اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في 19 تموز 2024 سقطت تل أبيب"، بل سقطت "اسرائيل" بيد الحوثيين. ما أدراك ما هم الحوثيون ! هؤلاء الحفاة والجوعى بالقفامات العالية بعلو جبالهم، لم يدخلوا منذ تلك اللحظة كقوة ضاربة في المعادلة الاقليمية، بل دخلوا التاريخ. ولقد اهتزت عظام الملك داود على مواقع التواصل "لكأن حجارة الهيكل الثالث قد تبعثرت".

 لو كان لدى بنيامين نتنياهو الحد الأدنى من أخلاقية رجل الدولة، لا أخلاقية قاطع الطرق، لقدم استقالته وقال "وحتى الى جهنم وليس فقط الى الزنزانة". لكن الضباع التي احترفت الولوغ في الدماء، احترفت أيضاً الولوغ في الوحول. آفي شلايم، المؤرخ "الاسرائيلي" واستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكسفورد البريطانية، قال "لم أعد أدري، تراني أغتسل من الدماء أم من الوحول".

 شلايم الذي حذرهم منذ البداية، بأن ايديولوجيا القوة مثلما هوت باسبارطة الى الخراب، هوت بروما أيضاً، بالرغم من عظمة القياصرة. كيف "لاسرائيل" البقاء (الأبدي) بالامكانات الجغرافية والديموغرافية المحدودة ؟ ليلاحظ كيف "أننا ومنذ الأيام الأولى للحرب، رحنا نلهث وراء ادارة جو بايدن لمدنا بالذخائر، والا كنا رفعنا الرايات البيضاء أمام يحيى السنوار ورفاقه".

 كيف لتلك الأدمغة التوراتية أن تقتنع بكونها ليست القوة الالهية، ولا الصنيعة الالهية، ولا الوديعة الالهية. هم كائنات بشرية مثل الآخرين، ومثل أترابهم اليهود الذين أدركوا أن من مقتضيات البقاء مد اليد الى الآخر، لا اقامة جدار النار مع الآخر. المسيّرة اليمينة فجرت "تل أبيب" بعد يوم واحد من تصويت "الكنيست" على رفض انشاء الدولة الفلسطينية، واعتبار الضفة جزءاً من أرض الميعاد، ما حدث في ذلك اليوم المقدس ايذان بأن الدولة الفلسطينية ستقوم على أنقاض الدولة العبرية.

 كالعادة، لا رد منطقياً ولا مقاربة منطقية لما جرى. ردة فعل الثيران، الثيران الهوجاء. دعونا نحن تستخلص الأمثولة من الأرض ومن الجو. هل يمكن لمسيّرة أن تقطع نحو 2000 كيلومتر وتعبر فوق الأساطيل وفوق القواعد وفوق الجنرالات وفوق القبب الحديدية، وتضرب كظاهرة عسكرية فذة؟

 جاك نيريا قال "آن الأوان لكي نحزم حقائبنا ( "أهلاً بك حيث ولدت في لبنان). لم تعد تجدي الملاجئ ولا القاذفات الشبحية بمواصفات الشيطان، في كسر ارادة المقاتلين الذي تقف الى جانبهم الأرض، وتقف الى جانبهم السماء، لأنهم انما يقاتلون من أجل خلاص كل من وقع ضحية ذلك الأخطبوط التوراتي.

 منذ عقود نبهتهم هيلاري كلينتون بأن دخول الصواريخ الى الترسانات العسكرية، لا بد أن يُحدث تغييراً نوعياً في موازين القوى. آنذاك انقضوا عليها في صناديق الاقتراع ليأتوا بذلك المهرج، الذي يهدد منذ الآن بالقضاء على الفلسطينيين. ما الفارق بين حماقة وبهلوانية بنيامين نتنياهو، وحماقة وبهلوانية دونالد ترامب، الذي يريد أن يبيع رأس فولوديمير زيلنسكي الى القيصر، لنسأل اذا كان فلاديمير بوتين، حليفنا الاستراتيجي، سيبيع رؤوسنا لذلك الرجل الفظ. الآتي من ليل الغانيات؟

 على ذاك الرجل يراهن زعيم الليكود لـ"تغيير الشرق الأوسط". المهم أن يستطيع البقاء على عرشه حتى 5 تشرين الثاني المقبل، في ظل الفوضى الانتخابية في الولايات المتحدة، وحيث ينتظر أن يغادر جو بايدن كبطة عرجاء، الى منتجعه على ضفاف الأطلسي في ولايته ديلاوير، لتحل محله كامالا هاريس (هل يتحول الصراع الانتخابي الى صراع بين البيض والسود)؟

 تغيير الشرق الأوسط بتفجير الشرق الأوسط. هكذا يفكر دونالد ترامب. لكن الجنرالات الذين منعوه من الاقتراب من الأزرار النووية أثناء ولايته، قد يمنعونه من الاقتراب من "أيام الجحيم" في المنطقة، وهي "خاصرتنا الرخوة".

 عين البنتاغون في مكان آخر. المكان الذي يهدد باخراج الولايات المتحدة من مقصورة القيادة باتجاه عالم متعدد الأقطاب، كنتيجة منطقية لجدلية التاريخ كما لجدلية القوة، حتى أن الجنرال البارز ديفيد بترايوس يحذر من أن يكون "خروجنا من هناك أكثر مأسوية من خروجنا من فيتنام وأفغانستان". مواكب التوابيت الطائرة...

 آلاف آلاف الصواريخ، وآلاف آلاف المسيّرات، وآلاف آلاف الرجال سيكونون في انتظار دونالد ترامب. الرصاصة الأولى أصابت أذنه (هو الذي قال بوب وودورد أنه ينفث النار من أذنيه)، أين ستكون الرصاصة الثانية التي مَن يطلقها يخشى أن يدفع الرجل بالأمن الاستراتيجي للولايات المتحدة الى حد السكين ؟ هو الآن على حد السكين...

الأكثر قراءة

كارثة عالميّة... خسائر بمليارات الدولارات... عطل تقني أم خرق سيبراني؟ ما هي خطط ترامب إذا عاد إلى البيت الأبيض؟ لبنان لن ينجو من «الرمادية»...ولكنه سيتفادى قطيعة المصارف المراسلة