اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يعاني بعض الأهل من مشكلة حب طفلهم للعراك والمنازلة بحيث يقضي اوقات اللعب في مدرسته بالقتال مع رفاقه، وتصرف الطفل هذا يدفع الأهل الى مواجهة بعض الازعاجات الناتجة من سخط أهل الاولاد الآخرين. ويحار الأهل في أمرهم فلا سبيل لمنع الطفل من ممارسة هوياته العنيفة هذه وهم يخافون كذلك أن يفقد الطفل قدرته الدفاعية عن نفسه، ان هم عاقبوه بشدة.

كاختصاصية في علم النفس يعتبر تصرف الطفل هذا أمراً طبيعياً جدا. فمن الطبيعي أن يتعارك الطفل مع رفاقه في اثناء اللعب، تماماً كما تتعارك الحيوانات الصغيرة لتنمية قدرات اجسادها الدفاعية.

ففي سن الخامسة او السادسة، يعجز الطفل عن السيطرة على رغباته المتعددة، التي تصطدم برغبات الأطفال الآخرين في المدرسة. وهنا يكتشف الطفل وجوده الخاص وحدوده كذلك وجود الآخرين، لذلك يتعارك مع رفاقه ليثبت لهم وجوده، ويفرض عليهم احترامه. وهنا نجد الحدة الطبيعية ضرورياً ومفيدة للطفل، فهي تسمح له بفرض شخصيته وتقويتها.

وعلى الأهل أن يقلقوا من ابنهم السلبي الهادىء جداً، وليس على الشديد الحركة والذي، "لا يحتمل" فمن الأفضل الا يكون الولد، سواء كان بنتا او صبياً، ضعيفاً ومهزوماً، ودور الأهل هنا يتحدد بتدريب الطفل على الدفاع عن نفسه حين يتعرض لهجوم. وليس على مهاجمة الآخرين دون أي سبب، وهذا التصرف يساعده على الثقة بنفسه أكثر، وعلى فرض شخصيته أكثر وحين يصبح كبيراً ناضجاً، يصبح قادرا على التمييز بين الدفاع والاعتداء، ولا يخاف بالتالي من مواجهة الحقيقة.

والطفل الهجومي يصبح غير طبيعي، اذا كان يهاجم الأولاد بصورة مستمرة بسبب أو بدون سبب ويؤذي غيره والخطورة تكمن في تحوله الى ولد مؤذ وعنيف، لا يهتم حتى للعقاب الذي يفرض عليه. وهذه عادة مشكلة الصبيان الصغار، بعد ان اثبتت الدراسات والاحصاءات أنهم أكثر ميلاً الى الهجومية والعنف من الفتيات الصغيرات.

ان الطفل، الهجومي العنيف والمؤذي هو طفل يتألم في أعماق ذاته، لسبب من الاسباب، وهنا يجدر بالاهل، ان يستاءلوا عما اذا كانوا يحمّلون طفلهم اكثر من قدراته، مشقة التعرف الى مشاكلهم الحياتية سواء كانت خاصة ام زوجية، واذا كان الطفل يلقى الاهتمام والمحبة الكافيين أو لا، او حتى اذا كان رب العائلة كثير التغيب عن منزله، فيحاول هنا الطفل ملء الفراغ الذي يتركه غياب والده، وبالتالي يحاول ان يؤدي دور الأب. وكذلك على الأهل أن يحرصوا على عدم اظهار أي تفضيل لولد على ولد آخر. وعليهم كذلك تجنيب الطفل الالم الذي يمزقه اذا شعر بوجود أي خلاف بين والديه.

دور الأب والأم: ان موقف الأب والأم، ودورهما المشترك والفردي يؤدي الدور الاساس في هذا المضمار، فالولد ينتظر من أمه وأبيه تصرفاً معيناً. فدور الأب بالدرجة الاولى، هو دور المحامي القوي والمتفهم. وكذلك دور الأب الذي يحب زوجته وابنه اكثر من أي شيء آخر، فالاب يمثل "القانون" اي انه عندما يمنع بعض رغبات ولده العدوانية يحمي الآخرين منه. أما الأم فهي التي تطمئن طفلها بواسطة حنانها وتفهمها.

ومع ان هذه الأدوار تختلف كلياً، فمن البديهي جداً ألا تناقض اقوال وتصرفات الاب مع أقوال وتصرفات الام. فاذا شعر الولد بأن والديه يختلفان حول وجوب تأديبه ام لا، يحزن لانه يعتقد بأنه سبب خلاف والديه. ومع الوقت وتكرار الاختلاف يصبح الولد قلقاً، ويعتقد بأنه يفتقر الى المحبة والحنان، فتأتي ردات فعله بناء على ذلك، وكل طفل يعبر عن قلقه على طريقته. فهناك الطفل الذي يتعارك مع رفاقه، وذلك الذي يعود الى التبويل في فراشه، وآخر لا يعمل في الصف او يقضي يومه كله في الاكل. مهما كانت ردة فعل الطفل، علينا الا نكبتها والا تحولت الى عنصر مخيف وخطر مع مرور الزمن. فالعدائية المكبوتة ستنفجر في وقت ما ولكن بعنف أكبر.

اذن دور الأهل لا يكمن في عقاب الطفل وانما بتوجيه عدائيته بحيث تتحول الى عنصر دفاعي لا هجومي. وبالتخفيف من حدتها قدر الامكان. ولعل افضل وسيلة للوصول الى نتيجة سريعة في هذا المضمار، هي دفع الطفل الى ممارسة رياضة معينة او "شراكة" في نشاطات خلاقة. وكل هذا لا يوصل الى اي نتيجة، اذا أهملنا معالجة المشكلة من جذورها، اي تصحيح الاخطاء في العلاقات العائلية التي تمزق الطفل. فليس هناك في الدنيا طفل خبيث ومؤذ بطبيعته وانما الاجواء العائلية بالدرجة الاولى هي المسؤولة عن ذلك.


الأكثر قراءة

ملف الرئاسة: اللجنة الخماسية تحشر نفسها بالوقت فهل تنعى مهمتها في آخر أيار؟ قطر تجدد مساعيها من دون أسماء وجنبلاط الى الدوحة اليوم بدعوة رسمية جبهة الجنوب مرشحة للتصعيد... ومفاجآت حزب الله تنتظر العدو