركا في سوريا والبحر الأحمر والعراق، وهزيمة "إسرائيل" في غزة واستنزافها، بهدف انتقال الأزمة الى بنيتها وساحة الإشتباك الى الضفة الغربية وأراضي ٤٨ تمهيداً لتحرير فلسطين من البحر الى النهر.


الأكثر قراءة

سيجورنيه يُحذر: من دون رئيس لا مكان للبنان على طاولة المفاوضات الورقة الفرنسيّة لـ«اليوم التالي» قيد الإعداد حماس تؤكد: لا اتفاق من دون وقف نهائي لإطلاق النار!